ترند على جثة الأخلاق

في زمن تحوّل فيه البعض من صُنّاع المحتوى إلى صُنّاع الفُرجة الرخيصة، تكسّرت ضفائر الحياء على أعتاب كاميرا هاتف، وتلاشت القيم بين سطور فيديو لا يتجاوز دقيقة، لكنه يغرس في العقول ما لا تمحوه السنون.
باتت "الترندات" مِعولًا يهدم أسوار الأخلاق، و"اللايكات" عملةَ صعبة يُباع بها الحياء، ويُشترى بها الانتشار، يتسابق بعض التيك توكرز إلى عرض ما يخدش الذوق العام، ويصدم الوجدان، كأنهم في ماراثون على حساب المروءة، فتارة نرى ألفاظًا سوقية تُروّج على أنها "كومييديا"، وتارة نُفاجأ بمشاهد لا تليق إلا بعتمة لا ترى فيها عين الرقيب.
المصيبة أن هذه المواد لم تعد حبيسة الشاشات، بل أصبحت تتسلل إلى غرف أطفالنا، وتطرق أبواب بيوتنا الآمنة بلا استئذان.
جيل بأكمله قد يتربى على قاموس مبتذل، ومفاهيم مغلوطة عن "الشهرة" و"الفلوس" و"الترند"، وكأن المجد لا يُصنع إلا من وحل الابتذال.
وفي خضم هذا العبث، تطلّ يد الدولة بالردع، ويُرفع الستار عن مشاهد التحقيق بدلًا من المشاهد الفجّة، فقد تحركت وزارة الداخلية بحزم، وضبطت العديد من هؤلاء العابثين بالمجتمع، في مشهد يعيد التوازن بين الحرية والمسؤولية، ويثبت أن القانون لا يغفو، لكن المعركة لا تُحسم فقط في أروقة المحاكم، بل في العقول والقلوب.
علموا أبناءكم أن الرزق الحلال لا يحتاج إلى "فلتر"، وأن العرق الطاهر أغلى من الذهب الرقمي، ازرعوا فيهم أن الشرف لا يُشاهد، لكنه يُعاش، وأن الصوت العالي ليس دائمًا دليلًا على الصواب، وأن الخير وإن تأخر، لا يُهزم.
نحن لا نرفض التقنية، بل نرفض استخدامها كمعول هدم، لا نحارب الاختلاف، بل ننتصر للذوق، فالحياة قد تعطيك الشهرة، لكنها لن تغفر لك خيانة القيم، تذكّروا دائمًا: من باع أخلاقه في سبيل الترند خسر المعركة حتى لو كسب المشاهدات.

Trending Plus