الخبز المدفون فى الرمل.. غذاء الراعى وسر الحياة فى الصحراء.."القبورى" أسرع طعام يتم تجهيزه فى الأودية الجبلية.. يسهل تحضيره من الماء والدقيق والملح.. ويدفن بالجمر والرمال الساخنة ويقلب على جانبيه.. صور

في أعماق الصحراء الشرقية، وسط الأودية الجبلية الوعرة الممتدة على مسافات شاسعة بطول مدن محافظة البحر الأحمر من الشمال حتى حدود حلايب جنوبًا، يعيش أبناء القبائل المختلفة التي تتوارث تقاليدها جيلًا بعد جيل، وعلى رأسها قبائل العبابدة والبشارية قاطنى حلايب وشلاتين، هؤلاء السكان، سواء من المقيمين في قلب الصحراء أو من سكان المدن الذين لا يزالون يزاولون مهنة الرعي، يمارسون نمط حياة بدوي مميز قائم على البساطة والاعتماد على الطبيعة.
انتشار مهنة الرعى بين سكان سواحل البحر الأحمر
وتعتبر مهنة الرعي، إلى جانب مهنة صيد الأسماك التي تنتشر بين سكان سواحل البحر الأحمر، من أقدم وأهم المهن التي لا تزال حاضرة بقوة في حياة سكان جنوب البحر الأحمر ومع ترحالهم اليومي في مساحات شاسعة من الأرض القاحلة بحثًا عن المراعي والكلأ للإبل والأغنام، يحمل الرعاة معهم عددًا من الأشياء الضرورية، وعلى رأسها أدوات إعداد القهوة المعروفة باسم “الجبنة”، التي لا يخلو منها مجلس، إلى جانب البن والحبهان.
حكاية خبز الصحراء المعروف باسم “القبورى"
لكن هناك عنصرًا غذائيًا أساسيًا لا يمكن الاستغناء عنه في رحلات الرعي، وهو خبز الصحراء المعروف باسم “القبورى”، الذي يمثل وجبة كاملة للراعي أو الضيف العابر، ويتكون هذا الخبز البدوي التقليدي من ثلاثة مكونات فقط الدقيق، والماء، والملح، لكنه يشكل أحد أعمدة المطبخ الصحراوي في تلك المناطق.
من جانبه قال حامد عثمان أحد أبناء قبيلة البشارية، إن خبز القبورى هو وجبة أساسية في حياة البدو لما يتميز به من سهولة وسرعة التحضير، ويعرف أيضًا باسم “عيش الصحراء” بين أبناء القبائل، ويضيف أن هذا الخبز يعد أكثر الأطعمة انتشارًا واستخدامًا خلال التنقلات، حيث يحرص كل راع على أن يحمل معه مكوناته الثلاثة الأساسية ليقوم بإعداده في أي وقت، سواء لإشباع جوعه أو لاستقبال ضيف أو عابر سبيل.
طريق تحضير "القبورى"
وأضاف ابن قبيلة البشارية أن طريقة تحضير “القبورى” تبدأ العملية بجمع فروع الأشجار الجافة المنتشرة في الصحراء، وإشعالها حتى تتحول إلى جمر حار، ثم يخلط الدقيق بالماء والملح حتى تتشكل عجينة ذات قوام متماسك، بعد ذلك، توضع هذه العجينة مباشرة على الرمال الساخنة، ويغطى جانبها بالجمر، ثم تضاف الرمال الساخنة والنار فوقها لتكتمل عملية الطهي، وبعد نضج الجانب العلوي، يتم قلب العجينة على الجانب الآخر لتستوي بالكامل.
وأوضح حامد عثمان أن هذا الخبز يؤكل غالبًا بمفرده دون الحاجة إلى أطعمة مصاحبة، لكنه يمكن أيضًا تناوله كخبز عادي مع الطعام، ويؤكد أن هذه الطريقة التقليدية في إعداد خبز القبورى تعرف جيدًا لدى جميع سكان الصحراء الشرقية، سواء من البشارية أو العبابدة أو الرشايدة، وتمتد هذه الثقافة الغذائية من القصير في الشمال حتى رأس حدربة في أقصى الجنوب، لتظل شاهدة على تراث حي لا يزال يزدهر في قلب الطبيعة القاسية.

إزالة بقايا الجمر والرمال الساخنة من على الخبز

الخبز تحت الجمر والرمال والساخنة

خبز القبورى بعد تجهيزه

عقب تجهيز العجينة بالماء والدقيق والملح

وضع الجمر والرمال الساخنة على العجينة

Trending Plus