عصام عبد القادر يكتب عن منعة الدولة المصرية: لا لمعسكرات التحالف.. نعم للبناء والإعمار.. لا للإرهاب.. نعم للسلم والسلام.. الأمن والأمان قلاع سفينة استقرار الأوطان وسر نهضتها

تعارفنا على أنه عبر فلسفة العلاقات بين جموع الدول، والأوطان، أنها تقوم على المصلحة، التي تعود بالنفع المحض على الشعوب، والمجتمعات والقيادات؛ حيث رغد العيش، والاستقرار، في مجالات الحياة الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، وقطاع الخدمات بكل صوره؛ بغية الوصول إلى جودة الحياة، ورفاهيتها، التي تعد مشروعة لكل مجتهد، يؤدي ما عليه، ويواكب التطور في اشكاله المختلفة، ويتبادل الخبرات النوعية المثمرة.
لكن المصالح ترتبط بقوى النفوذ، التي تجعل للدولة مكانتها بين الأقطار؛ إذ يصبح لها تأثير خارج حدودها، يأخذ في الاعتبار، سواءً أكان على مستوى الإقليم، أم في الفلك الدولي، واعتقد أن التحالفات الآن، أضحت تبحث لها عن نفوذ، تقوي بها شوكتها، وتعلي بها فاعليتها بين مصاف القوى الكبرى، التي تمتلك قوة الردع المدعومة، بقوة الاقتصاد المتنوع، وهذا للأسف ولد ساحة من النزال، أخذت منحى الوكالة، الهدف منها تحقيق الهيمنة المطلقة؛ لتنفيذ مخططات توسعية، أو لإحداث تغيرات جيوسياسية بمنطقة بعينها.
نوقن أن جمهورية مصر العربية منذ فجر التاريخ، لم تنضم إلى معسكرات تحالفية؛ لتضمن جني ثمار يانعة؛ كونها لا تنحاز إلا لماهية العدل، والحق المنير، ولا تقبل المداهنة، أو الخروج عن منظومة القيم النبيلة، التي يأتي في مقدمتها الأمانة، والشرف، والإخلاص، والنوايا الحسنة، التي تقوم على حسن الظن، وطيب التعامل، وهذا في الحقيقة قد جنبها الدخول في صراعات لا تنتهي، من شأنها أن تورث الكراهية من جيل إلى آخر، بل، اتخذت طريق الشفافية، والوضوح، وابرمت الصداقات، والشراكات، التي تعزز العلاقات، التي تقوم على الاحترام المتبادل والتقدير؛ كي تستدام العطاءات، بصورة لا تقوم على الأهواء، ولا تنال منها سياسة المصالح الموقوتة.
الدولة المصرية في منطقتها، لم تسمح قط بأن تصبح أرضها، وساحة الفضاء خاصتها، وحدودها المائية، مسرحًا لعمليات، أو قواعد دفاع، أو تستخدمها دول؛ من أجل أغراض بعينها؛ فهي أرض مقدسة، تحل لشعبها، وتحرم على من دونهم، إنها الأرض التي تخرج الكلأ، ويخرج منها كل نفيس، ينفع أبناء الوطن، لم تكن مصر يومًا ملجأ لإرهاب، أو تطرف، أو بؤرة؛ لإطلاق تهديد على دول المنطقة؛ فلديها جيش خالص في وطنيته، خرج من عباءة مصرية، وتخرج من مصنع رجال، تجرعوا القيم النبيلة؛ فاكتسبوا اتصافها، وأدركوا أن غاية الشرف في طلب شهادة في سبيل الله – عز وجل-، وفداءً للوطن، وترابه.
بلادنا صاحبة المنعة، تفرض سلطتها بشكل تام على ترابها، ولا تسمح العبث في أي شبر من ربوعها؛ فقوة الرعد تمتلكها، ولا تمنحها لجماعات تحدث القلاقل، وتبث الرعب والذعر بين أبناء الوطن؛ ومن ثم تنصر دولتنا القوية للضعيف، وتردع المعتدي، وتقوم المنحرف، وتعيد الحقوق لأصحابها، وتحاسب المقصر والمخطئ، ولا تفتح مسارات لتكوين مراكز للقوى، التي تعمل من أجل مصالح، ولا تعتبر لمصالح الدولة العليا، بل، تشكل تهديدًا لمؤسسات، وكيانات الدولة من وقت لآخر؛ لأنها تمتلك مقومات إحداث هذا الأمر.
