الكنيسة تحتفل بعيد الصليب 27 سبتمبر.. رمزية الريحان والرمان فى طقس مميز.. تُرفع الصلوات لأجل سلام العالم وثبات الإيمان فى القلوب.. موائد للمحبة وتوزيع الفاكهة والزهور بين الأهل والجيران

الكنيسة الأرثوذكسية
الكنيسة الأرثوذكسية
كتب: محمد الأحمدى

تستعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر والعالم للاحتفال بعيد الصليب المجيد يوم 27 سبتمبر الجاري، وهو أحد الأعياد الكبرى التي تحيي فيها الكنيسة ذكرى العثور على خشبة الصليب المقدس، أداة الخلاص ورمز الانتصار الروحي. ويُعد هذا العيد من المناسبات التي تحتل مكانة خاصة في قلب كل مسيحي، إذ يربط بين الإيمان والتاريخ والطقس الشعبي الذي ينعكس في الأيقونات والترانيم والأطعمة والرموز.

تحتفل الكنيسة، بحسب تقويمها الطقسي، بعيد الصليب 3 مرات فى السنة: فى 17 توت (27 سبتمبر)، وهو العيد الأكبر، وفي 10 برمودة (19 أبريل) حيث تذكار ظهور الصليب على يد الإمبراطور قسطنطين الكبير، وأيضاً في 7 مايو بمناسبة اكتشاف الملكة هيلانة للخشبة المقدسة. إلا أن الاحتفال في سبتمبر يظل الأوسع والأكثر طقساً وشعبية، إذ يأتي في بداية العام القبطي الجديد ويمنح المؤمنين دفعة روحية متجددة.

طقوس كنسية وروحية
 

وفى صلوات الكنيسة خلال هذا العيد، يتزين المذبح بالزهور والريحان، وتحمل الأيقونات صورة الصليب متوجاً بالورود، بينما تُتلى الألحان الخاصة بالعيد ومنها "إفلوجيمينوس" (مبارك الآتي باسم الرب). كما تُرفع الصلوات لأجل سلام العالم وثبات الإيمان في القلوب.

قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اعتاد أن يؤكد في عظاته بهذه المناسبة أن الصليب ليس مجرد خشبة، بل هو "قوة الله للخلاص"، ورمز لاحتمال الألم برجاء القيامة. فالصليب بالنسبة للأقباط ليس علامة حزن بل علامة نصرة، ومن هنا تأتي فرحة العيد وتقديس الطقوس المرتبطة به.

الريحان: رائحة البركة والخلود
 

ومن أبرز الرموز المصاحبة للاحتفال الريحان، الذى يوضع في الكنائس والبيوت مع الصليب. ويرجع ذلك إلى دلالته الروحية في التراث المسيحي، حيث يرمز إلى الحياة الأبدية ورائحة القداسة.

الريحان نبات عطري أخضر دائم الخضرة، ولذلك ارتبط بالخلود وبالنعيم السماوي. كما أن رائحته الزكية اعتُبرت عبر القرون رمزاً لعمل النعمة الإلهية التي تبهج النفس وتملأها بالسلام. لذلك يُزين به الصليب في العيد، وتُوزع أوراقه على المصلين بعد القداسات، فيأخذها كل شخص كتذكار بركة، يحتفظ بها في بيته أو يضعها في كتاب الإنجيل.

الرمان: رمز الحياة والقيامة
 

وأما الرمان فهو من الفواكه المميزة التي ترتبط بعيد الصليب. في التراث المسيحي، يشير الرمان إلى الحياة الجديدة والقيامة، إذ أن حباته الكثيرة والمتماسكة داخل ثمرة واحدة ترمز إلى وحدة المؤمنين داخل الكنيسة، وتدل على كثرة البركات والثمار الروحية التي يمنحها الصليب للمؤمنين.

الرمان أيضاً ارتبط فى الكتاب المقدس بالخصب والنماء، فقد ورد ذكره في سفر الخروج كسمة من سمات الزينة في ثياب رئيس الكهنة. وفي العيد، يضع كثير من الأقباط ثمار الرمان بجوار الصليب المزدان بالريحان، ويأكلون منه كرمز للتجديد الروحي والفرح الداخلي.

أبعاد روحية وشعبية
 

عيد الصليب لا يقف عند الطقس الكنسى فقط، بل يمتد إلى الممارسات الشعبية داخل الأسر القبطية. ففي هذا اليوم، تحرص العائلات على تقديم أطباق مزينة بالريحان والرمان، ويُزين الأطفال بتيجان صغيرة تحمل شكل الصليب وأغصان الريحان، في مشهد يرسخ الرموز في وعي الأجيال الصغيرة.

وتعكس المناسبة جانباً من التلاحم الاجتماعي، حيث تُقام موائد محبة وتُوزع الفاكهة والزهور بين الأهل والجيران. ويُعتبر ذلك امتداداً لروح المشاركة التي يمثلها الصليب ذاته كعلامة للبذل والعطاء.

الصليب فى الوعي المسيحي
 

ويرى آباء الكنيسة أن الصليب هو "مفتاح الفردوس"، وأن المسيحية بدونه تفقد جوهرها. فهو أداة الفداء، ورمز للمصالحة بين السماء والأرض. لذلك لا عجب أن الكنيسة تُخصص له عيداً بارزاً في بداية العام القبطي، ليكون بمثابة تجديد للعهد مع الله ودعوة للاحتمال والصبر.

