قدَر الأوفياء

بناء الأوطان يقع على عاتق شراكة، يتحمل فيها الجميع المسئولية، ويؤدي كل إنسان دوره على الوجه الأكمل، بل، يضع نصب عينيه المصلحة العامة، دون غيرها؛ ومن ثم ينبغي أن نلقي الضوء على قيمة الوفاء، التي تجعل الفرد يعمل بحب، وتفان، ولا يتهاون، أو يفرط، أو يتراجع عن طريق يحقق نهضة، وتقدم ورقي، يعود على البشر، والشجر، والحجر، وهنا تصبح المفارقة واضحة بين الأوفياء، ومن يقايضون على تراب الوطن؛ بغية مآرب، ومخططات تقوم على أيدولوجيات مشوهة.
البر بالأوطان من قبل أصحاب الوفاء، يقوم على ممارسات ندرك أهميتها، يأتي في مقدمتها: دعم ماهية الاستقرار، وتعزيز الرباط بين أبنائه؛ ليصبح التماسك، والتضافر سياجا، يقوي المنعة، ويدحر مآرب العدو، كما أن قرار خوض الحرب من أجل فرض الأمن، والأمان، والطمأنينة، لا يقوض مسار التنمية في صورتها المستدامة، التي تضمن تلبية الاحتياجات، بل، وتحقيق التطلعات، والأحلام المشروعة، ناهيك عن الخروج من حالة العوز؛ بغية الوصول إلى الاكتفاء، الذي يورث العزة، ويثرى مقومات الكرامة.
أوفياء الأوطان يدعمون بناء الإنسان؛ ليصبح محافظًا على مقدراته، وقادرًا على تنميتها، وراغبًا في بلوغ أمنيات، قد رسمتها أحلام مشروعة، وهنا نرصد دفاعًا، تترجمه ممارسات سوية تجاه مقدرات البلاد؛ كي يتم تعظيمها؛ من أجل أجيال تستحق أن ترث خيرات أوطانها، وتعمل على استكمال مسيرة العطاء، عبر إضافة إلى مزاخر الحضارة، وعبق التراث؛ فلا يجد أعداء الوطن فرصة سانحة؛ كي ينالوا من وطن يحميه أبناؤه الأوفياء بأرواحهم النقية، ودماؤهم الذكية.
قدر الأوفياء تحمل ما تضار منه الأنفس، مع صبر جميل، مفعم بإخلاص في العمل، وبذل جهود مضنية، دون انتظار تكريم، أو تقدير، أو تلقي تثمينات، وامتنانات؛ فغاية التمكن تكمن في تحقيق مستهدفات، ترفع شأن الأوطان، وتعلى من قدرها، وتصون شعبها، الذي يتكامل مع مؤسساته الوطنية؛ ليدفع بها إلى الأمام، ويمنحها فرصا تجاوز المحن، بل، يصنع مع المخلصين الأوفياء المنح، عبر بوابة العطاء، الذي لا ينضب، والفكر المستنير، الذي يصل رقيّه إلى عنان السماء.
رغم الأمواج العاتية المحملة بتحديات جمة، وصعوبات، وأزمات عضال، نجد أن الأوفياء يتحملون التبعات، ولا يتجنبون المواجهة؛ فلديهم شجاعة منقطعة النظير، ولديهم مقدرة على خوض غمار المعركة بفكر، وعقل يقظ؛ كونه يحمل رؤى طموحة، تستشرف المستقبل، وتصنع قراراتها المصيرية، وتتخذها بجرأة، دون تحسب لأضغاث خوف، تطلقه منابر، تود إضعاف العزيمة، وتثبيط الهمم؛ ومن ثم تثبت التجربة صدق النوايا، التي تؤكد ماهية الريادة في خضم حالات من التخبط، والعشوائية التي ضربت العديد من الأقطار.
البارُّون بأوطانهم يمتلكون عزيمة، نصفها بالفولاذية، وإرادة متجددة، وخطى ثابتة، وإيمان راسخ، يعزز المسيرة، ويدعم صورة الأنموذج المشرف لأصحاب الوفاء، الذين يقدسون دستور البلاد، ويحترمون قوانينه، ويفصلون بين المؤسسات؛ كي لا تتغول على بعضها البعض، ويحافظون على استدامة البيئة، التي تخلق المناخ الصحي، المعين على العمل، والإنجاز، كما يقدرون العلم، والعلماء، ويحثون على انتهاج سبله؛ لتستطيع مؤسسات الوطن أن تلحق بركب التقدم بكل صوره.
يدرك الأوفياء أنه لا سلامة من ألسن المغرضين، وأن ضجيج الشائعات سوف ينال من أغلى ما يمتلكون، وأن مروجي الفتن دومًا، يوجهون أسهمهم السامة؛ لتصيب قلوبا طاهرة؛ كي تضعفها، فتترك الميدان، وتهجر مسئوليات جساما؛ لكن قدر الأوفياء تحمل ما لا تطيقه الجبال الراسخات؛ من أجل نهضة، وبقاء الأوطان؛ فلا مجال للإفراط، والتفريط، ولا فرص تتاح لجماعات الظلام، يتحقق من خلالها غايات، ومآرب خبيثة، تضير بمستقبل وطن حر، له مداد تاريخ، وجغرافيا، يتحاكى له العالم بأسره.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus