الدكتورة ماريان جرجس تكتب : صباح الديمقراطية..صباح الوطن العزيز

تتفوق الدولة المصرية على نفسها يومًا بعد يومٍ ، وتزداد نضوجا ، وكأن مكتسبات ثورة يونيو باتت تترجم ذاتها على أرض الواقع ، حتي وصلت الدولة المصرية إلى هذا الحد من النضوج السياسي وحصدت تلك المكتسبات التي أثرت الحياة السياسية.
نجحت الدولة في إقامة انتخابات مجلس الشيوخ للمرة الثانية في هذا العقد، وكالعادة تميزت بالدقة والشفافية والنظام وكالعادة تواجد مراقبين دوليين وأفراد من منظمات غير حكومية ومراسلين أجانب وتم ذلك بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستعلامات التي تعمل بمهنية شديدة ، كما أشيد بدور الهيئة الوطنية للانتخابات التي تنظم قواعد البيانات لكل مصري خارج القطر المصري مما يسهل العملية الانتخابية ومشاركة المصريين بالخارج في الانتخابات ، ففي كل بلد وأمام كل صندوق انتخابي ، تؤكد مصر أنها أصبحت دولة مكتملة الأركان تنعم بحياة سياسية ثرية وأن صوت كل مصري يرسم ملامح الحياة النيابية والسياسية في مصر.
أمّا عن مجلس الشيوخ ، فهو الغرفة الهادئة الحكيمة ، الذي عاد مرة أخرى إلى الحياة النيابية وقد أثبتت التجربة أن الحياة النيابية التي تعتمد على غرفتين أكثر نجاحا من نظام الغرفة الواحدة ، فوجود الغرفة الثانية يضمن وجود فريق من ذوى الخبرات لتقديم الخبرة والنصيحة ومناقشة كل ما هو متعلق بالمعاهدات الدولية والقيم المجتمعية والمواطنة ، كما يخفض من حدة اللهجة بين البرلمان والحكومة .
وما يستحق الرصد على أرض الواقع ، هو وجود أنشطة حقيقية للأحزاب مؤخرا، وهو ما كان يثير حفيظتنا دائمًا ، وكنا دائما نعلق على كثرة العدد وقلة الأنشطة الحزبية الحقيقية ولكن ما رأيناه قبيل انتخابات مجلس الشيوخ من أنشطة وتجمعات من قبل بعض الأحزاب ما هو إلا انعكاس لظلال ألقته الدولة المصرية من مُناخ جيد وهو حصاد الكثير من الأشياء مثل الحوار الوطني ؛ تلك الحالة الحوارية التي استطاعت الدولة أن تتواصل من خلالها مع كافة فئات المجتمع وتجمعهم على طاولة واحدة ، هو نتاج الحالة الحوارية الدائمة بين القيادة والمواطن ، هو نتاج حرب الوعي التي خاضتها مصر لترتقي بالحياة السياسية وتجعلها أكثر ثراءًا.
ولأول مرة استطاع من هم من ذوى الاحتياجات الخاصة من فاقدي البصر والسمع ، التصويت باستقلالية كاملة وذلك لتوفير كارت برايل ولغة الإشارة واختيار اللجان في الأدوار الأرضية تسهيلا للإدلاء بأصواتهم.
يحق لنا اليوم أن نطمئن أن الحياة السياسية في مصر أصبحت قادرة على إفراز فصائل سياسية منظمة تستطيع امتصاص أي تغييرات تطرأ على المجتمع المصري حتى لا نقع في أخطاء 2011 مرة أخرى ولا نجد سوى أهل الشر هم الفصائل المنظمة فحسب .
استطاعت مصر اجتياز كل التحديات الصعبة بل أصبحت تتفوق على ذاتها وأصبحت قدوة لكل بلد عربي في مهنية وحرفية الأداء الانتخابي .

Trending Plus