"صرخات أمام عيون وقحة" 2 .. أسرة صفاء الجعب في مهب الريح بسبب شظايا صواريخ الاحتلال.. الطفلة شام قديح لا تجد علاجا أو حليبا.. والممرضة إيمان كوارع تفقد زوجها وثلاثة من أبنائها وتتلقى الخبر خلال عملها.. صور

<< إيمان النورى تفقد اثنين من أبنائها في مراكز توزيع المساعدات والثالث يرقد بالمستشفى
<< أكثر من 40 ألف طفل في القطاع أصيبوا بجروح مرتبطة بالحرب
<< الحروق والكسور تسيطر على جد دانية دهنون وتفقد كل أسرتها
<< استشهاد أكثر من 1580 من العاملين بالمجال الصحي
<< حلا الهنادي تعاني من مرض نادر والاحتلال يرفض سفرها للعلاج
<< استشهاد 467 من موظفي الإغاثة الإنسانية مع استمرار العدوان
قصف إسرائيلي كان كفيلا بتحويل حياة أسرة بأكملها إلى جحيم، الشظايا تخترق جسد الزوجة وطفلاها خلال إقامتها بخيمتهما في إحدى مراكز النزوح، الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل وصلت الإصابات للجنين في رحم الأم صفاء الجعب، الحامل في الشهر التاسع، وفي ظل الدمار الهائل في المنظومة الصحية أصبح علاجهما من تلك الإصابات أمرا صعبا.
اقرأ أيضا:
وزير التراث الإسرائيلى: تل أبيب ستدمر غزة والقطاع سيصبح يهوديا بالكامل
صواريخ الاحتلال تدمر مستقبل عائلة صفاء الجعب
اخترقت شظايا القصف الإسرائيلي رأس الابن مهند، وسببت له شلل في يده وكذلك بقدمه اليسرى، لم يعد قادرا على الحركة، بينما الأم فالشظية اخترقت ظهرها وأصبحت مهددة بالإجهاض حال عدم سرعة علاجها، بينما الابن الأخر مالك فقد بصره بعدما أصيب بشظايا في الرأس، ولم يستطع الأطباء التدخل الجراحي لمحاولة إعادة الإبصار.
أبناء صفاء الجعب
ووفقا للإحصائية الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومى في غزة، فإن هناك 12400 شهيدة، وصل منهن للمستشفيات 8968، وهناك 7950 أم شهيدة، بجانب أكثر من 300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل، بسبب نقص العناصر الغذائية الضرورية من بين 60,000 سيدة حامل مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية.

جرائم الاحتلال في حق السيدات والأطفال
وفي دليل أخر يكشف تعمد الاحتلال استهداف الأطفال، في ظل انهيار المنظومة الطبية التي لم تعد قادرة على علاج المصابين، أكد مجمع الشفاء الطبي، في 10 يوليو، أن ️الأطفال باتوا من الفئات الرئيسية المستهدفة من الاحتلال، خاصة أن قصف مركز طبي في دير البلح يأتي ضمن الجرائم المتواصلة ضد أطفال القطاع.
أسرة صفاء الجعب
العديد من المستشفيات لم تعد قادرة على العمل وعلاج المرضى بسبب نقص الوقود، وهو ما تؤكد عليه منظمة أوكسفام في بيانها الصادر في 15 يوليو بأن إسرائيل تمنعها من إدخال الوقود إلى غزة، موضحة أن تل أبيب لا تقدم أي مبررات للمنع من تقديم دعم في القطاع، خاصة أن المنظمة لديها أطنان من المساعدات الخاصة بالوقود لا يسمح الاحتلال بإدخالها.
شام قديح ابنة العامين.. جسدها ينتفخ بسبب سوء التغذية ولا تجد علاجا
ظلت الأسرة تنتظرها لتسعة أعوام، حظها لم يكن مختلفا عن أقرانها الذين ولدوا مع بداية الحرب، لتجد نفسها وهي في اليوم الأول للحياة، تشاهد أصعب عدوان ومجازر على القطاع، احتلال لا يحرم صغيرا أو كبيرا يستخدم كل الأسلحة سواء القتل أو الجوع لارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.
الطفلة شام قديح
الطفلة شام قديح، التي لم تُكمل عامها الثاني، أصبحت الآن تختفى أمام أعين أهلها بعدما أصبح وزنها لا يتعد الـ4,5 كيلو جرام، في ظل سوء التغذية الحاد والتضخم في الكبد، وسط صرخات أهلها كي يجدون من ينقذها حتى لا تلحق بـ 69 طفلا استشهدوا بسبب الجوع، بينما هناك أكثر من 650 طفلا دون سن الخامسة يواجهون خطر حقيقي من سوء التغذية الحاد خلال الأسابيع المقبلة.
رقدت شام قديح بجسدها في أحد أسرة مستشفى ناصر الطبي بخان يونس، فيما عجز الأطباء عن التدخل لتحسين حالتها الصحية في ظل عدم توافر الأدوية الخاصة بتضخم الكبد، أصبح جسدها منتفخا بسبب سوء التغذية، عندما تراها تشعر بأنها صورة تعود لمجاعات العصور الوسطى، إلا أن هذه الصورة تخص بمجاعة يشهدها القطاع في عام 2025.
شام قديح
تؤكد والدة شام قديح، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنها كانت تسعى لتوفير الطعام لابنتها عن طريق التكيات أو بعض المكملات الغذائية التى توزع في النقاط الطبية، مشيرة إلى أن الأسرة لا تستطيع شراء الطعام الذي يصل لأسعار خيالية وليس لديهم القدرة على شراء بعض الاحتياجات.
"كنت أرضع ابنتى طبيعي ولعدم توفر الحليب انقطعت فترة عنه وعند توفيره لها لم تتقبله مرة أخرى، إلا أنه الآن غير متوفر"، هكذا تشرح والدة شام قديح أسباب وصول حالة ابنتها لهذا السوء الصحي في ظل احتياجها الشديد للسفر للعلاج في الخارج، موضحة أنها انتظرت ابنتها منذ تسع سنوات مرت بها بمراحل آلم وصعوبات شديدة حيث إنها الطفلة الثانية لأختها الكبيرة.
وتشير إلى أن الأطباء ليس لديهم أي علاج لابنتها لعدم القدرة على تشخيصها داخل غزة، وحصلت على تحويلة طبية منذ عام ولكن لم يحالفها الحظ للسفر حتى الآن، وتحتاج إلى طعام وحفاضات وبعض الاحتياجات الضرورة لتخفيف آلامها.
الطفلة الفلسطينية شام قديح
وتشرح والدة شام قديح صعوبات الحياة التي تواجه الأسرة داخل القطاع في ظل استمرار الحرب، قائلة :"نعيش في خيمة والطفلة لا تتحمل حرها ولا تتأقلم معه، تبدأ نهارها بالبكاء والصراخ من شدة الحرارة، ونعاني كثيرا مع الأسرة في النزوح المتكرر بجانب توفير احتياجات ابنتي، ونزحنا حوالي 10 مرات أو أكثر، و نواجه صعوبات كثيرة في الطعام وفي المياه وفي بعض الأحيان لم نحصل عليها، والمياه شحيحة ونشتريها بالمال ولا يوجد شئ بدون مال".
وتوجه رسالة للمجتمع الدولى الصامت على تلك الجرائم :"رسالتي لكل ضمير حي لكل قلب رحيم رأفة بقلبي وقلب ابنتي ساعدوني في إنقاذ حياة شام قديح قبل فوات الآوان أترجاكم افعلوا ما بوسعكم وأخرجوها من هنا لعلاجها".
والدة شام قديح تحدثت عن صعوبة الحصول على مياه الشرب، وهو ما تطرق له المكتب الإعلامى الحكومى في إحصائياته عن الحرب في 14 يوليو، بأنه في واحدة من أبشع الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسانية، يواصل الاحتلال شن حرب تعطيش ممنهجة ومدروسة ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، وفي انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية والإنسانية، ويُستخدم فيها الماء كسلاح حرب جماعي لإبادة السكان وتجريدهم من أبسط حقوقهم الأساسية.
وأكد استهداف الاحتلال 112 مصدرا لتعبئة المياه العذبة، حيث ارتكب مجازر بحق مئات المدنيين في طوابير تعبئة المياه، معظمهم من الأطفال الذين كانوا يسعون للحصول على ماء للشرب، وكان آخرها مجزرة المخيم الجديد شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غز، حيث قتلت إسرائيل 12 شهيداً بينهم 8 أطفال، كما دمر متعمّداً 720 بئر مياه وأخرجها عن الخدمة، وهو ما أدى إلى حرمان أكثر من مليون وربع المليون إنسان من الوصول إلى المياه النظيفة.
وأشار إلى منع تل أبيب إدخال 12 مليون لتر من الوقود شهرياً، وهي الكمية اللازمة لتشغيل الحد الأدنى من آبار المياه ومحطات الصرف الصحي وآليات جمع النفايات وباقي القطاعات الحيوية، وهذا المنع تسبّب في شلل شبه كامل في شبكات المياه والصرف الصحي، وفاقم من انتشار الأوبئة، خاصة بين الأطفال.
وأوضح أنه منذ 23 يناير 2025، قطع الاحتلال مياه "ميكروت" – آخر المصادر الأساسية التي تغذي محافظات غزة بالمياه – مما ضاعف من مأساة العطش والمعاناة اليومية، و في 9 مارس 2025، قطع آخر خط كهرباء كان يغذي آخر محطة تحلية للمياه المركزية وتقع جنوب دير البلح وسط غزة، ما أوقف إنتاج كميات كبيرة من مياه الشرب، وزاد من تفاقم الأزمة المائية الخانقة.
ولفت إلى أن القطاع اليوم يشهد جريمة تعطيش كبرى ينفّذها الاحتلال بطريقة مُتعمدة ومنهجية، في ظل صمت دولي مطبق ومشاركة مباشرة وغير مباشرة من دول أوروبية وغربية متورطة في دعم الاحتلال أو التواطؤ معه في جريمة الإبادة الجماعية، التي لم يعد يخفى على أحد أركانها ومقوماتها الواضحة، وأبرزها التجويع، والتعطيش، والحرمان من الدواء والمأوى والماء، مطالبا بضرورة وقف حرب التعطيش فورا وضمان وصول المياه للسكان المدنيين دون أي عوائق، والضغط على إسرائيل لإدخال الوقود والمعدات اللازمة لتشغيل آبار المياه ومحطات الصرف، وفتح تحقيق دولي عاجل في جريمة التعطيش، باعتبارها جزءاً من منظومة الإبادة الجماعية المستمرة ضد المدنيين في قطاع غزة.
الممرضة إيمان كوارع تواجه نفس مصير آلاء النجار..استشهد زوجها وأبنائها وتسمع الخبر خلال عملها
وفي واقعة أخرى تشبه ما حدث لعائلة الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، واجهت الممرضة إيمان كوارع نفس المصير، بعدما كانت تؤدى عملها في إحدى العيادات الطبية لتفجع بخبر وفاة زوجها الطبيب أحمد صلاح وأولادها الثلاثة بعد استهداف خيمتهما في منطقة المواصى بخان يونس.
الممرضة الفلسطينية إيمان كوارع
نقاط تشابه كثيرة بين قصة آلاء النجار وإيمان كوارع، التي كانت تؤدى عملها مثل الأولى وهي تسمع الخبر، زوجها أحمد صلاح كان قد أنهى عمله في غرف عمليات مجمع ناصر الطبي، ليعود إلى خيمة ليتولى رعاية أبنائه بينما تذهب الزوجة لإحدى العيادات التي تعمل فيها، ما لبث أن ذهبت إلا وسمعت أقاربها يخبرونها بأسوأ خبر في حياتها، حيث فقدت حبيبها وأقرب الناس إليها رفقة أبنائها، لتذهب مسرعة إلى مستشفى ناصر وتجد جثثهم ممددة على الأرض.
إيمان كوارع
التفت العائلة حول "إيمان" وهي تمسك بجثامين الشهداء وتبكي بحرقة، حاولوا تخفيف آلامها، تنظر الممرضة إلى الزوج وذكريات السعادة والفرح التي عاشتها معه، وتودعه مع أبنائها الثلاثة إلى مثواهم الأخير بينما لم تتمكن من إلقاء النظرة الأخيرة على وجوههم بعد أن كفنتهم الفرق الطبية تمهيدا لدفنهم.
الممرضة إيمان كوارع
هنا يتحدث الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، عن ما تقدمه المنظومة الطبية في غزة، والتي وصفها بالجيش الأبيض، قائلا إنهم أيدي نظيفة بيضاء يستقبلون أبناء الشعب الفلسطيني طول فترة الحرب، ويسهرون طوال ليالى الحرب ويعملون على مدار الساعة لراحة المصابين والمرضى ، وهؤلاء يستحقون كل الاحترام والتقدير، حيث يعملون في ظروف صعبة للغاية في ظل ضيق العيش وقلة في الرواتب واستهداف متكرر لأماكن العمل من قبل طائرات الجيش الإسرائيلي، وتعرضوا هم وأسرهم للاعتقال وجرحوا واستشهدوا وعملوا في ظل قلة الأدوية وحصار وقلة مستلزمات طبية، وما زال منهم عددا كبيرا مصابا ومعاقا وعلى رأس عمله".
ويوضح في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن حال الأطقم الطبية والتمريضية والمهن الصحية لا يختلف عن حال باقي المواطنين داخل القطاع، حيث إن عدد كبير منهم سكن الخيام، وكثير منهم نزح من مكان لمكان، وبعضهم استقبل أزواجه وأبنائه وأحفاده بالمستشفى شهداء أو مصابين، أو يعود الطبيب لمنزله ويرجع المستشفى التى يعمل بها إما شهيدا أو مصابا، بالإضافة إلى معاناتهم من الظروف الصعبة للحياة داخل الخيام مثل قلة في المواد الغذائية.
إيمان النوري.. انتظرت مجئ أبنائها بالطعام فعادا شهيدين والثالث يواجه الموت
وإذا ذهبنا إلى الأم "إيمان النوري"، التي فقدت ابنيها أمير وعمر اللذان ذهبا لمراكز توزيع المساعدات لإحضار الطعام للأسرة فعادا جثة هامدة، لم يبق لها سوى الطفل سراج صاحب العامين ونصف، والذي نجى من تلك المجزرة، إلا أنه يرقد في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، بعد إصابته في الرأس والعين برصاص الاحتلال.
الطفل سراج
الحالة الصحية لسراج أصبحت خطيرة للغاية بعد أن أحدثت الرصاصة الإسرائيلية بكسور في الجمجمة، وفقع حدى عينيه، بينما قد يفقد الأخرى في أية لحظة في ظل نقص المستلزمات الطبية، إلا أنه حال تمكنه من العلاج بالخارج قد يحافظ على هذا الأمل.
إيمان النوري تصرخ كل يوم وهي تجلس بجوار ابنها في المستشفى، ولسان حالها " راحوا أولادي الاثنين وكذلك الثالث والله بأموت"، الابن الثالث كان ينتظر عمر وأمير يعودان بالطعام لكنه وجد نفسه وحيدا مصابا راقدا على سرير المرض، تخشى والدته بأن يلحق بأشقائه.
وسلطت وكالة الأونروا الضوء على تعمد الاحتلال استهداف الأطفال، عبر تقريرها الصادر في 15 يوليو، قدرت فيه قتل الاحتلال يوميا منذ 7 أكتوبر 2023 ما يعادل صفا دراسيا كاملا من الأطفال، حيث يراوح عدد طلاب الصف بين 35 إلى 45.
وأضافت الوكالة الأممية، أن هناك القليل للغاية من الإمدادات العلاجية لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، حيث إن المواد الأساسية نادرة في القطاع، بعدما فرضت السلطات الإسرائيلية حصارا مشددا يمنع دخول المواد الغذائية والأدوية والإمدادات الطبية والغذائية ومواد النظافة، بما في ذلك الصابون، ولم يتم السماح للأونروا وهي أكبر منظمة إنسانية في غزة بإدخال المساعدات الإنسانية منذ 2 مارس.
جرائم الاحتلال وفي مراكز توزيع المساعدات سلط المطتب الإعلامي الحكومى بغزة الضوء عليها عبر بيانه الصادر في 16 يوليو، الذي نفذ في هذا اليوم مجزرة مروعة بحق المُجوّعين خلفت 21 شهيدا، وحاول عبثاً الهروب من مسؤولية واحدة من أبشع المجازر المنظمة التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين منذ بداية الإبادة الجماعية، واستشهد 15 بالاختناق، و6 شهداء بإطلاق الرصاص المباشر بقصد القتل، إضافة إلى عدد كبير من المصابين، في ظروف ووقائع دامغة وواضحة تكشف حجم الجريمة.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومى، أن مؤسسة غزة الإنسانية – الشركة الأمريكية المسئولة عن توزيع المساعدات - ليست جهة إنسانية ولا تحمل أية معايير مهنية أو أخلاقية للعمل الإغاثي، بل هي أداة أمنية واستخباراتية خطيرة تم تصميمها لخدمة أجندات الاحتلال، وتُدار بطريقة قاتلة، حيث تمثل في ممارساتها نموذجاً لمصائد الموت الجماعي تحت غطاء مزيف للعمل الإنساني.
وكشف تفاصيل المجزرة، حيث دعت المؤسسة مئات آلاف المواطنين لاستلام مساعدات عبر مركز أطلقت عليه SDS3 جنوب غزة، ثم عمدت إلى إغلاق البوابات الحديدية بعد تجميع آلاف المُجوّعين في ممرات حديدية ضيقة مُصممة عمداً لخنقهم، ليرش موظفو المؤسسة وجنود إسرائيل برش غاز الفلفل الحارق وإطلاق النار المباشر على المواطنين الذين استجابوا لدعوتهم للحصول على مساعدات، ما أدى إلى اختناقات جماعية وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء على الفور في مكان الجريمة، وإصابة العشرات، نتيجة التدافع في مكان مغلق وبلا مخرج ومصمم للقتل.
ونقل شهادات 14 شاهد عيان ممن تواجدوا في المكان، حيث تطابق الرواية حول ما جرى من جريمة ضد المُجوّعين المتواجدين في مسرح الجريمة، كما نشر المكتب الإعلامي الحكومي سابقاً بشكل مُوثّق قيام عناصر المؤسسة الأمريكية بإطلاق النار بشكل مباشر على المواطنين، ونُشرت مشاهد مرئية تثبت هذه الوقائع الدموية في وقت سابق، محذرة أن هذه ليست الحادثة الأولى، حيث بلغ عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة ممارسات هذه المؤسسة أكثر من 870 شهيداً، وأكثر من 5,700 إصابة و46 مفقوداً، نتيجة لأسلوبها المميت في العمل المصمم للقتل، مما يجعلها شريكاً فعلياً في سياسة الإبادة الجماعية والتجويع التي يقودها الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني.
وأكدت أن هذه المؤسسة تفتقر كلياً إلى المبادئ الأساسية للعمل الإنساني، وعلى رأسها الحيادية، الاستقلالية، الشفافية، الإنسانية، وكذلك القدرة المهنية على توفير المساعدة الآمنة والمستمرة، بل تُغلق مراكزها لأيام وأسابيع دون إنذار أو بديل، في ظل إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات، وترفض تحمل أدنى مسؤولية، وتُصر على العمل بعقلية عسكرية أمنية استخباراتية موجهة لإخضاع وإذلال وتجويع الناس لا إنقاذهم.
وحمل المكتب، الاحتلال الإسرائيلي والشركة الأمريكية والممولين الداعمين لهم كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية والجنائية عن كل قطرة دم سالت نتيجة ما تسمى عمليات "توزيع مساعدات"، مطالبا المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، والمنظمات الدولية والحقوقية والقانونية، والمؤسسات الأممية، بوقف عمل هذه الجهة فوراً، وإجراء تحقيق مستقل وشفاف في جميع الجرائم التي تورطت فيها، ومنعها من مواصلة العبث بحياة وأرواح المدنيين.
دانية دهنون تصرخ من الحروق والكسور وتعيش وحيدة بعد فقدان كل أسرتها
قصتنا الحالية لأسرة كانت مكونة من 8 أفراد، فجأة جعلها الاحتلال فردا واحدا، حيث صاروخا طائشا سقط على منزلهم قتل الأب والأم و5 أبناء، لتبقى دانية المدهون وحيدة تبحث عن ذكريات عائلتها بين أطلال منزل مدمر، تتذكر الذكريات السعيدة التي جمعتهما قبل الحرب، والمآسي التي لقوها مع بداية العدوان.
عائلة "دانية" لم تستشهد مرة واحدة، بل الأب والأم استشهدا على فور بينما ظل أخوتها الخمسة يعانون من آلام الإصابة لتفقدهم الطفلة واحد تلو الأخر كانت أخرهم شقيقتها أسيل، التي فقدتها منذ أسابيع قليلة لتجد نفسها بمفردها تعانى من حروق تملأ جسدها نتيجة هذا القصف.
ضحايا حرب الإبادة الجماعية في غزة
تتنقل "دانية" من مستشفى لأخرى لمحاولة السيطرة على الكسور التي تعرضت لها نتيجة الصاروخ الإسرائيلية لكن دون فائدة، أجريت العديد من العمليات الجراحية الفاشلة، لا تجد من يرافقها في المستشفى، ولا زالت تصرخ من أجل أن يسمع العالم صوتها ويستطيع إيقاف تلك الحرب ويمكنها من السفر للعلاج خارج القطاع.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومى في غزة، أن الاحتلال ارتكب أكثر من 15 ألف مجزرة منذ بداية العدوان، تسبب في إبادة أكثر من 14 ألف عائلة ، موضحا أن هناك 2483 عائلة أبيدت بشكل كامل من السجل المدني بواقع 7120 شهيدا، وكذلك 5620 عائلة مسحت وتبقى منها ناجي واحد بعدد 10151 شهيدا، وأكثر من 60% من الشهداء هم الأطفال والنساء والمسنين.
"تصلب الجلد الجهازي" ينهش جسد حلا الهنادي وسط رفض الاحتلال علاجها في الخارج
بينما الطفلة "حلا الهنادي"، صاحبة الأربع أعوام، تواجه مرض نادر وهو تصلب الجلد الجهازي، هذا المرض الذي يضرب جسدها في ظل منظومة صحية متهالكة لا تستطيع أن تقدم لها أي علاج يستطيع أن يخفف آلامها، هذا المرض الذي أخفى ملامح طفولتها خاصة أنه يمنع نموها وجعل وزن جسدها لا يتجاوز ستة كيلو جرام .
الطفلة حلا الهنادي
مع نقص الطعام الشديد، واستمرار الحرب ساءت الحالة الصحية لحلا الهنادي، ورغم حصولها على أربع تحويلات للعلاج خارج غزة، إلا أن غلق إسرائيل للمعابر ورفضها خروج المرضى والمصابين يجعلها تواجه الموت كل يوم، ويزداد نهش هذا المرض في جسدها.
ووفقا لتقرير صادر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان بفلسطين في ديسمبر الماضي، أكد أن المرضى المصابين بأمراض مزمنة يحتاجون إلى توفر الأدوية والعلاجات المناسبة بشكل دائم، وتأخرهم عن تناول الدواء يفضي إلى تدهور أوضاعهم الصحية، ويعرض حياتهم لخطر الموت، مؤكدا أن العدوان الإسرائيلي على القطاع وضع هؤلاء المرضى في مواجهة خطر الموت، بسبب ضعف الخدمات الصحية من جهة، ونفاد الأدوية من جهة أخرى، بجانب نقص الغذاء وعدم قدرتهم على تحمل تكلفة شراء ما قد يتوفر من طعام، بسبب انتشار الفقر وتكرار نزوح مئات الآلاف منهم.

Trending Plus