الرئيس ترامب.. والطريق إلى "نوبل للسلام"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم بيشوى رمزى

جائزة نوبل للسلام.. تبدو الحلم الذي يتوق إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في لحظة دولية استثنائية، يشتعل فيها العالم شرقا وغربا، بينما يسعى الرجل إلى تنفيذ أهم وعوده الانتخابية وهو "صناعة السلام"، سواء في أوكرانيا، أو في غزة، بينما نجح بالفعل في وأد صراع كان قريبا بين الهند وباكستان، وهو الأمر الذي يحسب له، خاصة وأن اشتعال جبهة صراع جديدة في آسيا، وبين قوتين نوويتين، تزامنا مع التصعيد في الشرق الأوسط، وأوروبا الشرقية، سيكون بمثابة كارثة جديدة، سيترتب عليها مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية، في عالم يختنق، جراء عودة النزاعات المسلحة إلى الواجهة مجددا منذ عقود طويلة، في حين كانت له تجربة سابقة في كوريا الشمالية، ساهمت في تحقيق تقارب تاريخي مع جارتها الجنوبية في ولايته الأولى، إلا أنه لم يكتب لها الاستمرار مع خروجه من البيت الأبيض في 2021.


إلا أن الطريق إلى "نوبل" يبدو مرهونا بالصراعات ذات الأبعاد التاريخية، على خلفية ما تحمله من تشابكات وتعقيدات ذات طبيعة جيوسياسية، تثير الكثير من المخاوف، وهو ما ينطبق على حالتي أوكرانيا وغزة، فالأولى امتدادا للصراع بين روسيا والغرب، وهو ما تحاول واشنطن احتواءه، عبر سياسات، أبدى فيها الرئيس ترامب الكثير من الحكمة، من خلال مواءمات، تهدف بالأساس إلى تغيير موقع واشنطن، من كونها طرف في الصراع، إلى وسيط حقيقي، يسعى إلى كسب ثقة كافة الأطراف، وهو ما بدا في السياسات التي تبناها، منذ ولايته الأولى، والتي حملت قدرا كبيرا من التقارب مع موسكو، وهو الأمر الذي تواصل بعد ذلك خلال الولاية الثانية، مما أثار مخاوف حلفاء أمريكا التاريخيين في أوروبا الغربية.


وعلى الرغم من التوتر الذي شاب العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة، على خلفية الأزمة الأوكرانية، والموقف الأمريكي من روسيا، خاصة مع بدء الولاية الثانية لترامب، ناهيك عن قضايا أخرى، تتصدرها المسألة التجارية، إلا أن العلاقات الأوروبية مع واشنطن تبقى محكومة بثوابت يصعب تجاوزها، على الأقل في اللحظة الراهنة، وهو ما يقدم ميزة كبيرة للرئيس ترامب، للاحتفاظ بقدر من ثقة الأوروبيين، للقيام بدور فيما يتعلق بالصراع مع موسكو، على الأقل كوسيط، إن لم يكن كقائد في التحالف ضدها، مما يضمن لهم تحقيق أكبر قدر من التطمينات الأمنية، بالإضافة إلى بعض المكاسب السياسية، في مواجهة ما يرونه أطماعا توسعية من جانب الروس.


النزعة الحيادية التي تبناها الرئيس ترامب، وإن كانت غير مقنعة لبعض المتابعين أو حتى مستفزة للحلفاء، ساهمت في بعض التطورات، وإن كانت بطيئة، فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، فشهدت الأشهر الماضية جولات من التفاوض بين أطراف النزاع، قد تبدو متعثرة بعض الشيء، ولكنها تحمل مؤشرا إيجابيا، لا يمكن تجاهله، قد تساهم في الإنجاز حال ممارسة واشنطن لمزيد من الضغوط، سواء على روسيا أو الغرب، وهو ما تقوم به الإدارة منذ بداية حقبتها في يناير الماضي، وهو ما بدا في التوتر مع كييف، في مراحلها الأولى، ثم التلويح بمزيد من العقوبات على موسكو مؤخرا.


الحيادية الأمريكية تجلت كذلك في قضايا أخرى، منها على سبيل المثال الحديث المعتدل الذي تبناه الرئيس ترامب حول قضية سد النهضة وتداعياته على حياة ملايين المصريين، وذلك بالرغم مما أثاره شخصيا عن تمويل أمريكي للمشروع الإثيوبي، وهو ما يعكس حقيقة مفادها أن تلك النزعة ليست قائمة على مواقف موجهة تجاه قضية بعينها، وإنما تعد بمثابة نهجا يسعى من خلاله الرئيس الأمريكي إلى تعزيز دوره كـ"وسيط" موثوق به في كافة القضايا الدولية.


ولكن يبقى التساؤل: وماذا عن غزة؟؟ أو بالأحرى ماذا عن مستقبل الصراع في الشرق الأوسط؟؟


في الواقع، تبقى الحالة الإقليمية في منطقتنا بمثابة تحد صعب للإدارة الأمريكية، في ضوء العديد من المعطيات، ربما أبرزها قوة اللوبي الداعم لإسرائيل في الولايات المتحدة، من جانب، ناهيك عن كون الدعم المطلق للدولة العبرية بمثابة أحد أهم ثوابت الدبلوماسية الأمريكية من جانب آخر، إلا أن ثمة ظروفا أخرى من شأنها أن تمنح الرئيس ترامب مساحة أكبر للمناورة، لصناعة تاريخ لا يضاهى في سجلات السلام العالمي، تجاه قضية هي الأعقد والأكثر تشابكا في العصر الحديث، أهمها أن الرجل لا يسعى إلى ولاية جديدة، وبالتالي ليس لديه فواتير يرغب في سدادها لأي طرف من أطراف المعادلة السياسية في الداخل الأمريكي، وهو ما يمنحه ميزة التغيير في إدارة العلاقة مع الإقليم.


الرئيس ترامب، في واقع الأمر، استبق وصوله إلى البيت الأبيض بموقف بدا مرنا للغاية، عندما أرسل مبعوثه ستيف ويتكوف إلى المنطقة، للتأكيد على إصرار الرئيس المنتخب آنذاك على دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيز النفاذ، قبل تنصيبه، وهو الأمر الذي اضطر نتنياهو إلى قبوله مرغما، وهو ما يعكس رغبة عارمة في ترويض الحليف المدلل، الذي طالما رفض كافة النداءات الداعية لوقف الحرب الدامية، لشهور طويلة، وهو ما يعكس نية أمريكية واضحة لتبني موقف أكثر حيادية، إذا ما قورن بسلفه، جو بايدن، الذي لم تنجح الضغوط الكبيرة التي مارسها في تحقيق هدنة واحدة خلال 15 شهرا من الحرب في غزة.


ولعل النداء الذي أطلقه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الرئيس ترامب، داعيا إياه لبذل كل الجهود التي من شأنها إنهاء الحرب في غزة، يعكس ثقة كبيرة، من جانب القوى الإقليمية المؤثرة والمرتبطة بالقضية بصورة مباشرة، سواء في الدور الأمريكي، على اعتبار أن واشنطن تبقى القوى الدولية القادرة على فرض كلمتها على حلفائها، وهو ما بدا واضحا في مواقفها في مختلف مناطق العالم، بينما يؤكد في اللحظة نفسها ثقة كبيرة في قدرات الرئيس الأمريكي الشخصية في احتواء الأمور، باعتباره مدركا لمتطلبات المرحلة، خاصة فيما يتعلق بحاجة أمريكا الملحة إلى ترويض حلفائها، والذين باتوا في بعض الأحيان تهديدا صريحا لنفوذها وبقائها على قمة النظام العالمي.

وهنا يمكننا القول بأن النزعة الحيادية التي تبناها الرئيس ترامب تجاه أوكرانيا، وأزمة الهند وباكستان، وملف السد الإثيوبي، ومن قبل فيما يتعلق بقضية كوريا الشمالية، هي الطريق إلى جائزة نوبل، خاصة إذا ما واصل النهج نفسه في غزة، فالجائزة ربما لم تعد في حاجة إلى "قديسين" ليتوجوا بها، وإنما في حاجة إلى رجال أقوياء قادرين على قمع دعاة الحرب حفاظا على الاستقرار العالمي، حيث تبقى الحاجة ملحة إلى الضغط على الحليف للتوقف عن ارتكاب حماقاته في القطاع، والتي أسفرت عن انتهاكات قتلت آلاف البشر، بينما أدت إلى تشريد وتجويع الملايين منهم، وهو ما يتطلب موقفا حاسما وحازما يمكن من خلاله تعزيز شرعية القيادة الأمريكية، سواء في إطار ترويض الحلفاء المارقين، أو حتى فيما يتعلق بما أسميته في مقال سابق بـ"الشرعية الأخلاقية" التي بدت غائبة عن النظام الدولي في السنوات الماضية، ما نجم عنه حالة من الفراغ.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترامب يدرس إنشاء "قوة تدخل سريع" للتعامل مع الاضطرابات المدنية.. تفاصيل

مجلس الوزراء يوافق على تعديل بعض أحكام قانون حقوق ذوي الإعاقة.. إعفاء سياراتهم من الضريبة الجمركية والقيمة المضافة عن سيارة واحدة كل 15 عاما.. وحبس وتغريم من يتقدم للحصول على خدماتهم من غير المستحقين

وصول جثمان الدكتور على المصيلحى إلى مسجد الشرطة بالشيخ زايد

فيلم الشاطر لأمير كرارة يتخطى 76 مليون جنيه بدور العرض المصرية

ضرب وهتك عرض.. هاتف سارة خليفة يكشف عن فيديو لجريمة جديدة داخل شقتها


الزمالك : زيزو "مديون" للنادى وليس له مستحقات

مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية

موعد انتهاء التوقيت الصيفى.. استعد لتأخير الساعة 60 دقيقة هذا الموعد

بعد انتهاء الأزمة.. الأهلي ينتظر 3 ملايين دولار من صفقة وسام أبو علي

موعد المولد النبوى الشريف 2025 فلكيا


نتيجة تنسيق المرحلة الثانية.. إتاحة موقع التنسيق لمستنفدى الرغبات للتسجيل

تنسيق المرحلة الثالثة.. أماكن شاغرة بكليات آداب سوهاج وجنوب الوادى

تنسيق المرحلة الثالثة.. 50% حد أدنى للتقدم للشعبة العلمية والأدبية

تنسيق المرحلة الثالثة.. كليات الزراعة المتاحة لطلاب الثانوية العامة

موعد تطبيق زيادة الأجرة فى قانون الإيجار القديم.. تعرف على القيم الجديدة

لو هتاخد إجازة سنوية.. اعرف حقك فى قانون العمل الجديد

تغييرات مرتقبة فى الزمالك امام المقاولون العرب

تمويل المصروفات المدرسية من بنك ناصر الاجتماعى.. اعرف طريقة الحصول عليه

وزارة الصحة توجة رسالة مهمة للسيدات للكشف المبكر عن سرطان الثدى.. اعرفيها

لتخفيف الضغط عن العروبة وترسا.. بدء إنشاء محور الإخلاص بطول 5 كم فى الجيزة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى