أحمد التايب يكتب: اعتماد إعلان نيويورك ضربة مُستقبلية لإسرائيل.. موافقة الأمم المتحدة محطة جديدة من تعزيز الحق الفلسطينى.. والمطلوب التوجه نحو المسار العملى وفقا للغة المصالح.. وهذا ما يجب الانتباه إليه

انتصار جديد للقضية الفلسطينية وضربة قاضية للدعاية الإسرائيلية أقرت الأغلبية الساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان نيويورك الذى يحدد خطوات ملموسة ومحددة زمنيا نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، وما عزز هذا الانتصار تأييد 142 دولة، و10 أصوات معارضة فقط، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت.
القرار ودود الأفعال
الأهم، ردود الأفعال، والتي جاءت مُرحبة بالتصويت وبالموافقة، باعتبار أن القرار بارقة أمل في وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطيني إلى إبادة جماعية، وجرائم حرب ترتكب يوميا في حق الفلسطينيين، دون مراعاة لا للقانون الدولى ولا المعايير الإنسانية، فى تحدٍ سافر للعالم، وللمجتمع الدولى الذى لا زال يُعانى من العجز والفشل في وقف حرب تقتل فيها الأطفال والنساء وتغتال الحقيقة.
الفيتو العقبة الكبرى
صحيح، القرارات الصادرة عن الجمعية العامة تتمتع بقيمة قانونية وفقط، في ظل فشل وعجز وإخفاق مجلس الأمن، الأداة التي من المفترض أن تحول هذه القرارات إلى واقع ينفذ، لكن حق النقض الفيتو من قبل الولايات المتحدة، العقبة الكبيرة أمام تنفيذ هذه القرارات، لكن على الأقل سيتم فتح المجال لدولة فلسطين لأن ترسخ مفهوم السيادة، وتشجع المحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرات الاعتقال توقيف بحق مجرمي الحرب الإسرائيليين.
تعزيز الصمود الفلسطينى
والمهم أيضا أن هذا القرار يعد دفعة معنوية لتعزيز صمود الشعب الفلسطينى على الأرض وتحدى للاحتلال وعصابات المستوطنين وحماية الشعب من جهة، وباعتباره بارقة أمل لدى الشعب الفلسطيني بتحقيق طموحاته بالحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية من جهة أخرى.
ضربة جديدة للدعاية الإسرائيلية
وبما أن إسرائيل دائما ما تعتمد على السردية القائمة على المظلومية لجذب تعاطف الرأي العالمى، وبالتى يشكل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ضربة جديدة لإسرائيل على صعيد الدعاية والدبلوماسية عموما، ولسياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الساعية إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل خاص.
لماذا وصفت واشنطن القرار بأنه خدعة دعائية؟
ما يجب الانتباه إليه، تعاطى الولايات المتحدة مع القرار والعمل على تفريغه من مضمونه خلال الفترة المقبلة وقبل اجتماع الجمعية العمومية، خاصة أنها وصفت التصويت بأنه خدعة دعائية جديدة مضللة وفي وقت غير مناسب قوضت الجهود الدبلوماسية الجادة لإنهاء الحرب، غير أنها تتبع سياسة الخداع الاستراتيجي، حيث تتبنى خطابين الأول داعم للتسوية والهدنة وآخر داعم لإسرائيل بكل المسارات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية والاقتصادية، فضلا عن أهدافها في المنطقة والتي تريد أن تستثمر حرب غزة وإطالة أمد الصراع في تحقيقها.
فنعم ما حدث انتصارا دبلوماسيا لكن يبقى القرار تعبيرا عن المساعي الأممية اليائسة للحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد، في الوقت الذي تخرقه إسرائيل بغطاء من الفيتو الأمريكي على مدار عقود، مما يقوض هذا النظام ويقود إلى منطق الفوضى وفرض الحقائق بالقوة، مما يعطل دور الأمم المتحدة كوسيلة لحفظ السلام العالمي.
لغة المصالح ضرورة حتمية يفرضها واقع مؤلم
لذا من المهم مخاطبة الإدارة الأمريكية بـ"لغة المصالح"، فإسرائيل لا تستطيع أن تعيش بدون الولايات المتحدة، وستضطر للقبول بالقرار إذا غيرت واشنطن موقفها لحماية مصالحها الواسعة مع العالم العربي والإسلامي، في ظل أهمية توظيف أوراق القوة العربية والإسلامية، خاصة أنها كثيرة، وحال تفعيلها سيتغير الوضع تماما، فضلا عن ضرورة بناء تحالف عربي وإسلامي أو ما يسمى باللوبى للتأثير على الرأي العام الأمريكي..

Trending Plus