التراب الوطني المصري، خالص في مكنونه؛ إذ لا يتقبل أن تطأ ذرّاته مليشيات تفتت المجتمع، وتطيح بمقدراته، وتضعف قوة، ومنعة الدولة من الداخل، وتهين صورتها من الخارج، وتسهل للعدو طريق الوصول؛ فلا يجد إلا أشلاء لوطن، أنهكته صراعات ونزاعات الداخل، وقضت على أحلامه، وطموحه؛ فصارت النفوس، والبنيان في مرحلة من الوهن؛ لذا لا مساواة على أمن، وأمان الدولة، وخلو ربعوها من صور الإرهاب المادي، والمعنوي على السواء.
تكالب المغرضون على مصر، في فترة ظهرت فيها نتاج المخططات، التي أطاحت بكثير من دول المنطقة بالشرق الأوسط؛ لكن شعبها ومن خلفه جيش جسور، وقائد مغوار، أطاح بأوهام نسجتها مخيلات تحمل الوهم؛ فثار الشعب مطالبًا بإسقاط قوى الشر، وفوض قيادته الحكيمة، في إدارة المشهد؛ كي يجري عمليات استئصال لسرطان في مهده، أراد أن يتمدد، ليقضي على جسد الأمة المصرية، ويستحوذ على مقدراته؛ ليسخرها في استكمال حلم الخلافة، الذي طال انتظاره كثيرًا.
رغم اضطراب الإقليم، وإشاعة حالات من الفوضى، هنا، وهناك، وغياب رائحة الأمان والاستقرار، في بعض الدول المجاورة، وتشرذم أبناء المجتمع الواحد، في بعض الأوطان؛ إلا أن مصر بشعبها، وجيشها، ومؤسساتها الوطنية، وقيادتها السياسية الرشيدة، تمثل الركيزة واللبنة الأساسية، للأمن القومي العربي قاطبة، ومن ير بعين الإنصاف حجم التنمية في وطننا الحبيب، يدرك أن جمهوريتنا الجديدة، حققت ما لم تحققه أمم في قرون عديدة.
سر تماسكنا يدركه القاصي، والداني؛ إذ يتمثل في اصطفافنا السريع خلف راية الوطن، وقائده صاحب العطاء المستدام، المحب لتراب بلده، والعاشق لشعبه، والحامل للخير لأجيال بني جلدته؛ فلم يترك الساحة خالية لأصحاب القلوب المريضة، ولم يتنازل عن دحر الإرهاب، وبناء، وإعمار الوطن في ذات الوقت؛ فكانت يدا تحارب بشرف، وعزة واقتدار، ويدا أخرى تبني بكل جهد وتفان واتقان، وإخلاص؛ ومن ثم رأينا وطنا تضاعفت مقدراته، وزادت قدراته، وارتقى إلى مكانته المستحقة بين مصاف الدول.
سفينة الوطن لا تدار بعشوائية، أو من خلال انفعالات، تقوم على حسابات غير منضبطة، أو من أجل نيل الرضا من دول بعينها، أو عبر فلسفة التخبط، والعشوائية، أو من خلال من يفتقد للحكمة القوة، وقوة الحكمة، بل تُدار بسياسة تقوم على الرشد، والثبات، والرسوخ، والجلد، والصبر، والحلم، والفكر المستنير، الذي ينسدل من منهجية علمية، تدرس المتغيرات بعيدًا عن الذاتية؛ فتتحلى بالموضوعية، التي دائمًا ما تصيب الهدف، وتحقق الغاية، وتدحر محاولات الشر، التي تحاك بالوطن، وأبنائه؛ ومن ثم تسير السفينة نحو بحور النهضة، مستقرة سالمة البنيان، حاصدة الغالي والنفيس لشعب يستحق التكريم.
منعة الدولة المصرية، يراها المخربون بكل أسف، وبال عليهم، ويراها المحبون أنها منفعة، يجني منها الجميع ثمرة الطمأنينة، في المنطقة بأسرها؛ فهي الدولة، التي تضير بمخططات، ومآرب تستهدف الإطاحة بالأنظمة المستقرة، كما أنها تشكل النفوذ الذي يهدد أحلام التوسعية؛ ومن ثم توجه إليها سهام الشائعات المغرضة، التي تود إصابة النسيج الوطني؛ بغية هتكه، ناهيك عن إضعاف الثقة بين المواطن ومؤسساته وقيادته؛ لتقوض الجهود، وتستنزف القوى.
الأمل، وطموح المستقل، كان وما زال سلاحًا فتاكًا، نواجه به تحدياتنا، وما يصيبنا من أزمات، أو نوازل؛ ومن ثم نستعيد خطانا، نحو ما نبتغي الوصول إليه، ونمضي بعزيمة، وإرادة قوية، تجاه تحقيق أحلامنا، ونتجاوز الأشواك، وأيدينا متشابكة نصل سويًا للقمة، وننجو من مخاطر، نالت من شعوب، أخفقت في رأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus