الجوع والإرهاب.. ثنائية الرعب تخيم على شمال نيجيريا.. أكثر من مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعا.. خفض المساعدات الأمريكية فاقم الوضع.. 150 مركز تغذية يغلق أبوابه بنهاية يوليو.. وحياة 300 ألف طفل معرضة للخطر

مع تجدد الهجمات الإرهابية المسلحة، وخفض المساعدات الخارجية بشكل كبير، وارتفاع تكاليف المعيشة، يخيم شبح الجوع على شمال شرق نيجيريا، حيث يواجه أكثر من مليون شخص خطر الموت جوعاً.

وقبل أن يُقلب التمرد الحياة اليومية رأسًا على عقب، كانت دامبوا مركزًا زراعيًا إقليميًا، أما اليوم، فهي تقف في طليعة معركة البقاء، وتقع المدينة على بعد حوالي 90 كيلومترا جنوب مايدوجوري عاصمة ولاية بورنو، على أطراف غابة سامبيسا، وهي محمية طبيعية تحولت قاعدة تمركز للإرهابيين.

وفي حين تباطأت وتيرة التمرد الذي تشهده نيجيريا منذ 16 عاما منذ أن بلغ العنف ذروته في عام 2015 تقريبا، فقد تزايدت الهجمات منذ بداية العام بسبب عدد لا يحصى من العوامل التي شهدت تقوية الجماعات الجهادية وإرهاق قوات الأمن.

ومن المتوقع أن ينفد الغذاء المحدود بحلول نهاية شهر يوليو الجارى، حيث تؤدي تخفيضات المساعدات الغربية، بما في ذلك قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بتفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى إرسال البرامج الإنسانية إلى حالة من الفوضى.

وقالت تشي ليل، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في نيجيريا، وهي تشير إلى كومة من الأكياس البيضاء في مركز توزيع آخر في مافا، على بعد حوالي 150 كيلومتراً من دامبوا: "هذه هي آخر شحنة أرز نتلقاها من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية".

هناك خمسة ملايين شخص يعانون من "الجوع الشديد" في ولايات بورنو وأداماوا ويوبي - وهي الولايات الثلاث الأكثر تضررا من التمرد الذي تشنه جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش فى غرب أفريقيا.

ولم يتمكن برنامج الأغذية العالمي حتى الآن إلا من إطعام 1.3 مليون شخص يواجهون الآن خطر المجاعة مع نفاد المعونات الغذائية، وقالت ليل: "لم يتبقَّ أي طعام في المستودعات، ستُزهق الأرواح".

التوقيت لا يمكن أن يكون أسوأ، فهو ليس فى صالح المواطنين، إذ تُعرف الفترة من يونيو إلى سبتمبر بـ"موسم العجاف"، وهي الفترة بين الزراعة والحصاد عندما يكون لدى العائلات احتياطيات غذائية محدودة.

في العادة، يشتري المزارعون الريفيون الطعام، ولكن وسط التضخم الشامل الناجم عن الأزمة الاقتصادية، إلى جانب النزوح القسري، فإن الكثيرين "لا يستطيعون تحمل تكاليف الكثير"، كما تقول ديانا جاباريدزي، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

تُظهر الرحلة إلى دامبوا مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المهجورة بسبب العنف، وقد أصبح تنظيم داعش فى غرب أفريقيا، الموالي لداعش، أكثر تنظيمًا، فى الوقت الذى تعاني من الأجهزة الأمنية النيجيرية من الإرهاق.

وفي الوقت نفسه، تشهد دامبوا أعلى وأشد حالات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة في شمال شرق نيجيريا، بحسب كيفن أكواوا، وهو طبيب في فيلق الطب الدولي.

ومن جهة أخرى، ومن بين 500 مركز تغذية يديرها برنامج الأغذية العالمي في شمال شرق نيجيريا، سيُغلق 150 مركزًا بنهاية يوليو، بسبب نقص التمويل، وهذا يُعرّض حياة نحو 300 ألف طفل للخطر، وفقًا لمسئول التغذية في برنامج الأغذية العالمي، الدكتور جون علاء.

لا تزال لافتتان مهيبتان تحملان شعار الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية باللونين الأزرق والأحمر معلقتين على البوابة الأمامية، حيث ستنفد المخزونات قريباً.

في مؤشر على انعدام الأمن في المنطقة، يخضع كل من يدخل المركز لتفتيش يدوي بجهاز كشف معادن، ويهدد نقص الغذاء الوشيك بتفاقم الوضع.

وفي جميع أنحاء البلاد، يواجه نحو 31 مليون شخص خطر الجوع الحاد، وفقا لديفيد ستيفنسون، رئيس برنامج الأغذية العالمي في نيجيريا.

ومع انهيار عمليات برنامج الأغذية العالمي في شمال شرق نيجيريا، قال ستيفنسون: "لم تعد هذه مجرد أزمة إنسانية، بل أصبحت تهديداً متزايداً للاستقرار الإقليمي".

وفي تقرير التوقعات للفترة من يونيو إلى سبتمبر، حذر برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة من أن "مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد من المتوقع أن تتدهور" مع تصاعد الصراع واستمرار الصعوبات الاقتصادية وتوقع حدوث فيضانات.

وعلى الرغم من الحاجة الماسة لمزيد من الغذاء، فإن عددا قليلا فقط من المزارعين يجرؤون على المغامرة بالخروج للاعتناء بحقولهم.