عبد الله بن بطي آل حامد يكتب: بريدج قمة تمنح مساحة الدفء والانتماء والتحفيز

عبد الله بن بطي آل حامد
عبد الله بن بطي آل حامد

شكلت الجسور عبر التاريخ شرايين الحياة للحضارات، ربطت المدن والشعوب، وفتحت طرق التجارة والمعرفة، وكانت رمزاً إنسانياً للتحول من العزلة إلى التواصل ومن الخلاف إلى التلاقي. وبهذا شكلت الجسور ثورة في شكل حياة المجتمعات، حين أصبحت الحياة أوسع من مساحاتها المعتادة، وأصبحت الإمكانات أكثر فعاليةً وأثراً.

والجسر الذي نتحدث عنه هنا لا يقل أهمية عنها، بل قد يكون أوسع أثراً وأعمق حضوراً في حياة الناس واقتصاداتهم وثقافاتهم ووجدانهم. فهو جسرٌ للمعرفة الخالصة والإبداع والتبادل، وهو جسر عابر للغات والبلدان والثقافات والإمكانات والأزمنة، جسر تُقاس جدواه بقدرته على تحويل الطاقات والموارد والإبداعات إلى قيمةٍ عامة. إننا أمام مفهوم للجسر بوصفه بنية عبورٍ متبادل للأفكار والمهارات ورأس المال الثقافي.
نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات، تتجسد ملامحه عبر قمة بريدج المزمع عقدها في إمارة أبوظبي، التجمع الأكبر من نوعه في العالم، والذي يجمع كافة صناع الإعلام والقيمة والرسالة والمحتوى من شتى القطاعات والمجالات: من الأدب والنشر والترجمة، إلى السينما والتلفزيون والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى الموسيقى وفنون الأداء، مروراً بصناعات الألعاب والواقعين المعزّز والافتراضي، والتصميم والعمارة، والحِرَف والمنتجات الثقافية، والإعلام ومؤسساته، وصولاً إلى الجامعات ومراكز الأبحاث وحاضنات الابتكار. وتجمع أيضاً القادة وصناع القرار وأصحاب الرؤى في مساحة مشتركة من التفاعل والتبادل.
إنها قمة ملهمة، تقدم فرص الأعمال والاستثمار وتبادل المنفعة والعوائد، والشراكة وتطوير الأعمال وتحويل الأفكار إلى مشاريع بطريقة غير تقليدية، بعيدة عن الرسمية المعتادة، وأكثر قرباً من روح المستقبل الذي يحملنا إليه هذا "الجسر"، حيث يجد كل مبدع ومنتج قيمة أو رسالة أو فكرة في هذا العالم مساحة تمنحه الدفء والانتماء والتحفيز في آن.
ولا تقف القمة عند حدود اللقاء، بل تفتح مساراتٍ عملية للتواصل والتعلّم وبناء الشراكات، من خلال مختبرات للإنتاج المشترك، وحلقات لتقريب التشريعات من واقع الصناعة، وأسواق تربط المشاريع بجهات التمويل والتوزيع، وفضاءات عروض فنية وبحثية لتبادل الخبرات، إضافة إلى جلسات توافق مهني لتوحيد معايير القياس وتأهيل الكفاءات. في هذه البيئة الديناميكية تُبنى جسور الثقة، ويتكرّس الشعور بالانتماء إلى مجتمعٍ مهني عالمي، وتتحول الشبكات العابرة للحدود إلى فرصٍ استثمارية قابلة للقياس، وإلى شراكاتٍ قادرة على الصمود أمام التقلبات.
ولأننا ننطلق في رؤيتنا من الأعالي كما علمنا قادتنا، تشكّل القمة الانطلاقة العملية لـ "بريدج"، بوصفه منظومة دائمة للعمل والإبداع على مدار العام. فهو الفضاء الذي ينظّم اللقاء بين المبدع والمستثمر، وبين الموزّع والمنصة، وبين التشريعات  وشركات المحتوى، وبين الجامعات ومسرّعات الأعمال. إنها البداية لتأسيس شبكة فاعلة تجعل من الثقافة والوسائط الإبداعية جزءاً عضوياً في المشهد العالمي العام، وأداةً عملية لتعزيز الانتماء والوصول والتنوّع.
لقد أردنا أن يكون لـ "بريدج" أبعاداً استراتيجية دائمة التفاعل، ترسم مسارات طويلة المدى تمتد إلى الاقتصاد والمجتمع والثقافة والتنظيم. فمن الناحية الاقتصادية، سيعمل على توسيع قاعدة الاقتصاد غير المادي عبر سلاسل قيمة تمتد من الفكرة إلى المنصّة، ومن المنصّة إلى السوق، بما يُسهم في تسريع نمو الشركات الناشئة، ويستقطب الاستثمارات، ويوفر وظائف نوعية للشباب.
ومن الناحية الاجتماعية، يعزز بريدج الاندماج الثقافي، ويمنح الأصوات المختلفة منفذاً عادلاً إلى المنصات، كما يُرسّخ ثقافة التعلّم مدى الحياة والمهارات الرقمية. وفي البُعد الثقافي والفني، يساهم في تطوير الذائقة العامة، وحماية تنوع اللغات والثقافات والتراث، ويفتح المجال أمام ابتكارات مفاهيمية وتقنية جديدة. أما البُعد التنظيمي فيتمثل في تقريب التشريعات من واقع الصناعة عبر حوارٍ مؤسسي فاعل، كل تلك النواحي تشكل أبعاداً إضافية  لترسيخ مكانة الدولة مركزاً عالمياً لترابط الأمم، ونقل الرسالة الثقافية من نطاق العرض إلى نطاق التأثير.
لقد اختارت دولة الإمارات أن تبني هذا الجسر لأنها تتحرك وفق رسالة واضحة: أن تكون مبادِرة إلى دور عالمي غير مسبوق، يجعل من ربط العقول والطاقات جسراً دائماً ومفتوحاً على كافة الاتجاهات. فالإمارات، التي صنعت من الانفتاح والتنوّع قاعدةً لهويتها المعاصرة، ترى أن قيادة المستقبل تبدأ من بناء البنى التحتية غير المادية، وتؤمن بأنها قادرة، بما تمتلكه من خبرةٍ في صناعة المنصات الدولية، على تحويل "بريدج" إلى عقدة وصل كبرى في شبكة المحتوى العالمي، عقدةٍ تمنح المنطقة والعالم نموذجاً عملياً لكيفية إدارة القيمة الكامنة كأصل استراتيجي مستدام.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح يدعم منتخب مصر قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا 2025 فى المغرب.. فيديو

سيدة مُسنة تحاصرها مياه الفيضانات فى أسفى بالمغرب.. فيديو

إسعاد يونس تنعى شقيقة عادل إمام: حبيبة من حبايب العمر ذهبت للقاء ربها

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها


تقرير مغربى: بلعمرى فى الأهلى مقابل 500 ألف دولار

صور نادرة لـ إيمان شقيقة الزعيم عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متولى

ارتفاع عدد ضحايا هجوم احتفال الحانوكا اليهودي في أستراليا إلى 16 قتيلا

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني


السلاح الناري يعيد قضية شاكر محظور للتحقيق قبل إحالتها

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

بيراميدز يتقدم بعرض لبتروجت لشراء حامد حمدان فى انتقالات يناير

ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

موعد مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية فى البروفة الأخيرة لأمم أفريقيا

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى