"عمال الدليفري" فى بؤرة اهتمام الدولة.. تفاصيل استراتيجية وزارة العمل لحماية عمالة التوصيل.. الخوذة غير القياسية تقتل بدلا من أن تحمى.. واجتماعات عاجلة مع شركات الدليفرى لتوفير مهمات الوقاية

القاهرة والإسكندرية بداية حملة التوعية قبل التوسع لكافة المحافظات
فى وقت تتزايد فيه حوادث عمال توصيل الطلبات، كشف المهندس خالد عبد الله، مستشار وزير العمل للسلامة والصحة المهنية، عن تحرك حكومى عاجل لإنقاذ آلاف العمال من الموت المحقق، معلنا عن مبادرة رئاسية تحمل اسم "سلامتك تهمنا" تستهدف هذه الفئة المهمشة.
وأوضح عبد الله، أن المبادرة جاءت بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسى، بعد رصد تزايد خطير فى أعداد الحوادث التى تطال عمال الدليفرى، مشيرا إلى أن معظمهم يعملون دون أدنى مقومات الحماية أو الوعى بإجراءات السلامة، وأضاف أن نظام المكافآت المعمول به يدفع هؤلاء العمال للمخاطرة بحياتهم فى سبيل السرعة، مما يؤدى إلى "عواقب وخيمة تصل إلى الوفاة أو العجز الدائم."
وفى هذا السياق، بدأت الوزارة بالفعل حملات توعية مكثفة فى القاهرة الكبرى والإسكندرية والقليوبية، مع وضع خطط للتوسع لتشمل كافة محافظات الجمهورية، كما عقدت الوزارة اجتماعات مع شركات الدليفرى والموردين لضمان توفير مهمات الوقاية، وخاصة الخوذات المطابقة للمواصفات الدولية، بأسعار مناسبة، بعد أن ثبت أن "الخوذة غير القياسية قد تكون سببا مباشرا فى الوفاة بدلا من أن تكون أداة حماية."
وبالتوازى مع هذه الحملة التوعوية، يستعد قانون العمل الجديد للدخول حيز التنفيذ فى الأول من سبتمبر المقبل، حاملا معه تغييرات جذرية فى منظومة حماية العمال، ويلزم القانون الجديد أى صاحب عمل بتأمين جميع العاملين لديه وإجراء الكشف الطبى اللازم لهم، بهدف وضعهم تحت مظلة الحماية الاجتماعية وضمان "بيئة عمل سالمة وآمنة ومستدامة."
لكن الأهم من ذلك هو التغيير الجذرى فى منظومة العقوبات، حيث تحولت من الحبس إلى غرامات مالية رادعة تتضاعف قيمتها بعدد العمال الذين وقعت المخالفة بحقهم. وهذا الإجراء، بحسب مستشار الوزير، سيجبر أصحاب الأعمال على "تصويب أوضاعهم وتطبيق معايير السلامة" تحت طائلة خسائر مالية فادحة.
وفى محاولة لمعالجة الجذور العميقة للمشكلة، أقرت الوزارة بأن التحدى الأكبر يكمن فى غياب ثقافة السلامة لدى المجتمع ككل، ولمواجهة هذا التحدى، أطلقت حملة توعوية مكثفة على موقعها الرسمى منذ بداية أغسطس، تنشر يوميا فيديو تثقيفيا مدته دقيقة واحدة يقدم معلومات بسيطة ومباشرة حول التعامل مع المخاطر، سواء للعامل فى المصنع أو لسيدة المنزل التى تواجه مخاطر الحرائق أو تسرب الغاز.
وعلى صعيد الرقابة والمتابعة، تقوم الوزارة بزيارات تفتيشية دورية ومفاجئة للمنشآت والمصانع فى جميع أنحاء الجمهورية، وتتعامل بجدية مع كافة الشكاوى المقدمة من العمال، ويحمل كل مفتش قائمة مراجعة دقيقة لفحص جميع جوانب السلامة، والتأكد من وجود خطة طوارئ فعالة وتدريب العمال عليها، وفى حال رصد أى مخالفة، تمنح الوزارة صاحب العمل مهلة محددة لتوفيق أوضاعه، وإن لم يلتزم، يحرر محضر رسمى وتفرض الغرامات المنصوص عليها قانونا.
وفى تطور لافت، أولى القانون الجديد اهتماما خاصا بالمرأة العاملة، حيث زاد مدة إجازة الوضع من ثلاثة إلى أربعة أشهر، كما منحها الحق فى الحصول على ساعة راحة إضافية يوميا بداية من الشهر السادس للحمل، وأفرد القانون قائمة بالأعمال الخطرة والمضرة بالصحة التى يمنع على المرأة، وخاصة الحامل، العمل بها، مثل التعرض للإشعاعات أو المواد الكيماوية الخطرة، مع ضمان نقلها إلى عمل آخر لا يعرضها للخطر أو منحها إجازة بأجر كامل.
وأكد مستشار الوزير على أن الهدف النهائى هو ضمان ألا "يخرج العامل إلى عمله وهو يخشى ألا يعود سالما إلى أسرته"، مشددا على أن الوزارة تتلقى الشكاوى عبر صفحتها الرسمية وتتحرك خلال ساعات لحل أى مشكلة تهدد سلامة العمال.

Trending Plus