عصام عبد القادر يكتب عن كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية في قطر: تعظيم فلسفة السلم وسياسة السلام.. أين الأمم المتحدة؟ مخططات إسرائيل واهية.. تعزيز السلام في الوحدة.. رسائل موجهة

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن السلم والسلام الدوليين، يقومان على مبدأ رئيس، يتمثل في رغبة الشعوب الجامحة تجاه الطمأنينة، التي تتحقق من خلال توافق جامع حول الاستقرار؛ لتصبح مسارات التنمية منفتحة، وفرصها مواتية أمام الجميع، وما يهدد هذا الغرض النبيل، إنما يتمثل في محاولات رامية إلى توظيف سياسة الاعتداء على واحة الأوطان التي تنعم بالأمان؛ ومن ثم يصبح الصراع والنزاع المسلح اللغة التي يتم التفاهم بها، وهذا ما يضير بمصالح المجتمعات، ويؤدي حتمًا لأزمات، يتجرع أثرها الجميع دون استثناء.
فلسفة السلم والسلام الأبقى أثرًا.
استند الرئيس على فلسفة لا يختلف عليها العقلاء؛ حيث أشار إلى أن السيادة مبدأ يكفله ميثاق الأمم المتحدة، وأن استخدام وتوظيف صور القوة تحظره قطعًا القوانين الدولية؛ ومن ثم أعلن صراحة أن مصر وشعبها الأبي، يرفض ويستنكر العدوان الآثم، من إسرائيل على دولة قطر الشقيقة، وأن هذا يعد من مهددات الأمن القومي العربي والإسلامي، بشكل لا جدال فيه، وهذا بالطبع لا نقبله، ولا نسمه إلا بالممارسات الحمقاء، التي تعبر عن نوازع غير سوية، تعلن عنها إسرائيل للعالم بأسره.
إدانة الرئيس للعدوان، تعني بكل وضوح الحد من انتشار الصراعات المسلحة، التي لن يتوقف لهيبها عند مستوى بعينه؛ فالواهم من يظن أنه قادر على التحكم في التوترات والتداعيات، التي تسفر عن الممارسات، التي تضير بسيادة الدول، التي تحافظ على السلام وتود الاستقرار؛ حيث ندرك أن النفوذ العسكري، يضير بشتى المجالات التنموية، ويقوض الاستراتيجيات التي تستهدف نهضة المجتمعات، وينشط من الخلافات الحدودية بين الدول.
الأمم المتحدة باتت أداة ضعيفة.
الرسالة الضمنية لحديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، تبرهن عن مدى الضعف الدولي تجاه الممارسات الإسرائيلية في المنطقة، ومحاولتها تأجيج الصراع مع أطراف عديدة، وهذا يعني أن الأمم المتحدة أضحت أداة غير فاعلية، ليس في المنطقة فقط، بل، في شتى البقاع التي تدور فيها أحداث دامية؛ حيث فقد الهيبة والمكانة والدور الأصيل، التي أنشئت من أجله، ودون مواربة ستتحول العلاقات بين الدول، لصورة لا ترتضيها الشعوب، التي تعشق السلام؛ فقوة الغلبة، وغلبة القوة، ينتج عنها آثار تساعد في تصعيد صور الإرهاب، وتعزيز الجريمة، بكل أشكالها العابرة للحدود.
احترام القانون الدولي ونظامه، لا ينفك عن سياسة الحسم في الممارسات؛ فقد صارت المحاسبية لأفعال إسرائيل العدائية غائبة من القاموس، بل، من الضمير المجتمعي، وهذا ما يسمح بمزيد من الانتهاكات، التي لا يسأل عنها الكيان الغاصب، وهو ما يأصل لمفاهيم خطأ في أذهان منتسبي الشعوب؛ حيث لا مكان لماهية السيادة، ولا قيمة للحدود الجغرافية، التي ترسم الجيوسياسية للأوطان، بما يسمح بمشروعية قانون الغاب، ويساعد على سياسة الاغتصاب للحقوق، تحت حجج واهية، وأسباب لا أساس لها من الصحة، كما يبرر لفكرة إعادة رسم الخرائط المزعومة، التي لا يتقبلها عقل أو منطق.
نوايا مبيتة ومخططات مفضوحة
إن دلالة تحمل المسئولية الدولية، التي ذكرها الرئيس في طيات حديثه، تؤكد أهمية التمسك بالجانب الإنساني، الذي يحث الجميع دون استثناء إلى ضرورة تعزيز البعد القانوني، الذي يحمي منظومة القيم النبيلة، التي تتوافق عليها الشعوب؛ فلا معني لنزاع يزيد من لهيب الكراهية، ويعضد التفكك، ويلغي المحاسبية، ويسمح بانتهاج سياسة العدوان؛ حيث ضمان الإفلات من العقاب، والرئيس في كلماته العميقة أظهر نوايا الكيان الصهيوني، الذي يعمل بمنهجية واضحة، على إفشال كل سبل التهدئة، وتأجيج الصراع، تحت فلسفة عقيمة وسردية بالية، تتمثل في حق الدفاع عن النفس، وهذا في مجمله يؤكد أن إسرائيل لا ترغب في تسوية النزاعات، ولا تسعى إلى فرض سياسة السلام مع دول الجوار.
الرسالة الضمنية للرئيس، تشير إلى أن المخططات الإسرائيلية، التي تعبر عن أيديولوجية تتبناها، لن تتحقق على حساب دول أخرى، ولن ترى النور؛ فهناك ثوابت وطنية تدحر سبل التوسعية، ومبادئ لا تعترف بسياسة الاستيطان، كما أن محاولات فرض الهيمنة سوف تسهم في استدامة الصراع بكل صوره؛ ومن ثم لا مكان للأمن والأمان، مهما توافرت مقوماته، التي تزعم الكيانات الغاصبة أنها تشكل سياج حماية لمجتمعاتها؛ فقد أثبتت التجربة فشلها الذريع، وبرهن الواقع على ضرورة احترام الشرعية الدولية، التي تؤمن الحدود، وتعزز أطر التوافق على كافة مستوياته.
حلول ناجزة تعزز السلام في المنطقة بأسرها
بعث الرئيس برسالة، لم تشخص الواقع فقط، بل، استشرفت المستقبل للمنطقة بأسرها؛ حيث وسم ما تقوم به إسرائيل بالغطرسة، ومن المعلوم أن هذا يستلزم حتمًا التضافر من أجل كسر عجرفة الكيان، وهنا لابد من الوحدة، التي تضمن تعزيز المواجهات الجماعية، التي من شأنها أن تقوض كافة صور الممارسات غير السوية، وبالطبع يتوافق الاتحاد مع الشرعية الدولية والقوانين، التي تؤكد على حقوق الدول، وسيادتها على أرضيها، وتحكمها في مقدراتها؛ فلا مكان، ولا زمان للهيمنة، أو التدخلات الأحادية السافرة، التي تضير بالتنمية والاستقرار، لشعوب تريد الرفاهية، وتنفر من مضار الحروب اللامتناهية.
الوصول لمرحلة السلام، يتوقف على وقف الحرب، وإنهاء حالة إطلاق النار برعاية أممية، والعمل الجاد لإيصال المساعدات الإنسانية، وتعزيز حماية المدنيين، والتوقف عن التهجير القسري، ومنع أي خروقات، والرجوع للقضية الأم؛ حيث حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، وهذا في مجمله يحتاج لضمانة دولية، ومساندة عربية جامعة؛ فلا معني لمحاولات الهيمنة، التي تضير بعملية السلام على المدى الطويل، ولا فائدة من السكوت عن الاعتداءات، التي تطال الجميع؛ لذا لا منأى عن إطار إقليمي للأمن والتعاون، بقيادة عربية–إسلامية.
رسالة لشعب إسرائيل.
مخاطبة الرأي العام أمر جليل؛ لذا سارع الرئيس صاحب الفطنة، إلى توجيه رسالة واضحة الدلالة لشعب إسرائيل؛ حيث أكد في منسوج حروفها على أن الخسارة سوف يتجرعها الجميع، وأن فاتورتها سيحاسب عليها الكل؛ ومن ثم لا معني لصور الاعتداءات، التي تزيد من الكراهية، ولا معني للقهر لشعوب، لا تريد إلا الأمن والأمان، ولا قيمة لأرض ستظل ساخنة تحت قاطنيها؛ فلا يتجرعون طعم الحياة الهادئة، ولا مقومات سبل العيش الكريم، وفي النهاية لا مكاسب في شتى مجالاتها، إذا ما استمرت منهجية العدوان قائمة، ورحى الحرب مستمرة؛ فالصراع حتمًا سيتمدد.
إنها معان عميقة لرسائل قوية، من رئيس محب للسلام، ورافض للعدوان، يحمل بين جنباته هموم وطنه، وقضاياه الكبرى، ولا يخضع للإملاءات، أو سياسة الأمر الواقع، يعشق النهضة، ولا يميل للعزلة، ويقر بالحقوق، ويدرك ماهية الواجبات، وضرورة الدبلوماسية، التي تضمن العدالة؛ فالقضية الفلسطينية مفتاح الاستقرار في المنطقة بأسرها، والعمل العربي المشترك طريق جاد نحو حماية الأمن القومي الجامع، الذي يضمن حتمًا سبل التنمية بكل أبعادها.. ودي ومحبتي لوطني ولرئيس وللجميع.

Trending Plus