تدهور الأوضاع الإنسانية فى السودان.. سكان الفاشر يواجهون الموت جوعاً بسبب الحصار.. المجاعة والمرض والعنف مثلث رعب يهدد حياة الأطفال.. وتقرير حقوقي يكشف ويوثق انتهاكات ميليشيا الدعم السريع بحق النساء في كردفان

الجوع والأمراض والعنف المستمر، مثلث مرعب، يعاني منه السودانيين، خاصة الفئات الأضعف منهم في ظل استمرار الحرب العنيفة التي تسبب في قتل الآلاف وخلقت أزمة نزوح لملايين من السودانيين.
ويعاني الأطفال في السودان، من ظروف قاسية ومريرة بسبب الحرب التي دخلت عامها الثالث، وأكد ممثل اليونيسف في السودان، أن الصورة فيما يتعلق بوضع الأطفال في السودان، قاتمة جراء استمرار النزاع، مشيرا إلى أنهم يموتون بسبب الجوع والمرض والعنف المباشر.
وزار شيلدون يت، ممثل اليونيسف، الأسبوع الماضي، ولايتي الجزيرة والخرطوم بعد أشهر من استعادة الجيش لهما من قبضة ميليشيا الدعم السريع، التي دمّرت خلال سيطرتها عليهما البنية التحتية المدنية، ضمن الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها، وفقا لصحيفة سودان تربيون.
وقال يت، في مؤتمر صحفي عُقد في قصر الأمم المتحدة بجنيف، إن "الأوضاع في السودان تتدهور بسرعة، حيث يموت الأطفال بسبب الجوع والمرض والعنف المباشر، ويُحرمون من الخدمات الأساسية التي يمكن أن تنقذ حياتهم".
وأشار إلى أنه شاهد خلال زيارته إلى الخرطوم والجزيرة الأثر الذي خلّفه النزاع على الأطفال والأسر، حيث رأى منازل ومبانٍ مدمّرة، كما رأى مستودع يونيسف في الخرطوم منهوبًا ومدمّرًا.
وأفاد تقييم نشرته الأمم المتحدة في 12 يوليو الماضي بارتفاع حالات القبول للعلاج من سوء التغذية الحاد الوخيم في الخرطوم بنسبة 174%، وفي الجزيرة بنسبة 683%، بعد أن أتاح تحسّن الأوضاع الأمنية وتحسّن الوصول الإنساني للأمهات طلب الدعم من المراكز الصحية.
وقال شيلدون يت إنه زار منطقة جبل أولياء التي تشكّل مع محلية الخرطوم 37% من عبء سوء التغذية في ولاية الخرطوم، كما أنهما الأكثر تضررًا من العنف المستمر والقيود المفروضة على الوصول الإنساني.
وأفاد يت بأن الوضع في السودان عبارة عن كارثة وشيكة، وقال: "أننا على حافة ضرر لا يمكن إصلاحه لجيل كامل من الأطفال، ليس بسبب نقص المعرفة أو الأدوات لإنقاذهم، بل بسبب الفشل في الاستجابة بالسرعة والحجم المطلوبين".
وأوضح أن العديد من شركاء يونيسف اضطروا إلى تقليص أنشطتهم في الخرطوم ومناطق أخرى في السودان بسبب نقص التمويل.
وطالب بضرورة الوصول إلى المناطق المحرومة من المساعدات مثل الفاشر بشمال دارفور، والدلنج وكادُقلي بجنوب كردفان، مشيرا إلى أن كل يوم يمر دون الوصول إليها يُعرّض حياة الأطفال لمزيد من الخطر.
ومن جهته كشف مركز حقوقى سوداني يحمل اسم "عدالة"، عن ارتكاب ميليشيا الدعم السريع انتهاكات تشمل الاغتصاب والاستبعاد الجنسي بحقّ النساء في جنوب كردفان، واصفًا إيّاها بالفظائع المنسيّة.
وقال المركز الحقوقي، في تقرير يغطي الفترة من أبريل 2023 إلى يناير 2025، إنه وثّق 23 حالة عنف جنسي في جنوب كردفان، منها اختطاف واغتصاب 11 امرأة، فيما البقيّة تعرّضن للاغتصاب والضرب والإهانة.
وكشف التقرير أن هذه الانتهاكات وقعت في الدلنج والدبيبات وقرى التنقل والعيّارة وحجر جواد، مشدّدًا على أنماط العنف ضدّ النساء شملت الاعتداءات في الطرق والمزارع، والاختطاف، والاستبعاد الجنسي.
وأوضح المشروع أنه وثّق تعرّض 5 نساء للاعتداء الجسديّ، مصحوبًا بشتائم عنصريّة في الدلنج ولقاوة، فيما تحدّثت تقارير عن اختطاف 18 امرأة، أفاد بأنه وثّق 4 حالات منها.
واتهم التقرير الحقوقي، ميليشيا الدعم السريع، والميليشيات المتحالفة معها باختطاف العديد من النساء والفتيات، وأخذهنّ إلى مواقع تسيطر عليها في محليّة القوز، حيث تعرّضن لجميع أنواع الانتهاكات، وأُجبرن على العيش في ظروفٍ مروّعة.
وكانت عناصر من الدعم السريع قد شنت هجوما في ديسمبر 2023 على قرى محليّة هبيلا، بما في ذلك التنقل والزلطاية، قبل أن تكرّر الهجوم على القريتين في فبراير 2024، ما أسفر عن مقتل 7 شبّان، واختطاف 13 فتاة جرى اقتيادهنّ إلى محليّة القوز، وفقًا للتقرير.
واعتبر التقرير استهداف الدعم السريع للنساء والفتيات من مجتمعات النوبة جزءًا من حملة عنف عرقي تهدف إلى إخضاعها، كما أن هجماتها على المجتمعات الزراعيّة في المنطقة تأتي في سياق استراتيجيّة متعمّدة للتجويع لذات غرض الإخضاع.
وذكر أنه مع تصاعد حالات الاغتصاب في الدبيبات، ارتفعت حالات الإجهاض غير الآمن، ممّا أدّى إلى وفاة العديد من النساء، واتهم التقرير الدعم السريع بمنع المواطنين من الخروج من الدبيبات عبر القوّة.
وتتّخذ الدعم السريع من الدبيبات قاعدة لمنع وصول الإغاثة والسلع والأدوية إلى الدلنج وكادُقلي ومناطق جنوب كردفان، حيث أدّى ذلك إلى شُحٍّ شديدٍ في المواد الغذائيّة، وارتفاع أسعارها، ممّا أجبر قطاعًا واسعًا من السكّان على تناول الحشائش البريّة من أجل البقاء على قيد الحياة.
وكشف التقرير أن أكثر من مليوني مدنيّ يواجهون خطر فقدان الغذاء والمياه النظيفة والدواء، في ظلّ الحصار الذي تفرضه الدعم السريع وحركات مسلحة متحالفة معها على كادُقلي والدلنج.
ومن جهته قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن سكان مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور يواجهون خطر الموت جوعًا في ظل انقطاع الوصول للمساعدات.
وقال البرنامج، في بيان، إن العائلات العالقة في الفاشر تواجه خطر الموت جوعًا مع انقطاع وصول المساعدات، مما يترك السكان دون خيار سوى الاعتماد على ما تبقّى لديهم من إمدادات محدودة من أجل البقاء على قيد الحياة.
وذكر أنه لم يستطع إيصال المساعدات برًّا إلى الفاشر على مدار أكثر من عام، فيما واصل تقديم الدعم النقدي إلى 250 ألف شخص لشراء الطعام المتوفر في الأسواق.

Trending Plus