سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 أغسطس 1990.. طارق عزيز يحتج على عزلة وفد العراق أثناء انعقاد القمة العربية لبحث غزو الكويت ويغضب من دعوة طه ياسين رمضان منفردا للاجتماع بالرئيس مبارك

طارق عزيز
طارق عزيز
سعيد الشحات

توجهت الأنظار إلى القاهرة بعد دعوة الرئيس مبارك لعقد قمة عربية فى خطابه يوم 8 أغسطس 1990 لبحث مسألة غزو العراق للكويت يوم 2 أغسطس 1990، ورسم مبارك فى خطابه صورة سوداء ومخيفة، وحذر قائلا: «ما لم نتدارك الموقف فورا فإن الحرب حتمية»، ثم راح يرسم صورة مفزعة لدمار الحرب ونارها وجحيمها، وقال، إن أحدا لا يعرف مخاطر الحرب كما يعرفها هو، فقد مر بأزمات مماثلة، وبخبرته العسكرية السابقة فإنه يستطيع أن يقول: إن الحرب المحتملة سوف تكون شيئا رهيبا وفظيعا، ثم أنهى خطابه بقوله: ألا قد بلغت اللهم فاشهد»، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «حرب الخليج.. أوهام القوة والنصر».

كانت الخطى تتسارع نحو تهيئة المسرح لتنفيذ المخطط الأمريكى، وبتقدير «هيكل»: «كان الرئيس مبارك لا يزال يحاول، واتصل صباح 9 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1990 عند الفجر بالسفير العراقى فى القاهرة نبيل نجم، وطلب إليه أن يتوجه مرة أخرى إلى بغداد حاملا رسالة شفوية منه إلى الرئيس صدام حسين، وكان مؤدى الرسالة أن الرئيس المصرى ينصح نظيره العراقى بأنه إذا تعذر حضور مؤتمر القمة فإنه من المهم أن يوفد وفدا على مستوى عال يتيح له اتخاذ موقف مرن والتجاوب مع الموقف بما يتطلبه من أخذ وعطاء، وعند الظهر يوم 9 أغسطس أُعلن فى بغداد أن وفدا عراقيا عالى المستوى فى طريقه الآن إلى القاهرة، وفى الساعة السادسة مساء هبطت طائرة عراقية خاصة فى مطار القاهرة الدولى ونزل منها وفد عراقى كان بالفعل على أعلى مستوى، فقد رأسه «طه ياسين رمضان» نائب رئيس الجمهورية والرجل الثانى فى العراق بعد الرئيس صدام حسين، وكان الوفد يضم طارق عزيز وهو من المقربين إلى الرئيس العراقى».

يكشف هيكل، أن التوتر بدأ يظهر من أول لحظة فور وصول الوفد العراقى، حيث عرف أنه لن ينزل فى فندق مثل باقى الوفود، وإنما قيل له أن أحد قصور الضيافة خصص لإقامة أعضائه، وتساءل طارق عزيز: لماذا ننزل فى قصر الضيافة بينما كل الوفود الأخرى فى الفنادق؟ وكان الرد، إن الوفد العراقى يواجه مشكلة أمن تجعل حالته مختلفة عن حالة بقية الوفود، وبدأ طارق عزيز يشك ويعرب عن شكه، قائلا: هل المقصود هو حمايتنا أم عزلنا؟ إذا كان الأمر أمر حمايتنا فنحن على استعداد لأن نتحمل مسؤولية أنفسنا، وليس لكم إلا أن تتركونا لمقاديرنا، نحن نثق فى الشعب المصرى»، يؤكد هيكل: «رد عليه مسئول مصرى، قائلا: «المشكلة ليست الشعب المصرى، ولكن القاهرة تموج بعشرات الألوف من الكويتيين الآن».

يذكر هيكل: «لم يكن طارق عزيز على استعداد لأن يقتنع، واعتبرها محاولة لعزل الوفد العراقى تحول بينه وبين الاتصال ببقية الوفود، ثم طرأت مشكلة ثانية، فقد دُعى طه ياسين رمضان لمقابلة الرئيس مبارك مساء يوم 9 أغسطس، واحتج طارق عزيز، وقال: جئنا كوفد واحد ومن الضرورى أن نقابل الرئيس، ثم إننى اعتبر نفسى صديقا شخصيا للرئيس مبارك، ومع أن طه ياسين رمضان أيده فى موقفه فإن الترتيبات لم تتغير، وكانت تقضى بأن يذهب «رمضان» وحده لمقابلة الرئيس مبارك».

ذهب «رمضان» للقاء مبارك، ويذكر «هيكل» روايتهما حول ما حدث، قال مبارك، إن رمضان قال له فى نهاية مناقشة طويلة، إن ضم الكويت للعراق هو إجراء نهائى لا مراجعة فيه ولا عدول عنه لأى سبب، وأن العراق يعتبر هذا قرار وطنيا لا يمكن طرحه للمناقشة عربيا وهو «أى رمضان» يحضر المؤتمر لمناقشة الأوضاع العربية كلها، أما رمضان فيروى، أنه بدأ فقال للرئيس مبارك إن دولا عربية معينة عبرت خط الأمان وتورطت مع الأمريكيين بغير عودة، ولكنهم يثقون به «أى الرئيس مبارك» وإن كانوا فقدوا الثقة بالآخرين».

يعلق هيكل: «الحقيقة أن الوفد العراقى جاء إلى القاهرة يحمل شكوكا كبيرة، فقد كان سفر «ديك تشينى» وزير الدفاع الأمريكى إلى جدة ومعه الجنرال «شوارنزكوف» كافيا لإضاءة أنوار الخطوط الحمراء فى بغداد، وعندما أعلن أن حاملة الطائرات النووية «داويت آيزنهاور» على وشك أن تعبر قناة السويس، كان ذلك كافيا ليجعل أجراس الإنذار تدق».

يضيف هيكل: «بدا العمل السياسى العربى فى تلك اللحظات وكأنه مباراة فى لعبة العلاقات العامة أكثر منه فعلا إيجابيا وإرادة تمسك بزمام الحوادث، وكانت أجواء الحالة المترددة والمتردية فى العالم العربى تعكس نفسها فى قصر المؤتمرات بمدينة نصر».

يؤكد هيكل: «كانت الفوضى تعم داخل أروقة المؤتمر، فلا هيئة الأمانة العامة للجامعة العربية التى تتحمل مسؤولية الإعداد وصلت لتباشر مهامها، وإنما كانت الطائرة الليبية المقلة للأمين العام «الشاذلى القليبى» ومساعديه وصلت بالكاد إلى مطار القاهرة، ولم يكن هناك جدول أعمال قمة».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تعثّر مُبكر.. الأهلي يتعادل 2-2 مع مودرن سبورت فى الجولة الأولى للدورى المصرى

غلق محطة مترو شبرا بالخط الثاني بسبب حريق هائل بمحيطها.. تفاصيل

روسيا وتركيا وإيران يرحبون باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا

اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين ضد حكومة نتنياهو وسط تل أبيب.. فيديو

الأهلى ضد مودرن سبورت.. مشاركة بن شرقى وكوكا بدلا من تريزيجيه وأحمد رضا


حبس التيك توكر نعمة أم إبراهيم لاتهامها بنشر مقاطع مسيئة للمجتمع 4 أيام

محمود سعد يطمئن الجمهور على أنغام: هى مش فى غرفة عزل وهتبقى زى الفل

منتخب كرة اليد يهزم اليابان 36 - 28 فى بطولة العالم للناشئين

بلاغ للنائب العام ضد التيك توكر "مانجو" بتهمة الفسق والفجور

الحسابات الفلكية تكشف موعد شهر رمضان 2026 وأول أيامه


ماركا: محمد صلاح يوجه ضربة موجعة لـ "يويفا" بشأن وفاة "بيليه فلسطين"

بدء عزاء الفنان الراحل سيد صادق بمسجد الشرطة بزايد.. صور

الحرارة تصل لـ46 درجة فى الظل بسبب القبة الحرارية.. تحذير عاجل من الأرصاد

تشكيل الأهلى أمام مودرن سبورت.. شوبير أساسيا وزيزو ومحمد شريف للهجوم

عائلات الأسرى لنتنياهو: إذا قررت احتلال غزة وقتل أبنائنا سنطاردك فى كل مكان

8 مباريات جمعت الأهلى مع مودرن سبورت قبل لقاء الليلة.. إنفو جراف

نجوي كرم تلتقي جمهور تونس في مهرجان قرطاج الليلة

التعليم العالى: غدا انتهاء المرحلة الثانية لتنسيق الجامعات الحكومية والمعاهد

ريبيرو يطلب تقريراً عن "معايشة" مهاجم الأهلي الشاب فى ألمانيا

إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة بطريق السويس الصحراوى.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى