صيف أوروبا الساخن يتحول لكابوس كهربائى.. زيادة الاستهلاك بنسبة 35%.. ارتفاع استخدام أجهزة التبريد تهدد البنية التحتية.. فرنسا تقنن استخدام الطاقة خلال ساعات الذروة.. إيطاليا تفرض قيودا على استخدام مكيفات الهواء

تشهد دول أوروبا أزمة كهرباء غير مسبوقة هذا الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية تسببت فى زيادة استهلاك الكهرباء بنسبة تصل إلى 35% فى بعض الدول، نتيجة الاعتماد المتزايد على أجهزة التكييف لمواجهة الحر الشديد.
وأصبحت البنية التحتية الكهربائية فى العديد من الدول الأوروبية تحت ضغط غير مسبوق ، حيث سجلت شبكات الكهرباء أحمالا عالية تفوق قدرتها التصميمة خاصة فى فترات الذروة ، ما دفع بعض الحكومات إلى اتخاذ إجراءت طارئة للحد من الاستهلاك، حسبما قالت صحيفة إيه بى سى الإسبانية.
وأكدت مصادر في وكالات الطاقة الأوروبية أن استمرار موجات الحر وازدياد الطلب على الكهرباء قد يؤديان إلى انقطاعات كهربائية مؤقتة في بعض المناطق خلال الأسابيع المقبلة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لإدارة الاستهلاك.
وتأتي هذه الأزمة في وقت تتسارع فيه آثار التغير المناخي، ما يعكس الحاجة الملحة إلى إعادة هيكلة أنظمة الطاقة في أوروبا، وتحسين كفاءة المباني، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، خاصة في فترات الصيف التي أصبحت أكثر تطرفًا.
ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق 40 درجة مئوية في العديد من المدن الأوروبية – من باريس إلى ميلانو إلى بودابست – ارتفع استخدام أجهزة التكييف بشكل غير مسبوق، رغم أن العديد من المباني الأوروبية ليست مصممة أساسًا للتبريد.
ووفقًا لتقارير من وكالات الطاقة الأوروبية، سجّلت بعض الدول زيادات في استهلاك الكهرباء بنسبة تتراوح بين 15 و30% مقارنة بمتوسط السنوات السابقة لنفس الفترة، و في إسبانيا، تم تجاوز الرقم القياسي لاستهلاك الكهرباء يوم 2 أغسطس، وهو ما دفع شركات التوزيع إلى إطلاق تحذيرات بشأن احتمال حدوث انقطاعات محلية.
وحذر التقرير من أزمة الكهرباء التي تعانى منها الدول الأوروبية على خلفية ارتفاع درجات الحرارة ، والمشكلة لا تكمن فقط في الطلب المرتفع، بل أيضًا في ضعف البنية التحتية، فالعديد من شبكات الكهرباء في أوروبا، خصوصًا في الدول الشمالية والغربية، بُنيت لتلبية احتياجات التدفئة لا التبريد، ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن فصول الصيف في أوروبا أصبحت أكثر سخونة بمعدل أسرع من أي قارة أخرى.
كما أن بعض محطات الكهرباء – وخاصة تلك التي تعمل بالطاقة النووية أو الفحم – تواجه صعوبات تقنية ناتجة عن ارتفاع حرارة المياه المستخدمة في التبريد الصناعي، ما يقلص قدرتها التشغيلية.
وتتبع بعض الدول الأوروبية إجراءات للحد من أزمة الكهرباء، حيث قامت فرنسا بتقنين محدود للطاقة خلال ساعات الذروة فى بعض المناطق الريفية ، كما قامت إيطاليا بفرض قيود على استخدام مكيفات الهواء فى المباني الحكومية وخفضت الحد الأقصى لدرجة التبريد إلى 26 مئوية، وقامت ألمانيا بتسريع خطط دعم تركيب الألواح الشمسية وتطوير البنية التحتية الذكية لإدارة الطلب ، أما إسبانيا فقد بدأت بحملات توعية لترشيد استهلاك الكهرباء خاصة فى ظل ارتفاع درجات الحرارة.
بينما حققت أوروبا تقدمًا كبيرًا في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، لا تزال هناك فجوة بين الإنتاج والطلب، خصوصًا في فترات الذروة. ويزيد الأمر سوءًا أن معظم الطلب على التبريد يحدث في ساعات بعد الظهر والمساء، عندما ينخفض إنتاج الطاقة الشمسية تدريجيًا.
في بعض الدول، مثل ألمانيا وفرنسا، اضطرت شركات التوزيع إلى شراء كميات إضافية من الكهرباء بأسعار مرتفعة من أسواق الطاقة الفورية، مما ساهم في ارتفاع الأسعار على المستهلكين.
وفي ظل هذه الظروف، تعاني الفئات الأضعف – مثل كبار السن والمرضى – من تداعيات صحية مباشرة. ففي غياب وسائل تبريد كافية، ارتفعت معدلات دخول المستشفيات بسبب الإجهاد الحراري وأمراض القلب والجهاز التنفسي.
كما أدى نقص الكهرباء في بعض المناطق إلى تعطيل عمل المستشفيات والمراكز الصحية، وهو ما دفع الحكومات إلى إعلان خطط طوارئ في العديد من المدن الكبرى، تشمل إنشاء "مراكز تبريد عامة" وتوزيع أجهزة تبريد متنقلة على الفئات المعرضة للخطر.

Trending Plus