فيلسوف الصين.. كونفوشيوس هل دعا إلى السلطوية وتكريس الاستبداد؟

كونفوشيوس
كونفوشيوس
محمد عبد الرحمن

تمر اليوم ذكرى ميلاد الفيلسوف الروحى الصينى الشهير كونفوشيوس، إذ ولد في 28 سبتمبر عام 551 ق.م، وهو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي. ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية.

يُعرف كونفوشيوس في الثقافة الصينية بـ"المعلم الأكبر"، ويمثل إرثه الفكري حجر الأساس للفكر الصيني التقليدي. ورغم أن تعاليمه تُدرج عادة في إطار الفلسفة الأخلاقية والاجتماعية، فقد حُمل بعض معاصريه والباحثين من بعده على اعتباره نبيًا، لما في أفكاره من نزعة روحية وإصلاحية.

كونفوشيوس.. نبي الصين أم فيلسوفها؟

لم يدعِ كونفوشيوس النبوة قط، ولم يزعم أنه تلقى وحيًا من السماء، غير أن إشاراته المتكررة إلى أن "السماء أوكلت إليه مهمة إصلاح بلاده" جعلت البعض يعتبره نبيًا مرسلاً، فقد عبّر في أقواله عن ثقته بأن "السماء لن تخذله"، وأنها وحدها التي تفهمه. هذا البعد الروحي، إلى جانب طابعه الإصلاحي، جعل فكره يتجاوز حدود الفلسفة ليقترب من الرسالة.

السلطة والحكم في الفكر الكونفوشيوسي

ركز كونفوشيوس على ضرورة الحكم الأخلاقي القائم على الفضيلة، ورأى أن الحاكم ينبغي أن يكون قدوة لشعبه. دعا إلى نموذج أبوي سلطوي يفرض فيه الحاكم احترامه بفضل التزامه بالقيم العليا، مقابل طاعة الشعب له. هذه الرؤية جعلت البعض يتهمه بتكريس الاستبداد، عبر إضفاء شرعية شبه "إلهية" على الحاكم بوصفه "الأب" الذي يطيعه الرعية بلا اعتراض.

في المقابل، دافع آخرون عن كونفوشيوس مؤكدين أنه كان يسعى لإشاعة العدالة من خلال تعميم التعليم، والدعوة إلى التزام الحكام والمحكومين معًا بالفضيلة، بما يجعل السلطة أكثر مسؤولية وأقل طغيانًا.

الصدام مع السلطة ثم الانتصار بعد موته

لم ينجح كونفوشيوس في فرض فلسفته في حياته، بل لقيت أفكاره مقاومة، خصوصًا من السلطة المركزية في عهد الإمبراطور تشين شي هوانج، أول موحد للصين، الذي اعتبر الكونفوشيوسية خطرًا على حكمه. أمر تشين بحرق الكتب المخالفة لفلسفة "القانونية" التي اعتمدها، بل عاقب الفلاسفة المخالفين بالدفن أو الرجم.

لكن بعد رحيل سلالة تشين القصيرة العمر، استعادت الكونفوشيوسية مكانتها، وأصبحت المرجع الأساسي للتعليم والحكم في الصين لأكثر من ألفي عام، حتى نُقشت أقوال كونفوشيوس على المعابد، وأقيمت له الهياكل، وارتُفعت مكانته إلى مصاف الأنبياء بل والآلهة في نظر بعض أتباعه.

يجسد إرث كونفوشيوس تداخلًا فريدًا بين الفلسفة والدين والسياسة. فبينما يُنظر إليه في الغرب كفيلسوف أخلاقي، حمله الصينيون إلى مرتبة النبي، ورأوا في فكره إطارًا للحكم الرشيد. ومن خلال صراعه مع السلطة، ثم انتصار أفكاره بعد موته، صار كونفوشيوس رمزًا لاستمرارية القيم الأخلاقية في مواجهة الطغيان السياسي.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

الأكثر قراءة

تقرير يفضح تمويلات الإخوان المشبوهة خلف ستار الاقتصاد الحلال

المشدد 7 سنوات لسيدة ضربت ابنة زوجها حتي الموت بالإسكندرية

كل ما تريد معرفته عن المغربي يوسف بلعمري أول صفقات الأهلي الشتوية

أمم أفريقيا تؤجل حسم رحيل أسامة فيصل عن البنك الأهلي في يناير

الأهلى يعلن التنازل عن مقاضاة مصطفى يونس


فيفا: محمد صلاح هيمن على الدوري الإنجليزي

الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة

أليو ديانج يرفض طريقة زيزو في الرحيل عن الأهلى

أحكام سجن بالجملة ضد أهالى شبراهور بسبب إيصالات أمانة.. اعرف القصة

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا


اجتماع مرتقب بين وكيل محمد صلاح وإدارة ليفربول

تاجر فواكه مسلم أشاد به ترامب.. من هو أحمد الأحمد الذي تصدي لهجوم سيدني؟

باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

نجل إلهان عمر يدفع ثمن خلافات ترامب مع والدته.. ماذا حدث؟

وزارة التعليم تكشف آلية سداد مصروفات المدارس الرسمية للغات

الأهلي يوافق على انتقال شكري وبيكهام وكمال لصفوف سيراميكا في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. مان يونايتد ضد بورنموث ونصف نهائي كأس العرب 2025

الطقس اليوم.. أجواء باردة وأمطار وشبورة والصغرى بالقاهرة 13 درجة

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى