وزارة الداخلية تُلاحق جرائم التيك توكرز.. ابتذال وغسل أموال بملايين الجنيهات.. الشرطة تحارب جرائم المحتوى الهابط بتحقيقات موسعة والتحفظ على فيديوهات خادشة.. وملايين ومجوهرات وتحويلات أحراز القضايا

تواصل وزارة الداخلية حملاتها المكثفة لملاحقة صناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، المعروفين بـ"التيك توكرز"، الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء، واختاروا طريق الابتذال والإسفاف، طمعًا في مشاهدات وأرباح على حساب القيم والأخلاق العامة.
الداخلية لا تستهدف فقط المحتوى المسيء، بل تلاحق أيضًا المسارات المالية المشبوهة التي تتحول فيها الأرباح غير المشروعة إلى كيانات ظاهرها قانوني وباطنها غسيل أموال.
في أحدث هذه الوقائع، نجح قطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، بالتنسيق مع أجهزة وزارة الداخلية المعنية، في ضبط صانعة محتوى تقيم بدائرة قسم شرطة المطرية بالقاهرة، ثبت تورطها في إنشاء وإدارة صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدامها في نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء العام وتتنافى مع قيم ومبادئ المجتمع المصري.
التحقيقات كشفت أن المتهمة اعتمدت على تلك المقاطع في جذب نسب مشاهدات مرتفعة، بما يحقق لها أرباحًا مالية ضخمة بطرق غير مشروعة، ثم عمدت إلى غسل هذه الأموال عبر شراء وحدات سكنية بهدف إضفاء طابع قانوني وشرعي على هذه العائدات، في محاولة لإخفاء مصدرها الحقيقي. وقدرت الجهات المعنية حجم عمليات غسيل الأموال التي قامت بها المتهمة بمبلغ يقارب 15 مليون جنيه، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.
جهود مستمرة ورصد متطور
اللواء علاء الدين عبد المجيد، الخبير الأمني، أكد في تصريحات لـ"اليوم السابع" أن وزارة الداخلية تبذل جهودًا مضنية في التصدي لهذه الظاهرة التي تهدد النسيج الأخلاقي للمجتمع، مشيرًا إلى أن هناك تطورًا نوعيًا في أدوات الرصد والتحقيق التي تستخدمها الوزارة.
وقال عبد المجيد إن "الداخلية لا تكتفي بالمواجهة الميدانية، بل تعمل على تتبع المسارات المالية لهذه الشبكات الإلكترونية، لكشف جرائم غسل الأموال، بالتعاون مع جهات رقابية أخرى". وأضاف أن "الوزارة تمتلك حاليًا فرق متخصصة في تحليل المحتوى وتتبع مصادر التمويل، وتلك الوحدات تلعب دورًا كبيرًا في كشف الشبكات التي تتاجر بالأخلاق من أجل المال".
من جانبه، أشاد اللواء أحمد جمال الدين، الخبير الأمني، بجهود الوزارة في التصدي لجرائم التيك توكرز، مؤكدًا أن "ما تقوم به الداخلية هو دفاع عن قيم المجتمع المصري، الذي يرفض بطبيعته المحتوى المبتذل أو المتجاوز".
وأضاف جمال الدين أن "وقائع التيك توكرز المسيئين لم تعد فقط مسألة محتوى سيئ، بل أصبحت تمثل تهديدًا أوسع يشمل غسل الأموال وتمويل أنشطة مشبوهة، ما يستوجب التصدي لها بمنتهى الحزم".
أبعاد قانونية وعقوبات رادعة
قانونيًا، يخضع مرتكبو هذه الأفعال لعدة مواد في القانون المصري، على رأسها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الذي يجرّم نشر محتوى يخدش الحياء العام أو ينتهك القيم الأسرية، ويُعاقب بالسجن والغرامة.
كما تنطبق في هذه الحالات أحكام قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، والذي ينص على معاقبة كل من يتورط في إخفاء أو تمويه مصدر أموال متحصلة من نشاط غير مشروع بالسجن من ثلاث إلى سبع سنوات، وغرامة مالية لا تقل عن قيمة الأموال محل الجريمة.
ويُعد شراء الأصول العقارية بأموال مجهولة المصدر أحد أشهر أساليب غسيل الأموال التي ترصدها الجهات الرقابية، وهو ما ينطبق على الواقعة التي تم الإعلان عنها مؤخرًا.
دور المجتمع والأسرة
المجتمع، بحسب الخبراء، لا يجب أن يقف متفرجًا، فالمعركة ضد هذا النوع من المحتوى تبدأ من البيت والمدرسة، بترسيخ مفاهيم القيم والرزق الحلال، وتوعية الأبناء بمخاطر اللهاث خلف الشهرة السريعة والأرباح الوهمية.
ففي وقت بات فيه المراهقون يتخذون من "الترند" قدوة، يصبح من الضروري أن يعاد ضبط البوصلة، ليكون التأثير إيجابيًا، لا سُمًّا رقميًا يُبثّ تحت ستار الترفيه.
ومع استمرار جهود الدولة في ضبط هذا المسار، فإن الرهان الحقيقي يبقى على وعي المجتمع، في دعم هذه المواجهة، والتصدي لمحاولات تسويق الانحراف كوسيلة للربح، سواء على أرض الواقع أو على شاشات الهواتف المحمولة.

Trending Plus