"كوم الخمسين" قرية أثرية تأسست فى العصر البطلمى بالفيوم.. ذُكر اسمها فى 40 وثيقة أثرية واشتهرت بتسديدها للضرائب وزراعة 62 فدانا فى نهاية القرن الثانى قبل الميلاد.. وعثر بها على أول فرن لصناعة الأوانى الفخارية

تعتبر قرية كوم الخمسين الأثرية بمحافظة الفيوم، من المواقع الأثرية الهامة التى اشتهرت فى العصور القديمة بدفعها للضرائب كما أنها كانت من أوائل المواقع التى زرعت بها مساحات واسعة فى مصر حيث تم زراعة 62 فدان فى نهاية القرن الثانى قبل الميلاد .
وقال سيد الشورة مدير عام آثار الفيوم السابق أن كوم الخمسين الاثرى أحد مواقع الأثار التى تتبع مركز اطسا وتبعد حوالى 40 كيلومتر اقصئ جنوب مدينة الفيوم, وتقع حاليا ما بين قريتى الخمسين شرقاً والخمسين المستجدة غرباً، وتبلغ مساحة الكوم حوالى 94 فدان.
تسمية منطقة الخمسين قديما
ولفت الشورة ان منطقة الخمسين كانت تسمى فى النصوص المصرية القديمة "با جرج ن تا ورت" ( pA grg n tA wrt ), وذكرت باسم كيركيثويريس Κερκεθοηρις فى النصوص اليونانية القديمة, ويعرف الموقع الأثرى حالياً باسم كوم الخمسين نسبة إلى قرية الخمسين الواقعة الى الشرق من الموقع.
وأكد مدير عام الآثار السابق أن الخمسين واحدة من القرى الكثيرة التى تأسست خلال العصر البطلمى على حافة الصحراء وحول منخفض الفيوم واستمرت حتى القرن الثامن الميلادي، كما تم ذكر اسم هذه المنطقة فى حوالى 40 وثيقة كتبت بالديموطيقية واليونانية والتى ذكرت اسم المنطقة ضمن المناطق التى تدفع الضرائب، وترجع أقدم الوثائق التى تذكر منطقة الخمسين نهاية القرن الثالث قبل الميلاد, وتؤرخ بعام 218 ق .م وتم العثور عليها بمنطقة النحاس التى تقع الى الغرب منها, وتوجد حالياً بمعهد البرديات جامعة السربون بباريس, والجدير بالذكر ان هذه المنطقة ذُكرت فى احدى الوثائق اليونانية من إهناسيا المدينة والتى تؤرخ بالفترة 700 – 799 م, مما يجعلنا نُرجح ان تاريخ هذه المنطقة يمتد من العصر البطلمى حتى العصر الإسلامي. وتذكر إحدى البرديات أنه قد تم زراعة 62 فدان بهذه المنطقة فى نهاية القرن الثانى قبل الميلاد.
صناعة "الأمفورات" فى كوم الخمسين
ولفت الشورة الى أنه تم الكشف ولأول مرة فى كوم الخمسين عن فرن لصناعة "الأمفورات" وهى أوانى فخارية كبيرة كانت تستخدم لحفظ وتخزين ونقل السوائل، وعثر بجوار الفرن على مجموعة من بقايا هذه الأمفورات لم تستخدم ولم توضع بها من الداخل الطبقة الصمغية الراتنجية من وهى ميزة خاصة بالأمفورات المصرية عامة.
وعن تاريخ الحفائر بالموقع لفت الشورة الى أنه يرجع إلى الإنجليزيان "جرنفل وهانت" حيث قاموا بعمل حفائر فى جبانة المنطقة موسم 1900 – 1901، ولمدة أسبوع واحد، وخضع الموقع للمسح الأثرى عام 1981م من قبل الإيطالية" إيدا بريتشانى " وكذلك مسح أثرى عام 1996م من قبل "دومينيك راثبون" وقام بعمل خريطة طبوغرافية للموقع وحتى ذلك الحين لم يكن الموقع تحت ولاية المجلس الأعلى للأثار, وبعد ذلك تم ضمه لأملاك الأثار, وجرت فيه حفائر مصرية عامى: 1998و1999م, وأسفرت عن كشف حمام من العصر الرومانى مبنى بالطوب المحروق وبعض اللقى الأثرية تتمثل فى بعض الأوانى الفخارية.
وفى عام 2018 قام فريق من الباحثين من منطقة آثار الفيوم بعمل حفائر علمية منظمة وتم الكشف عن بقايا مبنى كبير لم يتم التعرف على وظيفته خلال الموسم الأول للحفائر، وما تم الكشف عنه من هذا المبنى ربما يمثل فناء خلفى تبلغ أبعاده (17,10م شمال جنوب×5,65م شرق غرب), وتم الكشف عن جداره الغربى بالكامل حيث تم الكشف عن الزوايا الخارجية: الشمالية الغربية والجنوبية الغربية حيث يوجد جدار يتجه غرباً وينتمى إلى مبنى أخر مجاور له وعلى نفس أتجاه الجدار الجنوبى للمبنى محل الحفائر إلا أنه لم يتم الكشف بالكامل عن هذا المبنى. وعثر بهذا المبنى على ثلاثة شقافات مكتوبة باللغة اليونانية تذكر إحداها توريد كمية من التبن لصناعة الطوب اللبن.
تدمير التل الأثري قديما
كما أظهر المسح الأثرى والحفائر مدى التدمير الذى تعرض له التل الأثرى من قبل السباخين (الفلاحين) المجاورين للموقع خلال نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، والباحثين عن البقايا العضوية لتسميد الأراضى الجديدة وخاصة المبانى المبنية بالطوب اللبن وأتضح أنه تم إزالة مساحة كبيرة من التل الأثرى وإزالة الجزء الأكبر من عمق التل والذى كان يشغله على أغلب الظن المبانى العامة لمدينة كيركيثويرس مثل المعابد وما حولها من منشأت عامة والحمامات وكذلك المنازل ويظهر ذلك جليا من بقايا البلوكات الحجرية الضخمة وقواعد الأعمدة وبقايا الجدران المبنية من الطوب المحروق والذى تتميز به الحمامات ومعاصر النبيذ، وكان فى العثور على بعض العظام الأدمية المتناثرة وكذلك بعض قطع من لفائف الكتان الذى كان يلف فيه أجساد المتوفين دليلاً على امتداد الجبانة لمسافة تبلغ حوالى 280م من الجنوب للشمال. ويبدو أن هذا الجزء من الكوم الأثرى لم يسلم أيضا من عبث السباخين.

كوم الخمسين

Trending Plus