أبطال خلف الأبواب المغلقة.. كيف يغير الأطباء صورة القطاع الصحي؟

تخيل نفسك تمشي داخل أحد المستشفيات الحكومية في القاهرة، حيث الأصوات مختلفة: أصوات المرضى، وأجهزة المراقبة، وخطوات الممرضين المتعجلين، وصرخات الأطفال أحيانًا، كل ذلك وسط زحام شديد وخدمات قليلة تُقدم للمواطنين.
المشاهد السابقة كنا نراها كثيرًا في أزمنة سابقة، وظلت لفترة طويلة الصورة النمطية عن الأطباء والمستشفيات الحكومية، إذ اعتاد المواطنون على الإهمال، وكانت المجاملات تحكم المشهد.
اليوم، المشهد مختلف تمامًا بفضل اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقطاع الصحي، فقد أصبح المواطن يرى ثمرة المبادرات على أرض الواقع، مثل «100 مليون صحة»، وإنهاء قوائم الانتظار، والتأمين الصحي الشامل، والعلاج على نفقة الدولة مهما كانت التكلفة، ومع هذه الإنجازات، تغيرت صورة المستشفيات الحكومية لتصبح أرضًا يسطع فيها ضوء الالتزام والجودة.
كل ذلك لم نكن نراه في الماضي، فنحن نشهد الآن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وهو يحرص على المتابعة الدؤوبة مع الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، تنفيذًا لقرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال وضع معايير صارمة للمتابعة في جميع المستشفيات، لضمان تقديم خدمة صحية متكاملة وذات جودة عالية.
خلال عملي كصحفي، وتعاملي مع بعض الأطباء والمسؤولين في مستشفيات مختلفة لمتابعة العديد من الحالات، رأيت نماذج عديدة تستحق تسليط الضوء عليها، واكتشفت أنه خلف الأبواب المغلقة، هناك دائمًا أبطال حقيقيون يعملون بصمت وضمير مهني عالٍ، محاولين تعويض المواطن عما فاته من سنوات الإهمال، وأصبح فعليًا الكثير من الأطباء لا يقتصر دورهم على الفحص والمعالجة، بل هم قلب نابض بالرحمة والعمل الجاد.
على سبيل المثال، نرى نماذج مثل الدكتور أحمد مصطفى، رئيس هيئة التأمين الصحي، الذي لا يكل ولا يمل من الجولات التفقدية على المستشفيات لمراجعة سير العمل، والتأكد من توافر الأدوية، وحث الفرق الطبية على تقديم أفضل خدمة ممكنة.
وكذلك الدكتور أحمد عطا، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الطبية، وأيضًا الدكتور سيد جلال، مدير فرع التأمين الصحي بالقاهرة، الذي يحرص هو الآخر على التأكد من أن كل شيء يسير وفق أعلى المعايير.
وفي مستشفى معهد ناصر للبحوث والعلاج، يبرز الدكتور محمود سعيد، مدير المستشفى، بمجهوداته اليومية لتطبيق أعلى معايير الجودة، متحديًا أي عقليات تقليدية.
وفي مستشفى بنها للتأمين الصحي، يشيد الجميع بالدكتور أحمد عبد الستار الطوانسي، أخصائي جراحة العظام والمفاصل، الذي يجمع بين خبرة فائقة في تخصصه وأخلاق رفيعة ليكون نموذجًا يُحتذى به.
هذه بعض النماذج الرائعة التي تعاملت معها عن قرب، وبالتأكيد هناك غيرهم الكثير يستحق الإشادة، لكن ليس مقصد حديثي رصد جميع الحالات والنماذج الجيدة، بقدر التأكيد على أن الوضع حاليًا بات أفضل بكثير مما كان عليه في الماضي.
بالطبع، ليس معنى كلامي أنه لم يعد هناك إهمال أو روتين في بعض الأمكنة داخل المستشفيات الحكومية، فبالتأكيد توجد بعض النماذج السيئة التي تتسبب في إثارة أزمات وتتصرف بشكل غير آدمي مع المرضى، لكن كما يقولون: لكل قاعدة شواذ، فالتغيير الكامل الشامل لا يحدث بين يوم وليلة.
لكن من المهم، كإعلاميين ومواطنين، أن نتحدث عن النماذج المشرفة عندما نراها، مثلما نتحدث عن السلبيات، فهؤلاء الأطباء والممرضون والإداريون هم الجنود المجهولة المعلومة، وهم من يجعلون وسط الظلام مكانًا يشرق فيه الأمل، فهم فعليًا «ملائكة الرحمة» الذين يبنون مصر الجديدة بحبهم لعملهم وأخلاقهم وضميرهم ومهاراتهم.
النموذجان، الإيجابي والسلبي، يوضحان بجلاء مدى تأثير الأطباء على صورة القطاع الصحي، فالأطباء الملتزمون والرحماء، الذين يعملون بصمت وضمير مهني عالٍ، ينهضون بالمستشفيات ويجعلونها نموذجًا للجودة والخدمة المتكاملة، بينما النماذج السلبية، التي تتسم بالإهمال أو الروتين والتعامل غير الإنساني مع المرضى، قد تهدد هذه الصورة وتعيد جزءًا من الصورة النمطية القديمة عن المستشفيات الحكومية.
الخلاصة تقول: هذا التباين يبرز أهمية تسليط الضوء على النماذج المشرفة، ليصبح الالتزام والجودة معيارًا يُحتذى به، ويشكل حافزًا للتغيير الإيجابي في كل المستشفيات، بدلًا من اللهث خلف هوس التريند المصنوع الذي يتغذى على الفضائح والتهريج. فما أحوجنا إلى ضمير في كل مهنة، وعلى كل مكتب، وفوق كل كرسي، من أجل مصر الجديدة.

Trending Plus