قمة الدوحة فى عيون سياسية.. منظمات تراها محطة حاسمة لإعادة تقييم المواقف العربية والإسلامية.. وحقوقيون: القمة تعكس وحدة الصف.. وباحث قانون دولى: فرصة لإظهار التضامن الإقليمى للقضية الفلسطينية

يترقب الوطن العربي والشرق الأوسط قمة عربية إسلامية في قطر يومى الأحد والأثنين القادمين، والتى أعلنت عنها الوكالة القطرية، لبحث تداعيات الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة مؤخراً، ويأمل الجميع في الخروج منها بموقف موحد للدول العربية إزاء ما وصفته قطر بـ"الخرق الخطير للقانون الدولي وسيادة الدول"، فإسرائيل كعادتها دأبت على التهرب من أى مسار تفاوضى جاد ينهي الحرب ويضع حدًا للانتهاكات.
استهداف قطر لا يمكن النظر إليه كحادثة معزولة
ومن جانبها وصفت مؤسسة "مصر السلام للتنمية وحقوق الإنسان" انعقاد القمة العربية ـ الإسلامية الطارئة في الدوحة يومي 14 و15 سبتمبر الجاري، بأنها تأتي في لحظة فارقة بعد الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر في انتهاك صارخ للقانون الدولي ومساس مباشر بمبدأ سيادة الدول، وتؤكد المؤسسة أن أهمية هذه القمة تكمن في قدرتها على بلورة موقف عربي ـ إسلامي موحّد، يضع حدًا لسياسة الإفلات من العقاب التي تمارسها إسرائيل، حيث تمثل القمة في الوقت ذاته اختبارًا حقيقيًا لإرادة الدول العربية والإسلامية في كيفية صناعة قرار جماعي يعكس مصالح شعوبها ويحمي أمنها القومي.
فيما أكد أحمد فوقي، رئيس "مصر السلام"، أن استهداف قطر لا يمكن النظر إليه كحادثة معزولة، بل هو رسالة خطيرة تمس أمن الخليج والمنطقة بأسرها، وتهدد الجهود الإنسانية والوساطات الرامية لإنهاء الحرب في غزة، وأعرب فوقي عن أمله في أن تخرج القمة بقرارات عملية تضع حماية المدنيين وحق الشعوب في الأمن والسلام في صدارة أولوياتها، وتدفع المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
وأشار فوقي إلى أن دول الخليج تمتلك أوراقًا اقتصادية مؤثرة على الساحة العالمية، تمكّنها من ممارسة ضغوط حقيقية على الولايات المتحدة لتغيير مقاربتها تجاه سياسات إسرائيل في المنطقة. وبات ضروريًا أن يقوم الرئيس الأمريكي بلعب دور مختلف يوازن بين مصالح بلاده من جهة، ومصالح شركاءه الخليجيين من جهة أخرى، وهو ما يفرض على واشنطن توفير ضمانات واضحة بوضع حد للجنون الإسرائيلي.
وحذّر رئيس "مصر السلام" من أن إسرائيل دأبت على التهرب من أي مسار تفاوضي جاد ينهي الحرب ويضع حدًا للانتهاكات، بل تواصل سياسة فرض الحصار والتجويع على أكثر من مليوني إنسان في غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. وأكد أن هذه السياسة القائمة على العقاب الجماعي لا تعني فقط إطالة أمد الصراع، بل تمثل جريمة إنسانية ممنهجة تفاقم من معاناة المدنيين، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية للتحرك الفوري لوقف العدوان وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود.
القمة العربية الإسلامية تعكس وحدة الصف العربي والإسلامي
وفي ذات الصدد، أكد وليد فاروق رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، إن انعقاد القمة العربية الإسلامية في قطر يوم الأحد والإثنين من الأسبوع القادم يأتي في ظرف بالغ الخطورة حيث تتصاعد الانتهاكات الجسيمة والجرائم المنظمة التي يرتكبها الكيان المحتل ضد الشعب الفلسطيني والتي لم تقتصر على استهداف المدنيين والأبرياء وتجويعهم بصورة ممنهجة بل امتدت كذلك إلى تهديد أراضي دول ذات سيادة مثل قطر في مخالفة صريحة لأحكام القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وتابع "فارق" إننا أمام لحظة تاريخية تتطلب من القادة العرب والمسلمين تجاوز بيانات التنديد التقليدية والانتقال إلى موقف موحد وملزم يضع حدًا لسياسات الاحتلال القائمة على العدوان والإفلات من العقاب والتطهير العرقي لقد حان الوقت بعد تأخر طويل لاعتماد رؤية عربية وإسلامية مشتركة تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية غير قابلة للتجزئة أو المساومة
وأضاف" وليد "هنا تبرز الرؤية والمبادرة المصرية التي أكدت صحتها الأحداث يومًا بعد يوم باعتبارها الإطار الواقعي والعملي للخروج من الأزمة وهو ما يفرض ضرورة دعمها وتبنيها من قبل جميع الأطراف باعتبارها تعبيرًا عن مسؤولية جماعية تضع حدًا للوضع الكارثي الراهن
واكد "فارق" على الرفض القاطع لأي محاولات للتهجير القسري أو المساس بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في البقاء على أرضه وحقه الأصيل في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وختم وليد فارق رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات قائلًا: إن التحديات الراهنة تضع على عاتق القمة واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا يتمثل في بلورة قرارات عملية تعكس وحدة الصف العربي والإسلامي وتؤكد رفض المساس بسيادة الدول وتعيد الاعتبار لمبادئ العدالة والحرية والكرامة التي كفلها القانون الدولي الإنساني والشرعة الدولية لحقوق الإنسان
فرصة لإظهار التضامن الإقليمي حول القضية الفلسطينية
وفي السياق نفسه قال أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والإقتصاد السياسي أن القمة العربية – الإسلامية الطارئة التي أعلنت قطر عن استضافتها مؤشرًا مهمًا على تصعيد جيوسياسي محتمل في المنطقة، عقب الهجوم الإسرائيلي الأخير على العاصمة القطرية الذي استهدف قيادات في حركة حماس. إن انعقاد هذه القمة في الدوحة ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل خطوة استراتيجية تحمل أبعادًا سياسية ودبلوماسية وأمنية تتجاوز حدود الدولة المضيفة لتطال الإطار الإقليمي والدولي.
وتابع "الديب" أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة يمثل نقطة تحول في مسار العلاقات الإقليمية، إذ أن الاعتداء على أراضي دولة عربية يرفع من سقف المخاطر ويستدعي ردود فعل منسقة على مستوى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. وقطر، بحكم موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها مع الفصائل الفلسطينية، تقع في قلب هذا التوتر، ما يجعل انعقاد القمة في عاصمتها يعكس موقعها القيادي في تحديد جدول أعمال الرد الجماعي وصياغة الموقف العربي والإسلامي الموحد تجاه الهجوم.
وتوقع "الديب" أن تتناول القمة مجموعة من الملفات الرئيسية المرتبطة بالهجوم الإسرائيلي وآثاره المباشرة على المنطقة، وأولها ملف الأمن القومي العربي والإسلامي، حيث من المرجح أن تبحث الدول المشاركة وضع تدابير جماعية لمواجهة الهجمات على الأراضي العربية، بما يشمل تنسيق سياسات الدفاع السيبراني والاستخباراتي، خصوصًا في ظل تكرار الاعتداءات الجوية التي تستهدف القيادات والمقار الرسمية.
وأضاف مستشار المركز العربي للدراسات: أن المناقشان ستتركز على الوضع الفلسطيني، مع إعادة تقييم العلاقة مع حركات المقاومة ودراسة آليات دعم الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية سياسيًا وإنسانيًا، بما في ذلك الضغط على المجتمع الدولي لوقف العدوان وحماية المدنيين.
الأمل في وضع استراتيجية عربية وإسلامية للتعامل مع الضغوط الأمريكية والإسرائيلية
وتابع الباحث في العلاقات الدولية من الملفات المهمة أيضًا التنسيق الدبلوماسي الدولي، إذ يتعين على الدول المشاركة وضع استراتيجية عربية وإسلامية للتعامل مع الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وتحديد موقف موحد تجاه أي محاولات للتسويات الأحادية أو تجاوز القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى ذلك، هنا توقع ببحث التنسيق الأمني الإقليمي من خلال بناء شبكات تعاون بين الدول العربية والإسلامية لمواجهة أي تصعيد مستقبلي، بما يشمل استعراض القدرة على الردع الجماعي سواء عبر السياسة أو الدعم اللوجستي والاقتصادي.
وأضاف يعكس انعقاد القمة في الدوحة مجموعة من المعطيات الأساسية، أولها الاستفادة من المكانة الدبلوماسية لقطر التي حافظت على موقعها كقناة تواصل بين الأطراف المختلفة، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية والدول الكبرى، مما يمنحها قدرة على استضافة محادثات حساسة وحشد دعم إقليمي.
واستطرد مستشار المركز العربي للدراسات أن توقيت انعقاد القمة حساس جدًا، إذ يأتي في سياق تصاعد التوترات الإقليمية، ما يجعل من الدوحة منصة محورية لاحتواء الأزمة ومنع انفلات الوضع إلى صراعات مفتوحة. علاوة على ذلك، هناك ضغوط دولية وإقليمية على الدول العربية للمبادرة بتبني موقف واضح من الهجوم الإسرائيلي، وتقديم دعم جماعي للفلسطينيين دون الانزلاق إلى مواجهات مباشرة مع إسرائيل، وهو ما يعكس تعقيد ملف جدول الأعمال.
وتابع أبو بكر الديب يمكن توقع مجموعة من القرارات الرئيسية التي قد تصدر عن القمة، أولها إصدار بيان شديد اللهجة ضد الهجوم الإسرائيلي، مع التركيز على انتهاك السيادة القطرية وضرورة احترام الحدود العربية. وتأكيد الدعم السياسي والإنساني للشعب الفلسطيني وربما إطلاق مبادرات عاجلة لتقديم المساعدات أو تسريع جهود إعادة إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وأيضًا الدعوة إلى تنسيق أمني وعسكري غير مباشر بين الدول المشاركة، خصوصًا على صعيد تبادل المعلومات الاستخباراتية وتطوير آليات مشتركة للردع والإنذار المبكر ضد أي اعتداءات مستقبلية، وتسعى الدول المشاركة إلى فتح قنوات دبلوماسية جديدة مع دول إسلامية وعربية أخرى لتوسيع شبكة الدعم والمساندة، وربما إعادة النظر في بعض العلاقات مع إسرائيل في ضوء الاعتداء الأخير، كذلك من المتوقع أن يتم توجيه رسائل سياسية واضحة للقوى الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة، للضغط على إسرائيل للالتزام بالقرارات الدولية ووقف العدوان على الأراضي العربية.
احتمالية تنسيق عربي – إسلامي للأمن والمقاومة تزيد من التحديات الاستراتيجية أمام تل أبيب
وتابع "الديب" القمة ستؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على مواقف الولايات المتحدة وإسرائيل.. بالنسبة لإسرائيل، فإن موقف عربي وإسلامي موحد ضد الهجوم على قطر يرفع من مستوى الضغط السياسي والدبلوماسي عليها، وقد يقلل من هامش المناورة الذي اعتادت عليه في العمليات العسكرية خارج حدودها.. كما أن احتمالية تنسيق عربي – إسلامي للأمن والمقاومة قد تزيد من التحديات الاستراتيجية أمام تل أبيب، خاصة إذا ارتبطت القرارات العربية بدعم مالي ولوجستي للفلسطينيين.
وأوضح مستشار المركز العربي للدراسات بالنسبة للولايات المتحدة، فإن القمة تفرض تحديًا دبلوماسيًا، إذ يُتوقع أن تضطر الإدارة الأمريكية إلى مراجعة سياساتها في المنطقة ومحاولة إدارة الأزمة بما يحفظ مصالحها دون مواجهة مباشرة مع الدول العربية والإسلامية، وهو ما قد يحد من قدرتها على الضغط على الفصائل الفلسطينية أو تمرير أي تسوية أحادية.
تسعى الدول المشاركة إلى تعزيز وحدة الصف العربي والإسلامي
وأضافة "الديب" القمة قد تخلق ضغطًا على واشنطن لإظهار موقف متوازن أكثر، وتقديم مقترحات توقف التصعيد العسكري، بينما تظهر الولايات المتحدة أمام الحلفاء العرب والإسلاميين بوصفها وسيطًا متفهمًا للمخاوف الأمنية والسيادية. كما أنها تمثل فرصة لإعادة ترتيب الأوراق العربية والإسلامية في مواجهة أي تهديدات مستقبلية، إذ يُتوقع أن تسعى الدول المشاركة إلى تعزيز وحدة الصف العربي والإسلامي لتقليل الانقسامات التي سبق أن استغلتها إسرائيل، كما أن قطر ستسعى إلى إبراز دورها كوسيط رئيسي قادر على إدارة أزمات حساسة والحفاظ على مصالحها الإقليمية. كما قد يتم استخدام هذه القمة لتحريك ملفات طويلة الأمد، بما يشمل دعم الفلسطينين وحماية الأراضي العربية ووضع أطر سياسية جديدة لتنسيق المواقف الدولية.

Trending Plus