غزة تحت حصار "سيف التهجير" و"ذهب ريفييرا".. واشنطن بوست تكشف ملامح مخطط ترامب.. "منح مغادرة" وإدارة أمريكية للقطاع 10 سنوات في المقدمة.. المقابل: منتج سياحى ومدن ذكية.. وغزيون للصحيفة: لن نترك أرضنا

دعم أمريكي مفتوح ومخطط صهيوني بات يلقي الرعاية الأمريكية هدفه تفريغ قطاع غزة من سكانه تحت ذريعة إعادة الإعمار حيناً، وخلف شعارات "بناء حياة أفضل" لأهالي القطاع في أحيان آخري.. وما بين "التهجير القسري" بوجهه القبيح، ومقترح "ريفييرا غزة" الذي يحاول دعاته تغليف السيناريو المشبوه بصورة براقة، واصلت القاهرة تحركاتها الدبلوماسية لوأد الفكرة، والحفاظ علي ثوابت القضية الفلسطينية مع خلق رأي عام أوروبي داعم للحق الفلسطيني، كما واصلت جهودها لدفع عمليات الإغاثة وتدفق المساعدات لرفع المعاناة عمن يواجهون حملات القتل الممنهج والتجويع علي مدار 700 يوماً كاملة منذ 7 أكتوبر 2023.
وخلال الأشهر القليلة الماضية تبدلت محاولات فرض التهجير القسري بقوة السلاح، خاصة مع بدء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي عاد إلى البيت الأبيض بوعود عدة من بينها إنهاء حرب غزة، ليصطدم بتعقيدات التفاصيل والرغبة الإسرائيلية الجامحة في مواصلة العدوان، وهي الأمور التي دفع ترامب للبحث عن سيناريو جديد لا يحيد معه عن دعم الاحتلال، ويحقق معه في الوقت نفسه مكاسب شخصية، ليظهر إلى النور مقترح "ريفييرا غزة".
ولا يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته راغبون فى التخلى عن حلم "ريفيرا الشرق الأوسط" فى قطاع غزة، برغم كل المعارضة والرفض على الصعيدين العربى والدولى لهذا المقترح منذ أن تحدث عنه ترامب لأول مرة فى فبراير الماضى.
وفى وقت سابق هذا الأسبوع، كشفت صحيفة واشنطن بوست عن سيناريو جديد لـ تفريغ قطاع غزة من سكانه، وتحدثت عن خطة لمرحلة ما بعد الحرب تتضمن ما أسمته "إعادة توطين" طوعى لسكان القطاع بالكامل.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الخطة التى وردت فى 38 صفحة ويتم تداولها داخل إدارة ترامب، قائمة على تعهد الرئيس الأمريكى بـ "الاستيلاء" على القطاع، من شأنها أن تحول القطاع إلى "وصاية" تديرها الولايات المتحدة لمدة لا تقل عن 10 سنوات، مع تحويل غزة إلى منتجع سياحى لامع ومركز تصنيع وتكنولوجيا عالية.
وذكرت الصحيفة أن ترامب و"الشركاء الدوليين"، الذين لم تحدد هويتهم، يناقشون خططاً لبناء ريفيرا الشرق الأوسط على أنقاض غزة، والتى من شأنها أن تؤسس لسيطرة أمريكية وتدفع للفلسطينيين أموالاً للمغادرة.
وفيما يتعلق بالتفاصيل، ذكرت الصحيفة أن الخطة تحدثت عن موقع غزة "عند مفترق طرق" لما سيصبح منطقة "موالية لأمريكا"، مما يمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى موارد الطاقة والمعادن الأساسية، ويشكل مركزًا لوجستيًا للممر الاقتصادى بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا الذى تم الإعلان عنه لأول مرة خلال إدارة بايدن، لكنه توقف بسبب حرب إسرائيل على غزة.
ووفقا للخطة، فإن الإدارة الأمريكية ستنشئ صندوقاً ائتمانياً لتوطين سكان غزة بالخارج والداخل. وستبدأ إعادة إعمار غزة بإزالة كميات هائلة من الحطام والذخائر غير المنفجرة، إلى جانب إعادة بناء المرافق والشبكة الكهربائية.
وذكرت "واشنطن بوست" أن كل من يملك أرضا سيحصل على "رمز رقمي" أو "توكين" مقابل حقوق إعادة تطوير ممتلكاته، مضيفة أن كل فلسطينى يغادر سيحصل على خمسة آلاف دولار نقدا وإعانات مالية لتغطية إيجار أربع سنوات، وسيحصلون أيضا على الطعام لمدة عام.
وقالت الصحيفة إن الخطة تسمى "صندوق إعادة الإعمار والتسريع الاقتصادى والتحول فى غزة"، ووضعتها مؤسسة غزة الإنسانية.
وبموجب الخطة، سيتم تمويل التكاليف الأولية باستخدام ضمانات 30% من أراضى غزة، التى قال المخططون إنها مملوكة بالفعل "للقطاع العام"، وستؤول ملكيتها فورًا إلى الصندوق الاستئمانى.
وتشمل "المشاريع الضخمة" الممولة من المستثمرين رصف طريق دائرى وخط ترام حول محيط غزة، وطريق سريع حديث يربط الشمال بالجنوب عبر مركز غزة. وسيتم بناء ميناء ومطار جديدين فى أقصى الجنوب، مع ربط برى مباشر بمصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل.
وستكون الحدود الشرقية لغزة مع إسرائيل منطقة صناعية "ذكية"، تضم شركات سيارات كهربائية أمريكية ومراكز بيانات إقليمية لخدمة إسرائيل ودول الخليج العربى. وستخصص الواجهة البحرية الغربية لغزة لـ"ريفييرا غزة ترامب"، التى تضم "منتجعات عالمية المستوى" مع إمكانية إنشاء جزر اصطناعية شبيهة بتلك التى على شكل نخلة والمبنية قبالة مدينة دبى الإماراتية.
وفى قلب القطاع، بين المنتجعات المطلة على الواجهة البحرية والمنطقة الصناعية - التى تتوقع الخطة أن توفر مليون فرصة عمل - سيتم تشييد مبانٍ سكنية تصل إلى 20 طابقًا فى ست إلى ثمانى مدن ذكية ديناميكية وحديثة ومدعومة بالذكاء الاصطناعى. ستشمل المناطق متعددة الاستخدامات "مساكن، ومراكز تجارية، وصناعات خفيفة، ومرافق أخرى، بما فى ذلك عيادات ومستشفيات ومدارس وغيرها"، تتخللها "مساحات خضراء، بما فى ذلك أراضٍ زراعية وحدائق وملاعب جولف".
سيُعرض على العائلات الغزية التى تبقى، أو تغادر ثم تعود بعد اكتمال المناطق السكنية لتبادل رموز أراضيها، ملكية شقق جديدة بمساحة 1800 قدم مربع، تقدرها الخطة بـ 75 ألف دولار للشقق.
ونقلت واشنطن بوست عن عادل حق، الأستاذ والخبير فى قانون النزاعات المسلحة بجامعة روتجرز، قوله إن أى خطة تمنع فيها عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، أو تُحرمهم من الطعام والرعاية الطبية والمأوى بشكل غير كافٍ، ستكون غير قانونية - بغض النظر عن أى حافز نقدى يتم تقديمه للمغادرين.
ورغم المعاناة المستمرة، فإن كثير من سكان غزة لا يزالوا يرفضون المغادرة. من بين هؤلاء، أبو محمد، الأب البالغ من العمر 55 عامًا، والذى قال لواشنطن بوست عبر "واتساب" إنه رغم الوضع الكارثى، لن يغادر أبدًا. وأضاف: "أقيم الآن فى منزلٍ مدمر جزئيًا فى خان يونس. لكن بإمكاننا ترميمه. أرفض أن أجبر على الذهاب إلى بلدٍ آخر، مسلمًا كان أم غير مسلم. هذا وطني".

Trending Plus