لماذا نحتاج إلى الثقافة "23" معهد دراسات نجيب محفوظ

هيثم الحاج على
هيثم الحاج على
بقلم هيثم الحاج على

لم يكن نجيب محفوظ مجرد اسم لأديب حاز نوبل فأدى إلى التركيز العالمى على الرواية العربية، ولم يكن مجرد أديب أبدع فى كتابة الرواية والقصة القصيرة والسيناريو والمقال والمسرحية وعمل بالإدارة الثقافية فى أماكن عدة، لكنه ذلك العقل الذى استطاع أن يوازى الهوية المصرية فى تعدد طبقاتها، وأن يعبر عن الوعى المصرى فى تعقده وتجذره فى التاريخ والجغرافيا.

لقد مرت هذا الأسبوع تسعة عشر عاما على رحيل نجيب محفوظ، وتظل ذكراه القريبة بالنسبة إلى من عاصروه حاضرة، لكن خاطرا ما زال يلح حول تلك الذكرى لدى أجيال لم تعاصره ولم تره ولم تقرأه إلا قليلا، حيث لن يكون مجرد إعادة نشر أعماله هو الحل الممكن بعد عقود من الآن.

عندما أرادت الأمة الإنجليزية تخليد ذكرى وليم شكسبير كان أهم ما تم التفكير فيه هو التشجيع على دراسة فنه وما يتعلق به، ولأن العلم هو الخطوة الأهم في بناء الوعي بالتاريخ وجعله جزءا من الحاضر فقد اعتمدت هذه الخطوة على ترسيخ مفهوم العلم بوصفه الباني الأهم للوعي، ولذلك فقد اختارت بريطانيا إنشاء معهد شكسبير الذي تأسس عام 1951، ويقع في ستراتفورد، ويعتبر جزءا من جامعة برمنجهام، ويعتبر من أهم مراكز الدراسات العليا في مجال الأدب الإنجليزي، حيث إنه مكرس لدراسة كل ما يتعلق بشكسبير وأدب النهضة الإنجليزية.

لذلك فإن الفكرة ذاتها سرعان ما تقفز إلى الذهن كلما ثارت قضية متعلقة بنجيب محفوظ وذكراه وأعماله، فلا يكفي بالقطع أن نحتفي به عن طريق الاحتفالات التذكارية أو المقالات الاحتفائية أو حتى عن طريق متحف يضم بعضا من مقتنياته ومكتبته، فما جعل لنجيب محفوظ اسمه هو القيم المتضمنة أعماله، والتي تم التعامل معها في صنوف متعددة من الإبداع، ولذلك فإن دراسة هذه الأعمال داخل إطار علمي ومنهجي منظم هي الخطوة الأهم لتخليد اسمه جذرا من جذور الهوية المصرية.

لذلك فقد وجب التفكير في معهد علمي يحمل اسم الرجل ويعنى بدراسة أعماله وما أخذ عنها ومنها وما أنتج حولها من فنون وآداب، فقد كتب نجيب محفوظ الرواية وهي فنه الأهم، لكنه كتب أيضا القصة القصيرة والمسرحية والسيناريو السينمائي، وتم تحويل كثير من كتاباته إلى أعمال سينمائية وإذاعية وتليفزيونية ومسرحية، بما يحفها من موسيقى وديكورات ومعالجات بصرية وسمعية، كما تم ترجمة أعماله إلى عدد كبير من اللغات، وأنتجت أفلام مأخوذة عن أعماله في عدد من اللغات، ووجود معهد علمي يهتم بكل هذا الناتج هو أمر ضروري، وربما يكون المكان الأولى بوجوده فيه هو أكاديمية الفنون المصرية، وبحيث يستوعب مثل هذا المعهد كل التخصصات النقدية والفنية وما يتصل بها من علوم إنسانية مثل التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والسياسة وغيرها من العلوم التي يمكنها أن تساعد في فهم ما كتبه الرجل وما نتج عن كتاباته من عدد لا نهائي من حالات الإبداع المتعددة.

مازلت أحلم إذن بهيئة علمية متكاملة متخصصة في دراسة نجيب محفوظ، وليس من الصعب أن توجد مثل هذه الهيئة التي تدرس وتحلل وتنقد وتنتج وعيا جديدا بإبداع نجيب محفوظ حتى لا يقف الأمر في وقت من الأوقات عند مظاهر هشة للاحتفاء بما أضافه إلى وعينا ووعي الثقافة العربية قاطبة، مظاهر يصيبها يوما بعد يوم ما يجعلها باهتة فنقضي بأنفسنا على كنز من كنوزنا ويصبح ما يعرفه أولادنا من الأجيال التالية عنه أقل القليل.

إن الأمر إذن يتطلب حراكا مؤسسيا يتبلور في داخله جهود كثير من المؤرخين والنقاد لدراسة أعماله، دراسة في كثير من الأحيان جادة وعميقة، لكنها تبقى في إطار الجهود الفردية التي لا بد من تنظيمها داخل إطار أكاديمي كبير.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح يدعم منتخب مصر قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا 2025 فى المغرب.. فيديو

سيدة مُسنة تحاصرها مياه الفيضانات فى أسفى بالمغرب.. فيديو

إسعاد يونس تنعى شقيقة عادل إمام: حبيبة من حبايب العمر ذهبت للقاء ربها

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها


تقرير مغربى: بلعمرى فى الأهلى مقابل 500 ألف دولار

صور نادرة لـ إيمان شقيقة الزعيم عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متولى

ارتفاع عدد ضحايا هجوم احتفال الحانوكا اليهودي في أستراليا إلى 16 قتيلا

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني


السلاح الناري يعيد قضية شاكر محظور للتحقيق قبل إحالتها

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

بيراميدز يتقدم بعرض لبتروجت لشراء حامد حمدان فى انتقالات يناير

ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

موعد مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية فى البروفة الأخيرة لأمم أفريقيا

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى