زفة بالجمال وجريد النخل والبالونات.. أهالى النوبة يواصلون إحياء المولد النبوى رغم انتهاء الاحتفالات.. رجال ونساء وأطفال جزيرة هيسا يطوفون الشوارع بالمدائح والأناشيد.. سياح يشاركون بالطوفة ويشيدون بالأجواء.. صور

أهالى النوبة يواصلون إحياء المولد النبوى

أسوان – عبد الله صلاح

الإثنين، 29 سبتمبر 2025 05:00 ص

على ضفاف النيل الخالد، وفى قلب جزيرة نوبية ساحرة تحيط بها المياه الزرقاء من كل جانب، تواصل مئات الأسر النوبية احتفالاتها بالمولد النبوى الشريف، فى مشهد يفيض بالبهجة الروحانية والجمال الإنسانى، حيث تتداخل الألوان مع أصوات المدائح والطبول، فيما تزين السماء بالبالونات، وتشق الزفة النوبية طريقها بين الطرقات والبيوت البيضاء المطلة على النهر.

ورغم انتهاء موعد الاحتفال بالمولد النبوى، إلا أن أهالى النوبة وجزيرة هيسا يواصلون إحياء هذه الذكرى العطرة، وخرجوا كبارًا وصغارًا ونساءً ورجالًا، يصطحبون الجمال المزينة وجريد النخيل الأخضر، ويشكلون موكبًا يطوف الجزيرة من شرقها إلى غربها، فى مشهد يعكس ارتباط الإنسان النوبى بتراثه وعاداته الأصيلة، وحرصه على إحياء ذكرى مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

بدأت الاحتفالية بزفة الجمال يتقدمها المداحون والمنشدون يتوسطهم الشيخ خالد الدسوقى إمام وخطيب بالأوقاف، وشقيقه الشيخ مصطفى، وجلسا فوق جملين مزينين، وأنشدا مدائح نبوية تتغنى بحب النبى، بينما يتجاوب الأهالى بترديد الأناشيد الشهيرة والتى منها "طلع البدر علينا"، لتتحول الجزيرة كلها إلى ساحة احتفال غامرة بالحب والروحانيات.

ولم تقتصر المشاهد على الأهالى وحدهم، بل امتلأت الجزيرة بعشرات السائحين الأجانب الذين توافدوا، ليتابعوا واحدة من أروع المظاهر الشعبية والدينية فى مصر، بعضهم التقط الصور وآخرون انخرطوا فى الأجواء بالتصفيق والرقص مع الأهالى، معبرين عن انبهارهم بالجانب الإنسانى والسياحى لهذا الاحتفال الفريد.

وتألقت البيوت النوبية بزخارفها التقليدية، حيث علقت النساء الزينة الورقية والفوانيس على الأبواب والنوافذ، فيما وزعن الحلوى والعصائر على الأطفال والضيوف، أما الرجال فحملوا سعف النخيل والرايات الخضراء وجابوا بها طرقات الجزيرة مع الموكب، وكأنهم يرسلون رسالة سلام وأمان من أرض النوبة إلى العالم كله.

وفى تصريح لـ"اليوم السابع"، قال الحاج ياسر مركب، أحد أهالى جزيرة هيسا: "المولد عندنا فى الجزيرة مش مجرد احتفال دينى، لكنه مناسبة لإظهار روح التآلف والتكاتف بين الأهالى، والكل يشارك بلا استثناء، كل بيت يفتح أبوابه للضيوف، وكل أسرة تقدم ما لديها من طعام وشراب، والبهجة تظل سارية حتى ساعات الفجر الأولى، فى كل عام نستقبل زوارًا من مصر وخارجها، ليشاركوا معنا هذه الليلة التى تمثل بالنسبة لنا رمزًا للأمن والأمان والاستقرار".

ومن جانبه، أكد الشيخ المادح خالد الدسوقى إمام وخطيب بالأوقاف بأسوان، أن احتفال المولد فى هيسا هو تجديد لمعانى الحب والولاء لرسول الله، ورسالة من أرض النوبة أن الإسلام دين رحمة وسلام، وما يميز هذا المولد أن الأهالى يحتفلون وسط بيئة طبيعية خلابة، حيث النيل يحيط بالجزيرة من كل جانب، والجبال تزين الأفق، فتتداخل الروحانية الدينية مع الجمال البيئى فى لوحة فنية لا مثيل لها.

وأوضح أهالى الجزيرة لـ"اليوم السابع"، أن هذه الاحتفالية يجرى الإعداد لها قبل أسابيع طويلة، حيث يقوم الشباب بتزيين الشوارع وإعداد الإبل، بينما تتولى النساء تجهيز المأكولات والمشروبات والحلوى أيضاً لتوزيعها على المشاركين، أما المراكب النيلية فتبقى فى حالة استعداد لنقل الزائرين، حتى تتحول الجزيرة فى ليلة المولد إلى مقصد دينى وسياحى فى آن واحد.