سقوط شبكة غسل الأموال.. رحلة تيك توكرز من فيديوهات خادشة إلى عقارات فارهة.. الداخلية تكشف غسل "مداهم" 65 مليون جنيه فى العقارات.. سوزي متهمة بغسل 15 مليونا في السيارات.. وعقوبات رادعة تتنتظر المتورطين

في تحرك أمني حاسم، شنت وزارة الداخلية حملات مكبرة استهدفت ضبط صانعي محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، تورطوا في غسل الأموال المتحصلة من أنشطة إلكترونية غير مشروعة، في مقدمتها بث فيديوهات خادشة للحياء تتعارض مع قيم ومبادئ المجتمع، بهدف تحقيق أرباح مالية طائلة بطرق غير قانونية.
رصدت الأجهزة المعنية أن بعض صناع المحتوى المعروفين بـ"التيك توكرز" لجأوا إلى شراء فيلات، عقارات، سيارات، ودراجات نارية، بالإضافة إلى تأسيس شركات، كوسائل لغسل الأموال غير المشروعة، ومحاولة منحها طابعًا شرعيًا عبر أنشطة ظاهرها قانوني، وباطنها تمويل مشبوه ناتج عن محتوى يحرض على الانحلال ويضرب الثوابت المجتمعية.
اعترافات صادمة من "مداهم"
أحد أبرز القضايا التي كشفت عنها وزارة الداخلية مؤخرًا كانت تخص التيك توكر المعروف بـ"مداهم"، والذي أقر في اعترافاته أمام جهات التحقيق بأنه غسل نحو 65 مليون جنيه من الأموال التي جناها من خلال نشر فيديوهات تخدش الحياء العام وتروج لانحرافات سلوكية، مستغلًا المنصات الرقمية لزيادة نسب المشاهدات وتحقيق الأرباح.
وأكد المتهم أنه استخدم تلك الأموال في شراء وحدات سكنية فاخرة، وسيارات، ودراجات نارية، كما أسس شركات بغرض إخفاء مصادر الدخل وتبييض الأموال، مضيفًا أنه يقيم بمنطقة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، وكان يدير صفحات على مواقع التواصل يبث من خلالها مقاطع تمثل "اعتداءً على قيم المجتمع"، على حد وصفه، من أجل جذب أكبر عدد ممكن من المتابعين.الداخلية، من جانبها، أوضحت أن قطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، بالتنسيق مع جهات الاختصاص، نجح في تتبُّع نشاط المتهم وتفكيك شبكة التغطية التي استخدمها لإخفاء الأموال، وقدرت إجمالي الأموال التي تم غسلها بنحو 65 مليون جنيه.
"سوزي الأردنية" وغسل 15 مليون جنيه
وفي قضية مماثلة، كشفت الأجهزة الأمنية عن تورط التيك توكر "سوزي الأردنية" في غسل قرابة 15 مليون جنيه، تحصّلت عليها من نشاط مماثل، شمل بث فيديوهات خادشة للحياء والتربح من منصات التواصل بشكل غير قانوني. وتم ضبط المتهمة بعد تتبُّع تحركاتها المالية وتحديد أوجه صرف الأموال، التي شملت شراء عقارات وسيارات بغرض التمويه.
آراء الخبراء: الملايين تُغسل والقيم تُغتال
الخبير الأمني اللواء أحمد كساب، قال في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن المتهمين في هذه القضايا يجنون ملايين الجنيهات من نشر محتوى هابط لا يمت بصلة للأخلاق أو الثقافة، ويهدف إلى هدم القيم المجتمعية والتربوية، مؤكدًا أن هؤلاء الأفراد يحاولون "تبييض" أموالهم القذرة من خلال ضخها في سوق العقارات أو تأسيس كيانات تجارية وهمية.
وأشاد اللواء كساب بيقظة وزارة الداخلية، مؤكدًا أن جهودها في كشف هذه الشبكات وتقديم المتورطين للعدالة تحظى بتقدير واسع من المواطنين، لما تمثله من حماية للمنظومة الأخلاقية والمالية للدولة.
من جانبه، أكد اللواء رأفت الشرقاوي، الخبير الأمني، أن الداخلية تتعامل بجدية مع كل ما يتعلق بجرائم "التيك توكرز"، سواء من حيث المحتوى الخادش للحياء أو عمليات غسل الأموال، مشددًا على أن التعامل الحاسم مع هذه الظواهر يحقق الردع العام، ويعيد الانضباط إلى منصات التواصل التي تحولت لدى البعض إلى ساحات مفتوحة للفوضى الأخلاقية.
العقوبات القانونية المنتظرة
وفقًا لقانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته، يُعاقب كل من ثبت قيامه بعمليات غسل أموال بالسجن من ثلاث إلى سبع سنوات، وغرامة مالية تعادل ضعف الأموال التي تم غسلها، فضلًا عن مصادرة الأموال محل الجريمة. كما يعاقب قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 من يبث محتوى مخلًا أو مسيئًا بالحبس والغرامة.
ويؤكد قانونيون أن النيابة العامة تمضي قدمًا في التحقيقات، وسط مطالب بتغليظ العقوبات وتكثيف الرقابة على المنصات الإلكترونية، حتى لا تتحول إلى أدوات لإفساد الذوق العام وتهديد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
تكشف هذه القضايا عن تحدٍ جديد يواجه الدولة، وهو الجرائم الرقمية المتخفية وراء "الشاشة الصغيرة"، وتؤكد التحركات الأمنية الأخيرة أن وزارة الداخلية لن تسمح بأن تكون السوشيال ميديا منصة لغسل الأموال أو اغتيال القيم، وأن يد العدالة قادرة على الوصول إلى كل من يتربح من المحتوى الفاسد، مهما تعددت وسائله أو تبدلت وجوهه.

Trending Plus