اعرف بلدك.. مسجد ابن طولون تحفة معمارية أبدعها قبطى

في قلب القاهرة القديمة، وعلى ربوة صخرية كانت تعرف بجبل يشكر، ينتصب مسجد ابن طولون شامخا كأحد أقدم المساجد الباقية على حالتها الأصلية في مصر، بني في القرن التاسع الميلادي بأمر من الأمير أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية، ليكون تحفة معمارية تجسد روح العصر العباسي وتخلد بصمة فريدة في تاريخ العمارة الإسلامية.
بمئذنته الحلزونية المستوحاة من مسجد سامراء، وساحته الواسعة التي تتسع لآلاف المصلين، يروي المسجد قصة مدينة القطائع التي لم يبق منها سوى هذا الأثر العظيم، إنه ليس مجرد مكان للعبادة، بل شاهد حي على عبقرية التصميم، وثراء التاريخ، وتداخل الثقافات التي شكلت هوية القاهرة الإسلامية
أحمد بن طولون
ولد أحمد بن طولون وترعرع بمدينة سامراء فى العراق، ودرس الفقه والحديث بعد حفظ القرآن، وكانت نقطة التحول الكبرى فى حياته بعد وفاة والده وزواج أمه من باكباك الذى تقلد إمارة مصر من قبل الخليفة العباسى المعتز، والذى أناب أحمد عنه فى ولايتها، فبدأ حاكما للفسطاط، واستطاع بسياساته الهادئة توسيع نفوذه ليشمل مصر كلها، بل وامتد إلى الشام وبرقة أيضاً، حتى استقل بمصر عن الخلافة العباسية مكوناً دولة جديدة بزعامته حكمت مصر منذ عام 254ه/ إلى 292هـ.
أمهر مهندسى العمارة
بعدما فرغ ابن طولون من بناء قصره، قرر بناء المسجد، فاستعان بالمعمارى المصرى القبطى "سعيد بن كاتب الفرغانى"، أحد أمهر مهندسى العمارة بمصر فى ذلك الوقت، وطلب منه أن يشيد له مسجداً جامعاً لا تأتى عليه النيران أو تهدمه مياه الفيضان، فإن احترقت مصر بقى، وإن غرقت بقى، ذكر المقريزى أن بناءه كان على جبل يشكر بن جديلة، الذى كان يشرف على النيل ويتاخم بركة الفيل، وبركة هارون، فحقق المهندس رغبته وبنى الجامع من الآجر، "الحجر الأحمر"، ورفعه على دعامات من الآجر أيضا، ولم يدخل فى بنائه أعمدة الرخام، سوى عمودى القبلة، لأن أعمدة الرخام لاصبر لها على النار.

Trending Plus