بدء موسم جنى القطن من بنى سويف.. التوزيع الجغرافى للزراعة يعكس استراتيجية مناسبة لنمو المحصول.. 195.451 ألف فدان إجمالى المساحة المزروعة الموسم الحالى.. وصنف "جيزة 95" يحتل مكانة مهمة بالوجه القبلى

يعد محصول القطن المصرى رمزًا للاقتصاد والزراعة فى البلاد، ويعرف عالميًا باسم "الذهب الأبيض" لجودته العالية وأليافه الطويلة، ومع انطلاق موسم جنى القطن الحالى، تتجدد الآمال فى استعادة مكانة هذا المحصول الاستراتيجى على عرش الأقطان العالمية.
وتأتى هذه الجهود فى إطار رؤية شاملة للدولة تهدف إلى دعم الفلاح المصرى، وتطوير قطاع الزراعة، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية.
تظهر الأرقام المعلنة من قبل معهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية نموًا ملحوظًا فى المساحات المزروعة، فقد بلغت المساحة الإجمالية المزروعة بالقطن على مستوى الجمهورية 195.451 ألف فدان، وهو ما يمثل نسبة 69% من المساحة المستهدفة هذا العام، والتى تبلغ 283.146 ألف فدان.
يشير الدكتور مصطفى عمارة، وكيل معهد بحوث القطن، إلى أن التوزيع الجغرافى للزراعة يعكس استراتيجية واضحة للتوسع فى المناطق المناسبة لنمو المحصول، حيث تم زراعة 135.22 ألف فدان فى محافظات الوجه القبلى، و173.316 ألف فدان فى محافظات الوجه البحرى، وتبرز محافظة بنى سويف كأحد أهم مراكز زراعة القطن فى الصعيد، فقد بلغت المساحة المنزرعة الموسم الحالى 7043 فدان، وهو ما يمثل 32% من إجمالى مساحة القطن المزروعة فى الصعيد هذا العام والتى بلغت 22135 ألف فدان.
لم يعد القطن المصرى يعتمد على أصنافه القديمة فحسب، بل يعمل معهد بحوث القطن على استنباط أصناف جديدة تتميز بمواصفات فريدة تُلبى متطلبات السوق العالمية، ويعد صنف جيزة 98 مثالًا بارزًا على هذه الجهود. فوفقًا للدكتور عمارة، شهدت زراعة هذا الصنف توسعًا كبيرًا فى محافظات سوهاج، أسيوط، المنيا، والوادى الجديد، حيث بلغت المساحة المزروعة منه 4244 فدان، بزيادة هائلة بلغت 570% عن العام السابق.
ويرجع هذا التوسع إلى جودته العالية وإنتاجيته الكبيرة، مما يجعله خيارًا جذابًا للمزارعين. كما أن صنف جيزة 95 لا يزال يحتل مكانة هامة فى الوجه القبلى، حيث بلغت المساحة المزروعة منه 17.891 فدان فى محافظتى الفيوم وبنى سويف، وتؤكد هذه الأرقام أن المعهد يواصل عمله الدؤوب على تطوير الأصناف التى تتكيف مع البيئات المختلفة فى مصر، مما يضمن أعلى إنتاجية ممكنة لكل فدان.
وتولى الدولة اهتمامًا كبيرًا ليس فقط لزراعة القطن، بل أيضًا لمنظومة تداوله وتسويقه، فوفقًا للدكتور أيمن أبو حسين حمودة، وكيل وزارة الزراعة، فإن جهود الإرشاد الزراعى لعبت دورًا حاسمًا فى توعية المزارعين بأهمية زراعة القطن، وشرح أهميته الاقتصادية للفرد والدولة.
وتقوم اللجان الفنية المشكلة من قبل وزارة الزراعة بالمرور الدورى على حقول القطن لضمان جودة المحصول وحالته الممتازة، ويعد هذا الإشراف المباشر ضمانًا لإنتاج محصول عالى الجودة ومناسب للتصدير.
ويعد نظام التسويق الجديد حجر الزاوية فى استعادة ثقة المزارعين فى زراعة القطن، فبدلاً من التسويق التقليدى، تطبق منظومة جديدة تضمن للفلاح عائدًا مجزيًا وعادلًا، مما يساهم فى تشجيع المزارعين على التوسع فى زراعة القطن، ومن المتوقع أن تبدأ عمليات التسويق فى جميع محافظات الجمهورية بعد بدء موسم الجنى فى أول أكتوبر بالوجه البحرى.
إن الجهود المتضافرة التى تقوم بها الدولة، ممثلة فى وزارة الزراعة، ومعهد بحوث القطن، والجهات المعنية الأخرى، تبشر بمستقبل مشرق للقطن المصرى فمن خلال التوسع فى المساحات المزروعة، واستنباط أصناف جديدة، وتطوير المنظومة التسويقية، يمكن لمصر أن تستعيد مكانتها التاريخية كمنتج لأفضل أنواع القطن فى العالم.
إن هذه الجهود لا تقتصر على الجانب الاقتصادى فحسب، بل تعد استثمارًا فى مستقبل الفلاح المصرى، وتأمينًا لواحد من أهم مصادر الدخل القومى، مما يعزز من مكانة مصر على خريطة الاقتصاد العالمى.

Trending Plus