وفي وعظات كثيرة، يوضح الآباء أن المؤمن حين يحمل صليبه اليومي – أي مشقاته وآلامه – بروح الرجاء، فإنه يدخل في سر العيد ذاته. فالصليب ليس حدثاً ماضياً فحسب، بل خبرة يومية يعيشها كل إنسان في مواجهة التحديات بروح الانتصار.

الدلالات اللاهوتية والإنسانية
 

ويؤكد اللاهوت المسيحي أن الصليب جمع بين الألم والمجد، وبين الموت والحياة، ولذلك فإن الاحتفال به يحمل أبعاداً إنسانية عميقة. فالمؤمنون يجدون فيه دعوة للسلام الداخلي، وللتسامح مع الآخرين، وللتمسك بالقيم الروحية وسط عالم يموج بالاضطرابات.

كما أن رمزيتي الريحان والرمان تذكّر الأقباط بضرورة الثبات في الإيمان (كالريحان الذي لا يذبل) والإثمار بالفضائل (كحبات الرمان الكثيرة). وهذا ما يجعل العيد محطة للتأمل في كيفية تجديد الحياة الروحية والانطلاق إلى عام قبطي جديد مفعم بالبركة.

فرح يتجاوز الحدود
 

ورغم الطابع المحلي للاحتفال في مصر، إلا أن عيد الصليب يُحتفل به في شتى الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية حول العالم، كلٌ بحسب تقليده. وفي جميع الأحوال، يبقى الصليب هو الرابط الجامع بين المسيحيين، والعيد فرصة لإظهار الوحدة الروحية.

وفي مصر، يحمل العيد أيضاً بعداً وطنياً، إذ يشارك المسلمون جيرانهم الأقباط بالتهنئة وتبادل الورود والثمار، في مشهد يؤكد أن الرموز الدينية يمكن أن تصبح جسوراً للتلاقي.

ويأتي عيد الصليب فى 27 سبتمبر الجاري ليجدد في وجدان الأقباط معنى الانتصار بالإيمان، وليعيد إلى الذاكرة رمزية الريحان كعطر البركة والخلود، والرمان كرمز للحياة والقيامة. وبين الطقس والرمز، والكنيسة والبيت، يبقى الصليب علامة حيّة للرجاء والفرح، تنير درب المؤمنين مع بداية عام جديد.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

برنامج بدنى مكثف لتجهيز أحمد عبد القادر فى الأهلى بفرمان النحاس

الزمالك يستقر على فتح ملف تجديد عقد دونجا

نجوم الغناء يستعدون لتسجيل أغنيات سينجل جديدة.. وبهاء سلطان في المقدمة

تفاصيل الحالة الصحية لـ إمام عاشور بعد نقله للمستشفى

قبل بدء أولى جلسات محاكمتها.. أبرز اعترافات قاتلة زوجها وأطفاله الستة بالمنيا


رونالدو يتصدر قائمة الرياضيين الأعلى دخلاً فى العالم 2024 متفوقاً على ميسي

حكاية قصر الصفا بالإسكندرية.. أحد القصور الرئاسية الخالدة فى عروس البحر المتوسط.. شُيد فى القرن التاسع عشر على يد الكونت الفرنسى "إتيان زيزينيا".. وخبير أثرى: تسميته جاءت تيمنًا بالصفا والمروة فى مكة.. صور

زى النهارده.. وليد صلاح الدين يقود الأهلى للفوز بالبطولة العربية بهدف عالمي

دار الإفتاء المصرية توضح حكم قتل القطط والكلاب الضالة

موعد مباراة الأهلى القادمة أمام سيراميكا فى الدوري المصري والقناة الناقلة


خطر يهدد فنجان القهوة اليومى.. قانون أوروبى جديد يمنع دخول أى منتجات مرتبطة بإزالة الغابات اعتبارا من 2026 لتسببها فى ارتفاع نسبة الكربون بالغلاف الجوى.. خطوة تهدد المزارعين وتعيد رسم خريطة التجارة العالمية

البنك الأهلي راحة فى الجولة السابعة بالدوري

موعد كلاسيكو الزمالك والإسماعيلى فى الدوري والقناة الناقلة

أوروبا بين فكّى واشنطن وروسيا.. ضغوط ترامب وتهديداته بشأن الطاقة الروسية تكشف الانقسام الأوروبى بين دعاة الحظر والمخاوف الاقتصادية.. وبروكسل تلتزم بالتخلى عن الوقود الروسى بحلول 2028 وسط شتاء ينذر بأزمة غاز

اعتراف صادم من رئيس الأركان الإسرائيلى: احتلال غزة لن يُنهى حماس

بثلاث ثنائيات.. برشلونة يكتسح فالنسيا بسداسية في الدوري الإسباني "فيديو"

نتنياهو يغيّر مسار رحلته إلى أمريكا بسبب المحكمة الجنائية الدولية وجرائم غزة

بلال للاعبى الأهلى: بالذمة أنتم مش مكسوفين من نفسكم.. واحذروا غضب الجمهور

أشهر تاجر كيف.. تفاصيل جديدة عن واقعة "شارون حدائق القبة"

وزارة التضامن تكشف فحص حالة "فتيات كهف حلوان"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى