"واحد من كل 5 شباب خارج دائرة العمل والتعليم فى إفريقيا".. منظمة العمل الدولية تكشف 70.9 مليون شاب عاطلون عن العمل والتعليم معا في 2025 فى القارة السمراء.. 21% بلا تعليم أساسي.. و 5% فقط يصلون إلى الجامعة

كشفت منظمة العمل الدولية في تقرير حديث عن أزمة غير مسبوقة تهدد مستقبل الشباب الأفريقي في مجالي التعليم والتدريب، حيث تعاني القارة من ضعف واضح في الاستثمارات الموجهة إلى هذا القطاع الحيوي، على الرغم من أنها تحتضن واحدة من أكبر وأسرع الفئات الشبابية نموا على مستوى العالم، وبحسب التقرير، فإن أفريقيا تضم حاليا نحو 426 مليون شاب يمثلون 22.6% من إجمالي شباب العالم، إلا أن الأرقام المستقاة من المسوح الأسرية في نحو خمسين دولة أفريقية تكشف عن واقع مأساوي يعيشه هؤلاء الشباب.
وأظهرت الإحصاءات أن نسبة كبيرة من الشباب الأفريقي لم يحصلوا على تعليم يمكنهم من دخول سوق العمل، حيث أن21% منهم لم يلتحقوا بالمدارس مطلقا أو لم يتجاوزوا مرحلة ما قبل الابتدائي، فيما توقف 46% عند التعليم الابتدائي أو الإعدادي فقط. أما 21% فقد أنهوا المرحلة الثانوية أو التعليم العالي غير الجامعي، في حين لم يحصل سوى 5% على شهادة جامعية، ويبرز التفاوت التعليمي بشكل صارخ في دول مثل تشاد وجيبوتي ومالي والنيجر وموريتانيا، حيث يفتقر أكثر من نصف الشباب إلى التعليم الابتدائي الأساسي، وهو ما يحرمهم من أبسط المهارات في القراءة والكتابة والحساب الضرورية للحصول على عمل لائق.
لم يتوقف التقرير عند الأرقام العامة، بل كشف عن اتساع فجوة النوع الاجتماعى فى الأنظمة التعليمية، حيث تزداد احتمالية عدم التحاق الفتيات بالمدارس مقارنة بالذكور، ورغم التحسن النسبي في مشاركة الإناث في المراحل العليا من التعليم، تبقى العقبة الأكبر أمامهن هي صعوبة الوصول المبكر إلى المدارس وضمان استمرارهن في النظام التعليمي.
ورغم أن التعليم التقني والتدريب المهني يعد أحد أهم الأدوات المعترف بها عالميا لمكافحة بطالة الشباب وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجها سوق العمل، إلا أن معدلات الالتحاق به في أفريقيا تظل ضعيفة للغاية، ففي عام 2022 مثلت البرامج المهنية 3.4% فقط من إجمالي الالتحاق في شمال أفريقيا، و1.8% فقط في أفريقيا جنوب الصحراء، بينما لم تتوفر في بعض الدول أي خيارات مهنية على الإطلاق، وعلى مستوى التعليم الثانوي، تشير البيانات إلى أن 31.2% فقط من طلاب شمال أفريقيا يلتحقون ببرامج مهنية، مقابل أقل من 15% جنوب الصحراء، والأخطر أن الفترتين بين عامي 2000 و2022 شهدتا تراجعا واضحا في معدلات الالتحاق بالتعليم المهني في المرحلتين الإعدادية والثانوية، ما يثير القلق بشأن انكماش دور هذا المسار في الأنظمة التعليمية الرسمية.
أما على مستوى التعليم العالي غير الجامعي، فقد بدت الصورة أفضل نسبيا، حيث يلتحق 84.7% من الطلاب في 27 دولة ببرامج مهنية، وفي 21 دولة من هذه الدول التحق جميع الطلاب تقريبا بالتعليم التقني والتدريب المهني، وللمرة الأولى، تفوقت الإناث على الذكور في نسب المشاركة بواقع 95.2% مقابل 93.5%، ومع ذلك، يظل إتمام هذه البرامج محدودا للغاية بين الشباب، إذ لا يتجاوز 6.5% من الفئة العمرية بين 15 و29 عاما في 43 دولة، وتبرز الفوارق بين الدول بشكل كبير، حيث تصل معدلات الإتمام إلى أكثر من 15% في دول مثل جيبوتي وسيشيل وتنزانيا ومصر وزيمبابوي ونيجيريا وجزر القمر وغينيا وغينيا بيساو وليسوتو، بينما تنخفض إلى أقل من 1% في 13 دولة، وفي الغالب، يميل الذكور أكثر من الإناث إلى إتمام برامج التدريب المهني، باستثناء بعض الدول مثل ليسوتو ورواندا وجنوب أفريقيا حيث سجلت الإناث نسب إتمام أعلى من الذكور.
يؤكد التقرير أن معدلات الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما وغير الملتحقين بأي من العمل أو التعليم أو التدريب ما زالت مرتفعة بشكل مثير للقلق في شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، ففي عام 2025، يقدر أن 70.9 مليون شاب يصنفون ضمن هذه الفئة، أي ما يعادل 23.2% من إجمالي السكان الشباب في القارة، وهو ما يعني أن أكثر من واحد من كل خمسة شباب لا يعمل حاليا ولا يتعلم ولا يشارك في أي تدريب مهني، في وضع ينذر بكارثة اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد تهدد سبل عيشهم ومستقبل مجتمعاتهم.
وتوزعت هذه الأزمة جغرافيا بين شمال أفريقيا، حيث بلغت نسبة الشباب غير الملتحقين بالعمل والتعليم 31%، وأفريقيا جنوب الصحراء التي سجلت 21.8% من شبابها في الوضع نفسه.
إلى جانب أزمة التعليم، يعاني الشباب الأفريقي من نقص حاد في فرص التدريب العملي المبني على العمل مثل التلمذة المهنية والتدريب الداخلي، والتي تعد أداة رئيسية لتزويدهم بالمهارات المطلوبة في سوق العمل، وتظهر البيانات الواردة من 35 دولة أن 35 فقط من كل 1000 شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما يشاركون في مثل هذه البرامج.
ويكشف التقرير عن تفاوت صارخ في المشاركة، إذ تتجاوز 50 شابا من كل 1000 في دول مثل بنين ونيجيريا وغامبيا وغانا والسنغال والكاميرون وسيشيل وغينيا بيساو، بينما تنخفض إلى أقل من شاب واحد من كل 1000 في دول مثل ليسوتو وإثيوبيا، وتظل الفتيات الشابات الأقل استفادة من هذه الفرص، حيث تقل احتمالية مشاركتهن بنحو النصف مقارنة بالذكور، في انعكاس واضح لعدم المساواة في فرص التدريب والتوظيف.

Trending Plus