بيشوى رمزى يكتب: "شراكة في الهدم".. تحالف غير معلن بين إسرائيل والجماعة لتصفية القضية.. تل أبيب تسعى لتقويض الدولة المنشودة والجماعة تنتصر للتنظيم الدولي على حساب فلسطين.. وتشويه الدور المصري ورقة ابتزاز مشتركة

شعار جماعة الإخوان الإرهابية
شعار جماعة الإخوان الإرهابية

على الرغم من كون إسرائيل أحد أهم الأدوات التي طالما استخدمتها جماعة الإخوان، والفصائل الموالية لها، لحشد الشعبية في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، إلا أن بقاء الدولة العبرية، وانتهاكاتها بحق الفلسطينيين، وما تمارسه من سياسات استيطانية ذات طبيعة توسعية، يمثل في جوهره، ذروة البعد المصلحى للتنظيم، وهو ما يفسر إلى حد كبير التشابه الكبير في الأهداف التي يحملها الجانبان، بل والخدمات التي يقدمها كل منهما للآخر، في اللحظات المفصلية في تاريخ القضية، وأحدثها الحشد الكبير ضد الدولة المصرية، سواء خطابيا، أو تعبويا في إطار الاحتجاجات التي شهدها محيط السفارة المصرية في تل أبيب، بحماية الشرطة الإسرائيلية، تحت ذريعة الأكاذيب التي دارت حول تورط مصر في حصار غزة وأهلها.

وبعيدا عن تفنيد الأكاذيب، والتي سبق لنا مرارا وتكرارا تفنيدها عبر تسليط الضوء على حجم المساعدات المقدمة من مصر للقطاع المحاصر، وفتح الأراضي المصرية أمام المصابين لتلقي العلاج على أراضيها، وهي الأمور التي شهد بها كبار المسؤولين الدوليين الذي زاروا معبر رفح، والذي تحول إلى أيقونة ليس فقط بفضل ما يمثله من دعم إنساني، ولكن أيضا على خلفية ما يحمله من رمزية سياسية دفعت قطاعا كبيرا من الساسة إلى الإعلان عن نواياهم في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، من أمامه، على غرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن قبل رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، ونظيره البلجيكي ألكسندر دي كرو، وغيرهم، إلا أن الحاجة تبدو ملحة في هذه السطور إلى رصد أهم المقاربات بين الرؤى الإسرائيلية، وتلك التي تتبناها الجماعة وفصائلها، والتي خلقت مصلحة ضمنية، تدور حول ضرورة بقاء الآخر، حتى في زمن الحروب.


ولعل المقاربة الأهم بين إسرائيل والجماعة، تتجلى في عرقلة تأسيس الدولة الفلسطينية ذات السيادة، والهدف من وراء ذلك يبدو متطابقا، فالأولى تهدف إلى تحقيق أحلامها التوسعية على حساب الشرعية الدولية، بينما الثانية تسعى إلى تحقيق مصالح الجماعة، عبر الإبقاء على الفصائل التي تمثل ذراعا لها، على حساب القضية.


فلو نظرنا إلى الحرب الحالية على غزة، والتي بدأت منذ ما يقرب من عامين، في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، نجد أن الأهداف الإسرائيلية باتت معلنة، فرئيس الوزراء بنيامين ونتنياهو وحكومته كشفا عن المخطط الحقيقي من وراء الحرب، وهو تفريغ الأرض من سكانها، بهدف تصفية القضية، وحرمان الفلسطينيين من بناء دولتهم، عبر تجريد الدولة المنشودة من أحد أهم عناصرها، وهو المواطن، فلا يمكن تأسيس دولة دون وجود مواطنين يحملون جنسيتها، بينما الجماعة ترفض الدولة لصالح ما يسمى بـ"المقاومة" والتي تمثلها الفصائل، وهو ما يبدو في التعنت الكبير في تحقيق المصالحة، التي تعد أولوية قصوى لقطع الطريق أمام الاحتلال وحلفائه للتذرع بالانقسام كحجر عثرة أمام تحقيق الشرعية الدولية، والتي تقوم في الأساس على حل الدولتين.


وإذا كانت إسرائيل تستخدم آلة الحرب، والحصار الاقتصادي، والسيطرة على الأرض والمنافذ، لتحقيق هدفها المعلن في إلغاء فكرة الدولة الفلسطينية، فإن جماعة الإخوان تسهم في النتيجة نفسها ولكن عبر مسار مختلف، يعتمد على تعطيل بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وإبقاء القرار السياسي رهينة لفصائل مسلحة لا تخضع للمساءلة، مما يمنح الاحتلال ذريعة دائمة للتشكيك في "شريك السلام" ويُبقي المجتمع الدولي في دائرة التردد.
هذه "الشراكة الموضوعية" بين الطرفين، وإن كانت غير معلنة، تعززت في محطات مفصلية، أبرزها في أوقات الأزمات الكبرى، حيث تتقاطع مصالح كل منهما في إضعاف أي دور عربي جامع أو مبادرة تسوية جادة، خصوصًا تلك التي تتبناها القاهرة منذ سنوات، ففي الوقت الذي تسعى فيه مصر إلى توحيد الصف الفلسطيني واستعادة سلطة الدولة، تنشط كلا من إسرائيل والإخوان في ضرب هذه الجهود، الأولى عبر القصف والتجويع والتهجير، والثانية عبر التحريض والتشويه ورفض أي مسار يقود إلى مؤسسات شرعية منتخبة.


وتشويه الدور المصري، ليست الوسيلة الوحيدة التي تبناها الطرفان (الإخوان وإسرائيل)، في إدارة مصالحهما المشتركة، وإنما بدت في العديد من المشاهد الأخرى، ربما أبرزها تعزيز الفوضى داخل الدول العربية، والعمل على زعزعة استقرارها، على غرار ما شهدته دول المنطقة خلال العقد الماضي، حيث كانت الجماعة أحد معاول الفوضى، بينما كانت الدولة العبرية أحد العقول المدبرة، في إطار صفقة ضمنية، مفادها سيطرة الجماعة على مقاليد الإقليم، مقابل تجريد القضية من مركزيتها، عبر إيجاد أراض بديلة للفلسطينيين، وهو ما يتماهى مع المخططات التي أعلنتها تل أبيب خلال العدوان الراهن.


التماهي بين إسرائيل والجماعة، لم يقتصر على الأيديولوجيا، وهو ما رصدناه من قبل، أو حتى في الأهداف، وإنما امتد إلى الخطاب، فكلاهما يسعى إلى خلق عدو، حتى وإن كان ظاهريا، حتى يضمن البقاء، وهو ما يبدو في العلاقة بينهما، فكلاهما يروج للآخر باعتباره ألد أعدائه، في حين تبقى "الشراكة" بينهما هي البعد الحاكم في إدارة علاقتهما، وهو ما يعكس تقاربا ضمنيا، يغلب في واقع الأمر على العداء الظاهر.


وهنا يمكننا القول إن العلاقة بين إسرائيل والجماعة لا يمكن قراءتها إلا في إطار ما يمكن تسميته بـ"اقتصاد الصراع"، حيث يتحول استمرار العداء الشكلي إلى مورد سياسي واستراتيجي لكل طرف. فإسرائيل بحاجة إلى عدو يبرر سياساتها الأمنية والتوسعية، بينما الجماعة تحتاج إلى "احتلال" دائم لتظل رايتها مرفوعة باسم المقاومة. وبينما يدفع الشعب الفلسطيني ثمن هذه المعادلة، تبقى الحقيقة المُرّة أن العدو الظاهري قد يكون – في العمق – الشريك الموضوعي في صناعة المأساة واستمرارها.

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ليفربول يتفوق على كريستال بالاس 2-1 فى شوط أول بمشاركة محمد صلاح.. فيديو

كريستال بالاس ضد ليفربول.. فريمبونج يسجل ثاني أهداف الريدز بالدقيقة 21

إنجاز تاريخي ينتظر محمد صلاح فى مباراة كريستال بالاس ضد ليفربول

ضبط 4 تيك توكر لنشرهم محتوى غير أخلاقى بمنصات التواصل

تامر عبدالمنعم يكشف حقيقة اتهامات أحد ممثلي "نوستالجيا 80-90"


محمد صلاح يقود هجوم ليفربول أمام كريستال بالاس فى الدرع الخيرية

موعد مباراة مصر والتشيك فى الدور الرئيسى ببطولة العالم لكرة اليد

مكتب التنسيق لطلاب المرحلة الثانية: غلق تسجيل الرغبات الساعة 6 مساء

الخارجية العراقية: تصريحات السفير البريطاني مخالفة للأعراف وتدخل في شئوننا

ميلود حمدى يعالج إهدار الفرص بالإسماعيلي قبل مواجهة بيراميدز


مدغشقر: زلزال بقوة 3.7 درجة على مقياس ريختر يضرب العاصمة

مندوب فلسطين بالجامعة العربية: إسرائيل تذبح إنسانية العالم.. وغزة مسرح للإبادة

محمد مكي يستعين بسيراميكا لاستكشاف خطة فيريرا قبل مواجهة الدوري

مجلس الوزراء: زيادة دعم السلع التموينية لـ160 مليار جنيه بموازنة 2025/2026

حكم نهائى بالسجن المشدد 3 سنوات لـ"تيك توكر" وشريكها.. اعرف التفاصيل

صوت مصر بخير.. النجمة أنغام ما بين العملية الجراحية والشائعات ودعوات جمهورها

القبض على التيك توكر لوشا لاتهامه بنشر فيديوهات تنتهك القيم الأسرية بالقاهرة

رابطة الأندية تستقر على إقامة مباريات كأس عاصمة مصر فى فترة التوقف

انتهاء المدة المحددة للتظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025.. وزارة التعليم تستقبل قرابة 95 ألف طلب تظلم والإنجليزى والفيزياء والأحياء والتاريخ فى مقدمة المواد.. مصادر: طلاب حصلوا على زيادة درجات

من أين لك هذا؟ .. ملايين وأملاك التيك توكر أمام جهات التحقيق

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى