مارين لوبان تتحدى القانون وتستغل أزمة الموازنة الفرنسية لإسقاط الحكومة.. ماكرون يرفض الاستقالة وسط ضغوط شعبية لانتخابات مبكرة.. ومصادر في الإليزيه: الرئيس يبحث عن البديل ويضع وزير القوات المسلحة في أول القائمة

ماكرون
ماكرون
كتبت: هناء أبو العز

 

تدخل فرنسا مرحلة جديدة من الاضطراب السياسي مع تصاعد أزمة الموازنة، حيث وجدت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان نفسها في موقع المتحكم بمسار الأحداث، رغم أنها ممنوعة قانونيًا من الترشح لأي منصب سياسي في الوقت الراهن بسبب إدانتها بالاختلاس، ومع اقتراب تصويت حجب الثقة في الثامن من سبتمبر، تبدو حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو في مهب الريح، في وقت يواجه فيه الرئيس إيمانويل ماكرون ضغوطًا غير مسبوقة.

فمنذ إعلان بايرو عن خطة خفض الميزانية بقيمة 43.8 مليار يورو، راهنت الحكومة على إمكانية استقطاب حزب "التجمع الوطني" الذي تقوده لوبان إلى مسار التوافق، خاصة وأنها لا تستطيع خوض الانتخابات خلال الفترة المقبلة،  لكن ما اعتبره البعض رهانًا عقلانيًا تحول سريعًا إلى حسابات خاسرة؛ إذ أعلنت لوبان بعد أقل من ساعة من دعوة بايرو للتصويت على الثقة أنها ستقود معسكر المعارضة لإسقاط الحكومة، معتبرة أن ثماني سنوات من حكم ماكرون وحلفائه أوصلت فرنسا إلى حافة الانهيار.

وقالت لوبان عبر منصة "إكس": لن يسمح للشعب الفرنسي باختيار مصيره إلا عبر حل البرلمان، ولن يكون هناك تعاف حقيقي إلا بقيادة التجمع الوطني،  بهذا الموقف الحاسم، أنهت زعيمة اليمين المتطرف أي تكهنات حول احتمال وجود صفقة خلف الكواليس مع الحكومة.

وإلى جانب موقف "التجمع الوطني"، سارعت الأحزاب اليسارية إلى إعلان نيتها التصويت ضد الحكومة. وهو ما يجعل بايرو في وضع بالغ الصعوبة، إذ أن فرص نجاته باتت تعتمد على تراجع كبير من نواب الوسط أو اليمين المعتدل، وهو أمر لا يبدو مرجحًا في ظل حالة السخط الشعبي المتصاعدة.

كما أشارت مصادر في قصر الإليزيه إلى أن ماكرون بدأ يبحث عن بدائل في حال سقوط الحكومة، من بينها خيار تعيين وزير القوات المسلحة سيباستيان ليكورنو، لكن جميع السيناريوهات المطروحة لا تمنح الرئيس أفقًا مريحًا، خاصة وأن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن 63% من الفرنسيين يفضلون العودة إلى صناديق الاقتراع، وترتفع النسبة إلى 86% بين أنصار حزب لوبان.

كما يعرف ماكرون جيدًا أن الدعوة إلى انتخابات مبكرة تحمل في طياتها مخاطر جسيمة،ـ ففي العام الماضي، قاد قراره المفاجئ إلى برلمان معلق وإلى حالة من الجمود السياسي المستمرة حتى اليوم، لذا، فإن العودة إلى الخيار نفسه قد تعني تكرار السيناريو الذي يسعى لتجاوزه.

لكن في المقابل، فإن التمسك ببايرو أو أي خليفة آخر من نفس التيار قد لا يكون كافيًا لتبديد الغضب الشعبي أو لإضعاف الزخم الذي اكتسبته لوبان وحزبها.
وعلى الرغم من الحديث المتزايد عن صعود جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني البالغ من العمر 29 عامًا وصاحب الحضور القوي على شاشات التلفزيون، فإن مراقبين يرون أن لوبان لا تزال تتحكم بشكل كامل في استراتيجية الحزب، حتى وهي تواجه العقبات القانونية.

بارديلا لم يتردد في دعوة ماكرون إلى الاستقالة، لكنه فعل ذلك وفق رؤية مرسومة من لوبان نفسها،  وهناك تكهنات حول احتمال أن يدفع الحزب ببارديلا كمرشح رئاسي في المستقبل، على أن تتولى لوبان منصبًا تنفيذيًا رفيعًا في حال فوزه، مثل رئاسة الوزراء، إلا أن متحدث الحزب لوران جاكوبيلي نفى هذه الطروحات قائلاً: "مارين لوبان لا تستسلم أبدًا، ولا يمكنها قبول أن يقود الحزب غيرها في المعركة السياسية."


ورغم حكم المحكمة الذي يمنعها من الترشح، لم تستسلم لوبان، إذ بدأت منذ الربيع الماضي في استشارة محامين وخبراء قانونيين لبحث إمكانية الطعن في الحكم أمام المحكمة الدستورية،  ويؤكد مقربون منها أنها تدرس جميع المسارات الممكنة لتجاوز الحظر المفروض عليها.

بارديلا نفسه أقر بأن الحزب يستكشف كل السبل القانونية لتمكين لوبان من الترشح حتى في حالة حل البرلمان، مشيرًا إلى أن هناك طريقًا قانونيًا ضيقًا لكنه موجود، وأن لوبان مستعدة لخوضه حتى النهاية.

ويكشف المشهد الراهن، أن لوبان رغم القيود القانونية، أصبحت في موقع صنع القرار السياسي في فرنسا، فإذا سقطت حكومة بايرو، سيكون ماكرون أمام خيارات صعبة، بينما يستعد "التجمع الوطني" لاستثمار الموقف لتقوية موقعه الانتخابي والشعبي.

وفي حين لا أحد يعلم إن كان الرئيس سيجازف مجددًا بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، فإن المؤكد أن فرنسا مقبلة على مرحلة جديدة من الاضطراب، حيث يزداد ثقل اليمين المتطرف ويصعب على الحكومة الحالية إيجاد مخرج من الأزمة دون تقديم تنازلات كبرى.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى