كيف تنجح بامتحان سنة أولى زواج؟.. الاتفاق على الميزانية يقلل الخلافات.. الدراما تعزز أوهام فترة الخطوبة.. ضعف مهارات التواصل يفاقم المشكلة.. الصدق المبكر يبنى الثقة والأمان.. واعرفى دليل منع تدخلات الأهل

تُعد السنوات الأولى من الزواج المرحلة الأهم والأكثر حساسية فى حياة أى زوجين، فهى الأساس الذى يُبنى عليه استقرار العلاقة أو انهيارها، وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نسب الطلاق خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج هى الأعلى مقارنة ببقية المراحل، حيث سجلت 27.4% من حالات الطلاق عام 2018، وارتفعت قليلا لتصل إلى 27.7% عام 2020.
وأوضحت الدراسة أن متوسط إشهادات الطلاق ارتفع من 25.1 حالة فى الساعة عام 2018 إلى 30.8 حالة عام 2022، وهى أرقام تعكس خطورة التحديات التى تواجه حديثى الزواج.
وغالبا ما تتمحور المشاكل الشائعة فى السنة الأولى حول تدخل الأهل، وإدارة الميزانية، وتوزيع الأدوار المنزلية، واختلاف الطباع والتوقعات، فكيف تتمكن من تخطى هذه التحديات الصعبة بنجاح؟
توقعات الخطوبة وصدمات أول سنة زواج
فترة الخطوبة هى فترة تعارف وتأقلم، بينما السنة الأولى من الزواج تتضمن تحديات ومسئوليات جديدة تتطلب تعديلا وتكيفا، لذلك يقدم لنا خبراء العلاقات أرائهم حول الفرق بين فترة الخطوبة وصدمات أول سنة زواج.
وتقول الدكتورة عزة زيان أستاذ علم الاجتماع والإرشاد الأسرى: توقعات الخطوبة تكون خيالية تكاد تكون أشبه بالمثالية، ولكن فى الحياة الواقعية بعد الزواج يكتشف الزوجان أن تلك الخيالات ما كانت إلا أوهام فقط.
وأضافت عزة: يتم تعزيز تلك الخيالات فى أدمغة الزوجين من خلال الدراما حيث تجعلهم يتخيلون أن تلك المشاهد ستحدث معهم فى الحياة الواقعية بالفعل، ولكن فى الحقيقة ضغوط الحياة ومسئولياتها وأدوار الزوجين تقضى على أوقاتهم وطاقتهم وصحتهم وخصوصا عند إنجاب أطفال، فبالتالى تلك التوقعات تكون ضئيلة الحدوث.
بينما تقول الدكتورة إيمان عبد الله استشارى علم النفس والعلاج الأسرى: فى فترة الخطوبة يظهر الزوجان أجمل ما فيهم، فتلك الفترة يكون التواصل فيها محدودا وغير متكامل الجوانب حيث يكون كل طرف بمفرده بعيدا عن الحياة الواقعية بعد الزواج من التزامات ومسؤوليات وضغوطات.
وأضافت استشارى العلاج الأسرى: فترة أول سنة زواج تعتبر هى الحياة الواقعية حيث إن الاختلاط يوضح العادات والتقاليد الحقيقية لكل طرف، فالزواج يعتبر مسؤولية واحتياجات وأدوار لا بد من أن تتم بشكل متزن.
تابعت إيمان: صدمات أول سنة زواج تحدث بسبب سقف التوقعات العالية، لكن الأحلام تختلف عن الواقع، لذلك إذا عاش الزوجان فى تلك الأحلام والتوقعات فسوف تتحول حياتهم إلى حياة مدمرة فيما بعد، ولتفادى كل ذلك يجب على الزوجان أن يعلموا فى فترة الخطوبة ما هو الواقع الحقيقى بعد الزواج.
استطردت إيمان: من أسباب تصادمات أول سنة زواج هى قلة مهارات التواصل، الإنصات والاستماع، الثقة بالنفس، التفكير الإيجابى، والتحكم فى الذات فتلك المهارات تكون غير كافية لديهم لفتح منزل والتعاون معا، ومن أسباب التصادم أيضا عدم المرونة، وافتقاد القدرة على التفاهم والصبر، فالسنة الأولى تحتاج إلى صبر لفهم الشخص الآخر.
وعند سؤال بعض المتزوجات عن تجاربهم مع توقعات الخطوبة وصدمات أول سنة زواج قالت آية إلياس: "فى فترة الخطوبة تسيطر على الطرفان مشاعر الحب والرومانسية وبيتصوروا إن الأخطاء أو المشاكل الموجودة فى الخطوبة هتتحل بعد الجواز وإن الدنيا هتتغير بس بالعكس مفيش حاجة بتتغير لو فى حاجة مش عاجبة طرف فى فترة الخطوبة لازم ينسحب من البداية".
وتضيف آية: "مفيش حاجة اسمها الحب قادر على صنع المعجزات، الوحش بيفضل وحش فلازم تفكروا بعقلكم وتركنوا المشاعر وخاصة بالنسبة للبنت عشان هى اللى بتشيل الليلة فى مجتمعنا ده حتى لو هى ملهاش ذنب غير إنها آمنت بشخص مكنش المفروض تآمنله أو ذنبها إنها حبت أوى وبزيادة".
بينما قالت فاطمة محمد: «مفيش حاجة مضمونة ومفيش حاجة تقدر تبين حقيقة الشخص اللى قدامك خالص ولا خطوبة ولا أول سنة جواز لازم عشرة ومواقف كتير تبين ده عشان للأسف الخسارة بعدين بتبقى كبيرة على الطرفين خصوصا الزوجة».
أما فاطمة الباشا فقالت: «الأقوال غير الأفعال نهائيا فالظاهر غير الباطن ومهما اتقال فى الخطوبة الطرفين مش هايعرفوا بعض إلا بعد المعاشرة».
وتقول سارة على: «وقت الخطوبة بنتوقع الجانب الخاص بالخروجات والفسح والسفر والحياة الوردى ومش بنبقى مركزين مع المسؤولية، بس بعد الجواز بندرك الواقع، فى الزواج فى فسح وخروجات بس مش كتير زى ما احنا بنبقى متخيلين والمسؤولية بتبقى آكبر على الطرفين بس واحدة واحدة بنتأقلم».
فيما قالت ورود خالد: «الخطوبة شكليات وحياة لطيفة فيها حب ومشاعر وطاقة، لكن الزواج خاصة السنة الأولى بتبقى عبارة عن تكيف وتعود ومشاركة أكبر فى مسؤوليات الحياة فعشان كدة هى بتبقى صدمة من الحياة الوردية للحياة الواقعية بس لو كل طرف سعى إنه يكون صريحا، من أول يوم يوضح جوانب شخصيته شوية للطرف التانى فيقلل حجم المفاجآت اللى بيكتشفها فيه الطرف التانى بعد الزواج، ده هايقلل الصدمات والخلافات.
وتضيف ورود: ولو كل طرف فى وسط الأعباء والواقعية دى من وقت للتانى يحاول يخطف وقت يرجع فيه لأيام الخطوبة والمشاعر والرفاهية ولو لبعض الوقت، فده هيحافظ شوية على توقعات فترة الخطوبة، وممكن يقلل الصدمة اللى بتحصل أول سنة زواج، ويقلل الخلافات اللى بتحصل، وده هيبنى بينهم عشرة وتعود متغلف بنفس الحب والمشاعر والطاقة والحياة اللى كانت موجودة فى الخطوبة».
الإفراط فى تدخل الأهل يفسد الزواج.. تدخل الأهل بشكل مفرط يؤدى إلى زعزعة الثقة بين الزوجين ويخلق حالة من التوتر المستمر خاصة عند مشاركة تفاصيل العلاقة الشخصية دون موافقة الطرفين، فيشعر أحد الزوجين أو كلاهما بفقدان الاستقلالية والخصوصية ما يؤثر سلبا على اتخاذ القرارات بشكل مشترك ويؤدى إلى تراكم مشاعر سلبية يصعب التعامل معها لاحقا، قد تتطور الخلافات البسيطة إلى مشاكل معقدة بسبب تدخلات الأهل حيث يصبح الحوار بين الزوجين مشوشا وتتحول العلاقة إلى ساحة نزاع بين أطراف متعددة.
ولتفادى كل ذلك تشاركنا دكتورة أميمة السيد استشارى العلاقات الزوجية والتربوية رأيها فى كيفية رسم حدود تدخل الأهل فى الحياة الزوجية.
تقول أميمة: الإفراط فى كل شىء غير مستحب، ولكى لا يقع الأزواج فى ذلك الفخ يجب عليهم الاتفاق على كيفية تدخل الأهل فى حياتهم بحيث يكون التدخل غير مفرط وفى نفس الوقت لا يجب مقاطعة الأهل وقطع صلة الرحم معهم.
وتابعت أميمة: وتدخل الأهل فى الحياة الزوجية لا بد أن يكون خطوة بخطوة وألا يتم كشف كل تفاصيل الحياة الزوجية أمامهم، فالزيجات الناجحة هى التى تتمتع بالخصوصية التى لا يجب على أى أحد من أفراد العائلة أن يتخطاها أو يقترب منها.
أضافت أميمة: يجب أيضا أن يكون تدخل الأهل فى المشاكل الزوجية بحدود لأن تدخلهم المفرط يؤدى إلى خلق مشاكل جديدة غير المشكلة الرئيسية، لذلك يجب على كل زوجين أن يتفقا على رسم حدود فعلية لحياتهم، وعند حدوث أى مشكلة يحاولوا مرارا وتكرارا أن يحلوها بأنفسهم، أو يتم الاستعانة بمستشار أسرى، ولكن ذلك يكون بعد تنفيذ أوامر الله باختيار حكم من أهله وحكم من أهلها، وذلك الحكم يجب أن يتميز بالحكمة والرصانة ويجب على الزوجين أن يرتضونه بحيث لا يفاقم المشكلة بينهما وأن يحكم بالعدل دون التحيز لأى طرف.
وأنهت استشارى العلاقات الزوجية حديثها بنصيحة: رسم حدود تدخل الأهل يجب أن يتم منذ فترة الخطوبة بحيث يتفق الزوجان على عدم تدخل الأهل بينهما، وبعد الزواج إذا تدخل أحد أفراد العائلة فى الحياة الزوجية بطريقة مضرة فيجب رفضه، كما يجب الحرص على الحياة الزوجية، فلا تكون تفاصيلها منتشرة على الملأ كما يفعل العديد من الناس على السوشيال ميديا.
ميزانية الأسرة الجديدة.. تساعدك ميزانية عائلية محكمة التنظيم على إدارة نفقاتك اليومية، وتحقيق أهدافك المالية طويلة المدى وتخصيص أموال للطوارئ، والاستثمارات، والتعليم، والإجازات، والمشتريات الكبيرة مع ضمان تلبية احتياجاتك.
تعاون مع شريكك لوضع أهداف وأولويات مالية واضحة، والتواصل الصريح والصادق أساسى لضمان فهمكما المشترك لأهداف الميزانية وكيفية تحقيقها.
لذلك تقول دكتورة عزة زيان أستاذ علم الاجتماع والإرشاد الأسرى: التخطيط للميزانية بين الزوجين يتم من خلال ظروف كل طرف منهما، فمن الممكن الاتفاق على ذلك بين الزوجين من البداية وقت الخطوبة، وإذا كان الزوج يريد الزوجة أن تشاركه فى الميزانية عليه أن يصارحها من البداية حتى لا تحدث خلافات بعد ذلك.
أضافت عزة: لا يوجد وضع أفضل بالنسبة للميزانية فكل زوجين لهما وضع مالى مختلف، فحسب الشخصيات والمواقف وظروف الحياة يتم تحديد ذلك، فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون الاتفاق بين الزوجين فى البداية أن الزوج هو الذى سيتحمل الميزانية كاملة ولكن ظروف الحياة وإنجاب أطفال والتحاقهم بالتعليم يفرض على الزوجة أن تساهم مع زوجها فلا مانع من ذلك إذا كان هناك تراض بينهما.
وتابعت أستاذ علم الاجتماع فى نهاية حديثها: فى حالة قدرة الزوج على تحمل ميزانية الأسرة كاملة ودخله يفيض فيجب على الزوجة فى تلك الحالة ألا تساهم، فالدين والشرع والشريعة أقروا بأن الزوجة لديها ذمة مالية مستقلة وبذلك يكون لها الحق فى عدم المساهمة، كما أن الزوج ليس له الحق فى إجبارها على المساهمة مادام مقتدر ولم يكن هناك اتفاق منذ البداية على ذلك.
المصارحة.. قد نميل إلى إخفاء الأمور عن شريك حياتنا خوفا من رد فعله، وقد نتجاهل مسألة نحتاج لمناقشتها أملا فى تجنب الخلاف، ونتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، وقد يكون هذا مفيدا على المدى القصير، ولكنه على المدى البعيد سيمنع تحقيق الوحدة التى يريدها الله.
لا يمكنكما تجاهل الشفافية إذا كنتما ترغبان فى زواج مرضٍ، وتقول دكتورة جيهان النمرسى أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر: الصدق المبكر بين الزوجين يساهم فى بناء الثقة المتبادلة والشعور بالأمان، كما أنه يفتح بينهما تواصل صادق بدون خوف، ويسمح لهم ذلك بمشاركة مشاعرهم وتوقعاتهم، والقضاء على المخاوف التى من الممكن أن تؤدى إلى عوائق نفسية بينهما، وتهدد الانسجام والتوافق بينهما.
وأوضحت جيهان: أكثر الأزواج توازنا واستقرارا هم الذين يكونون على ثقة وعلى صراحة دائمة، بينما الكذب وعدم المصارحة يؤديان إلى المشكلات التى تتفاقم وتمنع وجود الود بين الزوجين.

الدكتورة إيمان عبدالله استشارى علم النفس والعلاج الأسري

دكتورة جيهان النمرسي أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر

دكتورة عزة زيان أستاذ علم الاجتماع والإرشاد الأسري


Trending Plus