العلاقات الإسبانية- الإسرائيلية.. مدريد تستدعى سفيرها من إسرائيل بعد اتهامها بمعاداة السامية.. سانشيز يعلن عن 9 إجراءات تهدف إلى وقف الإبادة الجماعية فى غزة.. ويولاندا دياز تدعو لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر

دخلت العلاقات الإسبانية-الإسرائيلية منعطفًا حاسما فى تاريخ علاقتهما الدبلوماسية بعد عملية السابع من أكتوبر "طوفان الأقصى"، وبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتفاقمت الأزمة بين تل أبيب ومدريد بعد دعم حكومة بيدرو سانشيز لغزة وتشكيكها في احترام تل أبيب للقانون الإنساني الدولي في حربها على القطاع المحاصر.
ففي أعقاب اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الاثنين الماضى، إسبانيا بـ"معاداة السامية"، بعَيد إعلان رئيس وزرائها سانشيز عن 9 إجراءات تهدف إلى وقف "الإبادة الجماعية في غزة"، استدعت مدريد سفيرها في إسرائيل للتشاور.
وفي معرض رده على سانشيز، قال جدعون ساعر على منصة "إكس": "إن محاولة إدارة سانشيز الفاسدة لصرف الانتباه عن فضائح فساد جسيمة من خلال حملة مستمرة معادية لإسرائيل ومعادية للسامية أمر واضح للجميع".
وأضاف أنه سيتم حظر نائبة رئيس وزراء إسبانيا وزيرة العمل يولاندا دياز من دخول إسرائيل، وأن إسرائيل "لن تقيم أي اتصال معها"، وسارعت مدريد للرد على وزير الخارجية الإسرائيلي رافضة اتهامات إسرائيل لها بمعاداة السامية ووصفتها بـ"الزائفة".
وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أعلن الاثنين الماضى عن سلسلة إجراءات "لوضع حد للإبادة الجماعية في غزة"، تشمل فرض حظر على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل ومنع السفن التي تحمل الوقود للجيش الإسرائيلي من استخدام موانئ البلاد.
ويعد الإعلان آخر موقف علني تندد فيه إسبانيا بالحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أسفرت منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى الآن عن مقتل 64,455 شخصا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى 162,776 إصابة، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.
وأعلن سانشيز في خطاب تليفزيونى أن حكومته قررت اتّخاذ خطوات جديدة وتنفيذ 9 إجراءات إضافية فورية لوضع حد للإبادة الجماعية في غزة وملاحقة مرتكبيها ودعم السكان الفلسطينيين.
وأضاف أن حكومته اليسارية ستقر مرسوما يثبّت حظر عمليات بيع وشراء الأسلحة مع إسرائيل "كقانون"، علما بأنها طبّقت هذا الإجراء منذ اندلاع النزاع.
وقال سانشيز إن القوارب التي تحمل الوقود المخصص للجيش الإسرائيلي ستُمنع من استخدام الموانئ الإسبانية، كما ستتحرك إسبانيا لخفض نقل المعدات العسكرية إلى إسرائيل جوا.
وأضاف أن جميع هؤلاء الأشخاص المشاركين مباشرة في الإبادة وانتهاك حقوق الإنسان وجرائم الحرب في قطاع غزة سيُمنعون من دخول الأراضي الإسبانية.
وتابع أن إسبانيا ستحظر كذلك استيراد منتجات من "المستوطنات غير الشرعية" في الأراضي الفلسطينية بهدف وضع حد للنزوح القسري للسكان الفلسطينيين ودعم حل الدولتين.
كما ستقتصر الخدمات القنصلية للمواطنين الإسبان المقيمين في مستوطنات إسرائيلية غير شرعية على "الحد الأدنى الإلزامي قانونيا من المساعدة"، بحسب سانشيز.
كما أعلن سانشيز عن مشاريع تعاونية جديدة في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والمساعدات الطبية للسلطة الفلسطينية إلى جانب تمويل إنساني إضافي للفلسطينيين.
لماذ يكره الإسبان إسرائيل؟
لقد طرح هذا السؤال السفير الإسرائيلي الأسبق لدى إسبانيا رافاييل شوتز في مقال نشره في صحيفة "هارتس" في 17 أبريل من العام 2014، وأجاب قائلا: "بعد أربعة أعوام على شغلي منصب سفير إسرائيل في إسبانيا، ومع مرور 25 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ثمة تساؤل يُطرح بشأن مستقبل هذه العلاقات، إذ إن المسار الناجح الذي قطعته هذه العلاقات بفضل فيليبي غوانزاليس (رئيس الحكومة الإسبانية من سنة 1982 وحتى سنة 1996) وشمعون بيرس، والعلاقات المتبادلة بين البلدين طوال الربع قرن الماضي، لم ينجحا في إزالة أسوار الجفاء والعداء القائمة منذ نحو 500 عام".
وفي هذا السياق التاريخي الممتد منذ قرون (يرجعها البعض إلى 8 قرون وليس 5) انضمّت إسبانيا إلى «الناتو» عام 1982، وانضمّت إلى الاتحاد الأوروبي (الذي كان آنذاك يُدعى المجموعة الاقتصادية الأوروبية) في الأوّل من يناير العام 1986، ووقتها فرضت هولندا شرطاً أساسياً لقبول الانضمام إلى الاتحاد، وهو "تطبيع العلاقات مع إسرائيل" وقبلت إسبانيا هذا الشرط عبر حزب العمّال الاشتراكي الذي كان حزب الأغلبية وقتها. وهذا يدلّ على كيف أنّ التطبيع مع إسرائيل هو في السياسة الخارجية الأوروبية جزءٌ من «حزمة الإصلاحات» في الاقتصاد والسياسة والمجتمع التي تمّ فرضها منذ نهايات الحرب الباردة، بحيث فرضت إسرائيل كبوابةٍ من بوابات «الحداثة» على أي بلد.
لكن مسيرة التطبيع هذه لم تتطوّر في إسبانيا إلى درجة الحلف الأيديولوجي الوثيق مع إسرائيل، لتصبح العلاقة بين إسبانيا وإسرائيل علاقة تشوبها الكثير من التناقضات.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة كان الموقف الإسباني يتماهى مع مواقف دول مثل البرتغال وبلجيكا وإيرلندا، كما ينسجم مع نبض الشارع الأوروبي الذي اجتاحته المظاهرات المطالبة بوقف الحرب على غزة.
في البداية عارضت إسبانيا على لسان وزير خارجيتها خوسه مانويل ألباريس (عقب اندلاع الحرب في أكتوبر 2023) تعليق الاتحاد الأوروبي المساعدات للفلسطينيين.
وقدمت إسبانيا، التي كانت تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، اقتراحا بعقد مؤتمر للسلام في غضون 6 أشهر.
وفي 26 أكتوبر الماضي، طالبت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية إيوني بيلار الدول الأوروبية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ومعاقبتها بسبب استهداف الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين في غزة.
وفي 25 نوفمبر الماضي، أعلنت بلدية برشلونة قطع العلاقات مع الدولة العبرية بشكل كامل حتى وقف إطلاق النار.
وفي 15 نوفمبر الماضي، تعهد سانشيز بأن تعمل حكومته للاعتراف بالدولة الفلسطينية، داعيا إلى وضع حد لآلة القتل الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة.
وفي 24 نوفمبر وأثناء زيارته لمعبر رفح، قال رئيس الوزراء الإسباني إن "تدمير غزة غير مقبول" و"العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف".
وقررت الحكومة الإسبانية زيادة المساعدات التي تمنحها للفلسطينيين إلى 100 مليون يورو أخرى عكس بعض الدول الغربية التي أوقفت مساعداتها، واتهمت وزيرة المساواة الإسبانية إيرين مونتيرو الولايات المتحدة بـ"التواطؤ" مع "جرائم الحرب" التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
و في 1 ديسمبر، قال سانشيز إنه يشك في أن إسرائيل تحترم القانون الدولي بالنظر إلى عدد الضحايا في غزة جراء القصف الإسرائيلي. وأعلن سانشيز عزم اعتراف إسبانيا بشكل رسمي بالدولة الفلسطينية على حدود 67.
ووجه وزير الخارجية في حكومة نيتنياهو يسرائيل كاتس انتقادات لاذعة ومسيئة لنائبة رئيس الوزراء الإسباني يولاندا دياز التي لم تكتف بالدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية بل لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر.

Trending Plus