رئيس الأركان العامة للجيش الليبى فى أول حوار له: تربطنا بمصر مصالح تتعلق بالأمن القومى المشترك ومحاربة الإرهاب.. نواصل مسيرة بناء الجيش رغم حظر التسليح المفروض علينا.. ونحلم بليبيا نموذجا للأمن والاستقرار

- مدينة «المشير العسكرية» الأكبر فى شمال أفريقيا
- الشعب الفلسطينى بحاجة إلى موقف عالمى صارم يوقف نزيف الدموالجرائم البشعة فى غزة تمثل وصمة عار على جبين الإنسانية
الفريق أول ركن خالد حفتر: نستفيد من الخبرات المصرية فى تطوير قدراتنا.. لا نتردد أبدا فى تسليم إرهابيين تطلبهم القاهرة
الجيش يسيطر على أكثر من ثلاثة أرباع مساحة ليبيا.. الإرهاب استغل الفراغ العسكرى فى الساحة الليبية
قضينا عليه بإطلاق ثورة الكرامة.. والقوات المسلحة تواكب التطور العلمى نظريا وعمليا
أكد رئيس الأركان العامة للجيش الوطنى الليبى، الفريق أول ركن خالد حفتر، أن مصر وليبيا يربطهما أمن قومى مشترك، وأن البلدين شريكان فى محاربة الإرهاب وإرساء الأمن والاستقرار فى المنطقة بأسرها، مشيرا إلى وجود عدة مجالات للتعاون الأمنى والعسكرى وتبادل المعلومات، مشددا على أن ليبيا لا تتردد أبدا فى تسليم إرهابيين مطلوبين للعدالة المصرية، كما حدث مع الإرهابى هشام عشماوى.
أشار «حفتر» فى أول حوار صحفى لـ«اليوم السابع»، بعد توليه منصب رئيس الأركان العامة للجيش الليبى، إلى أن مصر دولة تتمتع بثقل فى المنطقة، ويمكن الاعتماد عليها بكل ثقة، مؤكدا استفادة ليبيا من الخبرات المصرية فى مجالات التدريب العسكرى، وأن العديد من الضباط والجنود الليبيين يتلقون التدريب فى مصر، بالإضافة لضباط على مستوى عال من الكفاءة تخرجوا فى كليات عسكرية مصرية..وإلى نص الحوار:
ما رؤيتكم فيما يتعلق بمنصبكم الجديد كرئيس أركان وما هى محاور خطة العمل التى ستتبناها خلال الفترة المقبلة؟
رئاسة الأركان العامة للجيش الليبى ليست وليدة اليوم، هى مؤسسة قائمة وتؤدى دورها على أكمل وجه وفق العقيدة الدفاعية للجيش الليبى، وينظم عملها واختصاصاتها بوضوح قانون صادر عن مجلس النواب.
كما يحدد القانون موقعها فى الهيكل التنظيمى للقوات المسلحة الليبية، وهى المسؤول المباشر على الجانب العسكرى من الناحية الفنية، من حيث التنظيم والتجهيز والتدريب والإدارة والحفاظ على الجاهزية القتالية، وهى المسؤول أيضا عن كل فروع الجيش وهيئاته وإداراته ووحداته المستقلة، ولها اختصاصات واسعة فى الشأن العسكرى.
يعتمد أداء الجيش على قدرة رئاسة الأركان على التنظيم وحسن الإدارة والسيطرة، وعلى تحديد احتياجاته بدقة وتوفيرها، والعمل على تطوير القدرات البشرية المتمثلة فى الضباط وضباط الصف والجنود المنتسبين للقوات المسلحة، وكذلك مواكبة التطور العلمى فى العلوم العسكرية نظريا وعمليا.
هذا التطور يشمل أيضا مجاراة التكنولوجيا الحديثة فى التسليح والاستطلاع والإمداد والمخابرة، وفى التخطيط العسكرى أيضا وغيرها من الشؤون العسكرية.
ومن هنا، فإن الرؤية تستند إلى مبدأ التطوير المستمر، لأنه لا يمكن أن تواجه اعتداء يستخدم أحدث التقنيات والخطط العسكرية بمعدات تقليدية تجاوزها الزمن وبعقلية عسكرية جامدة غير قادرة على استيعاب التطور، هذا هو مشروعنا الذى يعتمد عليه بناء الجيش الليبى.
نحن نعمل حاليا فى رئاسة الأركان على إجراء تقييم شامل ودقيق من جميع الجوانب للمستوى الذى وصلت إليه الأركان النوعية، والتأكد من عدم وجود أى نقاط ضعف قد تؤثر سلبا على أدائها، وإن وجدت، تتم معالجتها على الفور.
ما تفاصيل مباحثاتكم مع الجانب الروسى؟
المباحثات التى أجريناها مع القيادات العسكرية فى موسكو تدخل ضمن السعى لتطوير القدرة العسكرية للجيش الوطنى الليبى، خاصة فى مجالات التدريب، وباختصار شديد المباحثات كانت ناجحة.
نحن نركز على هذا الجانب، لأننا نعتبر أن التدريب من أهم عناصر التفوق على العدو، فالتدريب عملية صقل وإعداد بدنى وذهنى ونفسى، ويشمل ضمان القدرة على التعامل مع التقنية العسكرية الحديثة، فمجالات التدريب ليس لها حدود، وهى مؤسسة على بحوث ودراسات علمية، فكل صنوف الجيش وأركانه أساسها التدريب.
كيف تحولت ثورة الكرامة من فكرة إلى نواة لبناء جيش وطنى ليبى قوى متقدم فى التصنيف الأفريقى؟
أولا، اسمح لى بالتصحيح، بأن ثورة الكرامة لم تكن مجرد فكرة، بل ردة فعل طبيعية على الجرائم البشعة التى كان يرتكبها الإرهاب فى حق مواطنينا الأبرياء، وهى نابعة من طبيعة وأصالة الشعب الليبى الذى يرفض الذل والضيم، ومستعد لأن يضحى بأغلى ما لديه من أجل كرامته.
رغم أن الجيش الليبى من الناحية التاريخية قد تأسس منذ عقود، فإن الجيش الذى تراه اليوم قد أسسته ثورة الكرامة كتحصيل حاصل للمواجهات العنيفة فى الميدان بيننا وبين الإرهاب.
ثورة الكرامة هى التى أنجبت هذا الجيش، وهى التى ترعاه وتحرص على أن يبلغ أعلى مستويات الأداء، ويواجه بكل صلابة أى مؤامرة تستهدف تماسكه وتسعى إلى إضعافه.
الفراغ العسكرى فى الساحة الليبية الذى استغله الإرهاب هو الذى مكنه من إحكام قبضته على المشهد بكامله، وشجعه على أن يمارس أبشع الجرائم وأن يتحكم فى رقاب الليبيين، لذلك كان من الطبيعى سد هذا الفراغ حتى لا تتكرر المأساة ويعود الإرهاب من جديد.
تجربتنا مع الإرهاب كانت قاسية إلى درجة يصعب وصفها، وليس من سبيل لمنع تكرارها إلا بناء جيش قوى يمنع الإرهاب من مجرد التفكير فى العودة إلى الساحة الليبية، لأنها ستكون مقبرة له ولا يمكن أن نتصور أن تنتهى معركتنا مع الإرهاب بالنصر دون أن يرافق ذلك بناء الجيش وتأسيسه على قواعد صلبة، تدعمه الحاضنة الشعبية أولا، ويكون على أهبة الاستعداد لمواجهة أى خطر يهدد الوطن.
الجيش ليس فقط لمنع عودة الإرهاب، بل هو مسؤول أمام الشعب الليبى عن دحر أى عدوان خارجى، ومسؤول أيضا عن الاستقرار الأمنى والسلم الاجتماعى وحماية المرافق الحيوية للدولة ومواردها الطبيعية.
الخلاصة أن بناء هذا الجيش هو نتاج طبيعى لانتصارنا على الإرهاب، والفضل بعد الله يعود لثورة الكرامة وقائدها، ولكل من حمل السلاح وقاتل فى صفها أو وقف إلى جانبها ولو بكلمة.
ما العوامل التى مكنت القوات المسلحة الليبية من القضاء على الإرهاب فى شرق وجنوب البلاد؟
العوامل متعددة ومتنوعة، لكن أهمها هو مفهوم الكرامة عند الليبيين، فالإرهاب استهدف كرامة الليبيين ومن هنا وضع نفسه فى المحظور، ومن هنا أيضا أطلق المشير خليفة حفتر اسم الكرامة على حربنا ضد الإرهاب.
الكرامة بالنسبة لنا كمفهوم مقدس مرتبط بالقيم الإنسانية هو خط أحمر لا يجوز أبدا الاقتراب منه، ناهيك عن تجاوزه.
عندما شعر الليبيون أن كرامتهم قد مسها الإرهاب حملوا السلاح وأعلنوا المواجهة ضده، وأصروا على النصر مهما كان الثمن، لأنه لن يكون أغلى من الكرامة، ولأن الحياة برمتها تفقد معناها وقيمتها إذا انتزعت منها الكرامة.
ومن هنا نشأت الإرادة القوية فى تحقيق النصر، العوامل الأخرى هى مكملة لهذا العامل الأساسى الذى أدى إلى القضاء على الإرهاب، وهى بلا شك أساسية ولا يمكن إهمالها، ويدخل ضمنها حسن التخطيط فى مركز القيادة وغرف العمليات والسيطرة ورصد تحركات العدو وتجمعاته، والمباغتة فى الهجوم، والانضباط لدى المقاتلين والالتزام التام بما يصدر لهم من تعليمات من القيادة العليا المتمثلة فى القائد العام للجيش الليبى.
يدخل ضمن ذلك أيضا العمل الدؤوب المتواصل لتوفير السلاح والذخيرة، رغم الحظر الدولى على تسليحنا، الحاضنة الشعبية والقبائل لعبت دورا مهما ومتقدما فى دعمنا ميدانيا منذ البداية حتى يوم إعلان التحرير.
وبلا شك، فإن ما اتسم به المقاتلون فى صفوفنا من شجاعة واستعداد للتضحية كان له الدور البارز فى تحقيق النصر، ولا ننكر أبدا دور بعض الدول الشقيقة والصديقة ووقوفها إلى جانبنا.
كيف نجحت المؤسسة العسكرية الليبية فى استقطاب آلاف الشباب للانضمام للجيش خلال السنوات الماضية؟
ما حققته المؤسسة العسكرية من مكاسب على صعيد الأمن والاستقرار، وفى مقدمتها هزيمة الإرهاب، وما قدمت من تضحيات، أكسبها ثقة المواطن الليبى واعتزازه بها وبقيادتها، وقد تولد انطباع حقيقى لدى المواطن بأن المؤسسة العسكرية الليبية يحكمها الانضباط والحرفية، وتكاد تكون المؤسسة الوحيدة التى حققت إنجازات ملموسة ظاهرة للعيان على أرض الواقع، استفاد منها المواطن بشكل مباشر، وشعر فى وجودها بالحماية والأمان.
كما أن المنتسبين بالقوات المسلحة الليبية ينقلون لأهلهم وأقاربهم وأصدقائهم كيف أن العمل فى هذه المؤسسة صنع منهم محترفين ومتخصصين فى مجالات عسكرية وأمنية مختلفة على مستوى عال من المهنية.
المؤسسة العسكرية الليبية تعتمد مناهج علمية متطورة فى كلياتها وأكاديمياتها العسكرية، ويحظى المنتسبون لها باهتمام المؤسسة بظروفهم، حيث تقدم لهم العديد من المزايا، هذه جملة من العوامل التى شجعت الشباب على الانتساب للمؤسسة العسكرية.
وقبل كل ذلك، يأتى الشعور المتنامى لدى المجتمع الليبى متمثلا فى قبائله وأسره بمسؤولية حماية الوطن والدفاع عنه، خاصة بعد تجربتهم المريرة عندما سيطر الإرهاب على كل مناحى الحياة، ما دفعهم إلى تشجيع أبنائهم على الالتحاق بالمؤسسة العسكرية، ليكونوا حماة الوطن.
كيف جاءت فكرة إنشاء مدينة عسكرية فى بنغازى وما تفاصيل المشروع ومراحله ومتى يتم افتتاحها؟
المشروع انطلق فى عام 2022، وفى البداية لم يكن المخطط إنشاء مدينة عسكرية، بل مجموعة مراكز للتدريب فى مختلف المجالات العسكرية، ومع ظهور ملامح المشروع على أرض الواقع، زار المشير خليفة حفتر الموقع فى 2024، واطلع على ما تم تنفيذه فى المراحل الأولى، وأبدى ارتياحه لما تم إنجازه، ومن خلال تقييمه للموقع من حيث المساحة وتنوع مجالات المشروع، وكنتيجة لما يوليه من اهتمام خاص بمسألة التدريب فى القوات المسلحة الليبية، رأى «حفتر» أن يتطور المشروع إلى بناء مدينة عسكرية متكاملة، وهذا يعنى التوسع فى التخصصات وفى الإمكانيات، من حيث البناء والسعة الاستيعابية وأطقم التدريب وتوفير أحدث التقنيات المستخدمة فى التدريب الحديث، إضافة إلى إنشاء مرافق أخرى مكملة للمشروع. أصدر «حفتر» تعليماته ليصبح المشروع هو بناء مدينة عسكرية متكاملة تعتمد على التقنية الحديثة، وعلى آخر ما توصلت إليه العلوم العسكرية فى مجال التدريب العسكرى.
على الفور، اتخذت الإجراءات اللازمة لذلك، وأطلقنا على المشروع اسم «مدينة المشير العسكرية»، وقد تم الافتتاح فى الاستعراض العسكرى الكبير الذى احتضنته المدينة العسكرية فى 26-05-2025، فى حضور المشير ورؤساء الأركان وعدد كبير من القادة العسكريين ووفود رسمية من بعض الدول الصديقة.
تبلغ مساحة المدينة 20 ألف كيلو متر مربع، وتضم مراكز تدريب فى مجالات مختلفة، من بينها مركز للقوات الخاصة، وبها أبنية تحتوى على أجهزة خاصة للمحاكاة، ومركز تربية وطنية للمتفوقين بها أيضا ميادين للتدريب على الرماية ومستشفى وملاعب رياضية ومتحف ومعرض عسكرى، وبها مركز رياضى كامل التجهيز للياقة، وعمارات سكنية للضباط وضباط الصف، وتستقبل المدينة وافدين من الخارج للتدريب، وفقا لاتفاقيات، وأهم ما يميزها أن أطقم التدريب ليبية، وهى الأكبر فى شمال أفريقيا.
لكم دور بارز فى تشكيل وحدات عسكرية احترافية.. هل لديكم رؤية لاستحداث وحدات جديدة وما هى أبرز التحديات التى تواجهكم؟
استحداث وحدات جديدة بالجيش الليبى يعتمد أولا وأخيرا على مدى الحاجة إليها، وهذا لا يتم إلا بعد عملية تقييم شامل لقدرة الأركان على تنفيذ مهامها التى ينص عليها القانون فى ظل الظروف القائمة، وما أن يتبين لنا من خلال التقارير، الحاجة إلى استحداث وحدات جديدة نقوم بإعداد تصور كامل لها، ونعرضه على القائد العام صاحب القرار.
ما نقوم به حاليا هو مواصلة مسيرة بناء الجيش الليبى التى بدأت مع انطلاق معركة الكرامة، وهى بلا شك مسيرة شاقة تواجه العديد من التحديات، أذكر منها على سبيل المثال حظر التسليح المفروض علينا، والظروف السياسية التى تمر بها البلاد، لكننا رغم كل ذلك لم نرضخ لتلك التحديات، واستطعنا أن نمضى قدما فى مشروعنا حتى وصلنا لهذا المستوى الرفيع من الجاهزية العسكرية، لأننا ندرك أنه لا حاضر ولا مستقبل لليبيا وشعبها بدون مؤسسة احترافية تحمى الوطن، هى المؤسسة العسكرية متمثلة فى الجيش الوطنى الليبى.
ما تقييمكم للعلاقات مع مصر وأبرز مجالات التعاون؟
هى علاقة أشقاء، يربطنا أمن قومى مشترك، وأى مساس بالأمن القومى لأحدنا هو مساس بالأمن القومى للآخر، هذا ليس محل جدل. نحن وإخواننا فى مصر شركاء فى محاربة الإرهاب، وفى الحرص على أمن واستقرار بلدينا والمنطقة بأسرها، ونتعاون فيما بيننا فى المجالات الأمنية والعسكرية وتبادل المعلومات بلا حدود وبلا قيد أو شرط.
لا نتردد أبدا فى تسليم إرهابيين مطلوبين للعدالة المصرية، كما حدث مع الإرهابى هشام عشماوى، الذى أدين فى قضايا إرهابية عديدة، وألقت قواتنا المسلحة الليبية القبض عليه فى مدينة درنة.
مصر دولة لها ثقلها فى المنطقة، ويمكن الاعتماد عليها بكل ثقة فى المساندة عندما نحتاج إليها، ونحن لا نبخل بما نستطيع من أجل أمن مصر واستقرارها، ونستفيد من الخبرات المصرية فى مجالات التدريب العسكرى، ولدينا العديد من الضباط والجنود الذين يتلقون التدريب فى مصر، ولدينا أيضا ضباط على مستوى عال من الكفاءة تخرجوا فى كليات عسكرية مصرية، والزيارات المتبادلة بيننا وبين أشقائنا المصريين فى الشؤون العسكرية لا تتوقف.
كيف توظفون علاقاتكم الإقليمية والدولية فى دعم المؤسسة العسكرية الليبية؟
لا يختلف اثنان على أن العلاقات الدولية أساسها هو تحقيق المصالح المشتركة، وبالنسبة لنا فى الظرف الراهن يأتى الأمن والاستقرار فى مقدمة المصالح، وبدونهما لا مجال لمشاريع التنمية والإعمار ولا حتى التعليم والصحة والزراعة وغيرها من القطاعات الأخرى.
كل شىء يتعطل فى غياب الأمن والاستقرار لتحل محله الفوضى، وتتهيأ الفرصة لعودة الإرهاب والتطرف من جديد.
وما لم تكن المؤسسة العسكرية فى أعلى مستويات الأداء، فإن الأمن والاستقرار فى خطر، لذا نجد القائد العام للجيش الليبى بعد نجاحه فى بناء علاقات دولية واسعة قد استطاع توظيف هذه العلاقات لتطوير المؤسسة العسكرية، بطرحه أن من مصلحة العالم عامة ودول الإقليم خاصة أن يعم الأمن والاستقرار فى ليبيا، وأن ذلك لن يتأتى إلا ببناء مؤسسة عسكرية احترافية وتوفير كل احتياجاتها من عدة وعتاد.
وبدون هذه المؤسسة، فإن الإرهاب سيعود حتما من جديد ويهدد الجميع، والهجرة غير الشرعية التى تقض مضاجع أوروبا ستتضاعف، ومصالح الدول فى ليبيا على صعيد الاستثمار ستتعرض للخطر، لذلك كان من الطبيعى أن نجنى من علاقاتنا الدولية منفعة لقواتنا المسلحة.
من المستفيد من استمرار الصراع فى ليبيا وما موقف المؤسسة العسكرية من إجراء الانتخابات؟
لا يوجد صراع فى ليبيا بالمعنى الشامل، لأنه لا يوجد صراع لا عسكرى ولا اجتماعى ولا سياسى فى المناطق الآمنة تحت حماية الجيش الوطنى، التى تمثل أكثر من ثلاثة أرباع مساحة ليبيا.
الصراع محصور فى مناطق بعينها وتحديدا فى العاصمة طرابلس وضواحيها، وهو بالدرجة الأولى نتيجة انتشار السلاح خارج سلطة الدولة، وبمعنى أدق هو نتيجة غياب الدولة ذاتها.
مجموعات مسلحة خارج إطار القانون تتصارع من أجل السلطة والمال، ومن أجل البقاء، ولكل منها مناطق نفوذ خاصة بها، وكلما وقع بينها خلاف مهما كان تافها تلجأ إلى السلاح والقصف العشوائى بكل أنواع السلاح والذخيرة، ويدفع المدنيون الأبرياء الثمن، وتتعرض المرافق العامة والخاصة للدمار.
هناك صراع من نوع آخر بين مؤسسات فى الدولة، كل منها يرى أنه الشرعى الوحيد، وهو صراع سياسى لا أرى أن مجالى وموقعى يسمحان لى بالتعليق عليه أو الغوص فيه.
أما الانتخابات وموقف المؤسسة العسكرية منها، فخير من أجاب على هذا السؤال هو القائد العام الذى سبق الجميع فى دعم مسار الانتخابات والمطالبة بها فى كل خطاباته ولقاءاته المحلية والدولية.
ما هى تأثيرات الأوضاع غير المستقرة فى بعض دول جوار ليبيا وكيف تتعاملون مع هذه التطورات؟
سأجيبك من المنظور العسكرى فقط.. بالتأكيد ليبيا يعتمد أمنها واستقرارها على أمن واستقرار دول الجوار، وتتأثر بشكل مباشر إذا ما تدهور الوضع فى أى من تلك الدول، وفى الوقت الحاضر لا يوجد ما يتطلب منا استعدادا خاصا سوى الحدود الجنوبية التى قد تكون عرضة لعمليات نزوح إلى الأراضى الليبية، إذا ما زادت الأوضاع الأمنية تدهورا فى بعض الدول المجاورة، وكذلك الهجرة غير الشرعية وتهريب السلاح وتسلل مجموعات إرهابية وعصابات إجرامية مسلحة عبر الحدود، وغيرها من العمليات التى تلحق بنا الضرر، وترتب علينا مسؤوليات إضافية.
كل ذلك يتطلب منا إمكانيات واستعدادات خاصة، وما نقوم به الآن هو مراقبة الوضع الحدودى مع تلك الدول والتنسيق المباشر مع حكوماتها لمنع تفاقم الأوضاع، والاستعداد الميدانى لأى طارئ.
نجحت الوحدات الأمنية خلال فترة رئاستكم فى بسط الأمن والاستقرار فى ليبيا.. هل لديكم رؤية لتطوير أدائها خلال الفترة المقبلة؟
التطوير بالنسبة لنا هو أساس النجاح، كل المشاريع التى تم تنفيذها والمزمع تنفيذها لا بد أن تكون خاضعة للتطوير لكى تتماشى مع تطور الأحداث والظروف، فإن الزمن سيسبقها وتتحول إلى مشاريع بلا فاعلية وبلا جدوى.
وكما أوضحت لك سلفا أن رؤية رئاسة الأركان العامة أساسها مبدأ التطوير الذى يعتمد على أمرين أساسيين، هما تقييم الأداء ومتطلبات الظروف، بالإضافة طبعا إلى الإمكانيات المادية، وبالنسبة للوحدات الأمنية، تقوم حاليا بأداء دورها على أكمل وجه، لكن المتغيرات فى الظروف التى تمر بها ليبيا تحتم علينا تطوير قدراتها وإمكانياتها، وهذا ما نعمل عليه حالياً، لكونها معنية بالشؤون الأمنية المتعلقة بحماية المرافق الحيوية ومؤسسات الدولة الليبية، التى من بينها القيادة العامة، وفى هذا الصدد، نتعاون مع بعض الدول فى التدريب والمناورات المشتركة.
ما موقف ليبيا من تطورات الأوضاع فى غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلى وتجويع وحصار الفلسطينيين؟
الموقف الرسمى للدولة الليبية لا تعبر عنه رئاسة الأركان للقوات المسلحة، وهو ليس من اختصاصها، ولكن من الناحية الإنسانية شعوب العالم كلها تقف إلى جانب الشعب الفلسطينى، الذى يتعرض إلى حرب إبادة تحرق الأخضر واليابس، ولا تضع وزنا للقيم الإنسانية ولا للقانون الإنسانى الدولى.
يجب ألا ينظر إلى ما يحدث فى غزة من زاوية السياسة أو المصالح، ولكن من منظور إنسانى يحتم على العالم شعوبا وحكومات أن توحد موقفها لتوقف هذه المجازر فى حق المدنيين الأبرياء، لا تكفى التصريحات والاستعراضات الخطابية وعبارات التنديد والاستنكار التى لا تسمن ولا تغنى من جوع.
الشعب الفلسطينى بحاجة إلى موقف عالمى صارم يوقف نزيف الدم ويرفع المعاناة عن أشقائنا الفلسطينيين، ولن يكون للموقف الليبى أو أى دولة بمفردها دور فعال فى المشهد الفلسطينى المأساوى، ما لم يكن ضمن موقف عالمى موحد ليس من أجل الشجب والتعاطف، ولكن لفرض قرارات بخطوات تنفيذية عاجلة تنصف الشعب الفلسطينى وتعيد له حقوقه، وتضع حداً لما يرتكب ضده من جرائم بشعة تمثل وصمة عار على جبين الإنسانية.
أخيرا.. ما أمالكم وتطلعاتكم التى تسعون لتحقيقها فى ليبيا؟
الآمال والتطلعات لا تتحقق إلا بالعمل المخلص الجاد وبتوظيف كل الإمكانيات المادية والبشرية نحو الهدف، وعدم الاستكانة والرضوخ أمام التحديات والمصاعب والعراقيل، هذا ما تعلمناه من القائد العام ومن ملحمة الكرامة الخالدة.
نسعى إلى أن تصبح ليبيا رمزا ونموذجا للأمن والاستقرار والسلام، والنهضة والتقدم فى جميع الميادين، وأن يعيش فيها المواطن الليبى حياة كريمة فى ظل دولة مستقرة تحفظ له حقوقه وتصون كرامته، وتتيح له فرص العمل الشريف.


Trending Plus