نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الثانى

يواجهون الموت بلا إنذار.. الصم فى غزة وذوو الإعاقة السمعية يعيشون معاناة مضاعفة لعدم قدرتهم على سماع التحذيرات وأصوات القذائف.. 35 ألفا معرضون لفقدان السمع بسبب الحرب.. 83% لا يستطيعون استبدال السماعات التالفة

الصم فى غزة يواجهون الموت بلا إنذار
الصم فى غزة يواجهون الموت بلا إنذار
كتب أحمد جمال الدين

العشرات من الصم يعانون من نوبات فزع وبكاء مستمر

معاناة مزدوجة.. ذلك هو الوصف الأمثل الذى ينطبق على عدد من أهالى غزة من ذوى الإعاقة، خاصة من الصم وضعاف السمع الذين حكم عليهم بخوض تجربة صعبة قاسية، وهى العجز عن التواصل مع من حولهم فى ظل حرب وحشية شعواء، يشنها العدو الصهيونى دون رحمة أو شفقة أو مراعاة لأى مواثيق أو أعراف، فخلال عامين وتحديدا منذ الـ7 من أكتوبر عام 2023 لم تعرف غزة سوى الدمار وخراب وتهدم كامل للبنية التحتية وحصار محكم، وعجز حاد فى المواد الغذائية والطبية، وتهجير قسرى ومذابح يومية، وجوع يفتك بالأهالى دون أن يملكوا وسيلة لصد هذا الهجوم، فأينما تولى وجهك لا تجد إلا الدمار والخراب، فالسماء تملؤها الغيوم بسبب الغارات، المبانى مهدمة، الطرقات أتلفت، العائلات تشردت ما بين قتيل أو نزيح بين أهالى القطاع، وفى القلب منهم الصم وضعاف السمع، الذين يجدون صعوبة فى التواصل مع غيرهم إلا من خلال لغة الإشارة التى لا يعرفها سوى قلة، فلنا أن نتساءل: ما هو حالهم فى ظل هذه الظروف الاستثنائية التى يمر بها القطاع والتى يحتاجون فيها إلى الرفقة والتواصل مع غيرهم، وفى ظل هذه الظروف يكون هذا الأمر صعب المنال.

 

معاناة الصم فى غزة
 

فى هذا الملف تمت الاستعانة بأحد المتطوعين للتواصل مع أهالى غزة من الصم وضعاف السمع، لنكشف عن المعاناة والظروف القاسية التى يحياها الآن ذوو الإعاقة من الصم وضعاف السمع فى غزة، الذين يواجهون معاناة مزدوجة، سواء من الحرب على القطاع أو بسبب ظروفهم الصحية التى تجعلهم عرضة للمخاطر، وقد تصل فى بعض الأحيان إلى فقد حياتهم نتيجة العجز عن سماع صوت الرصاص أو القاذفات أو العجز عن طلب المساعدة فهم لا يملكون سوى إشارات اليد، التى لا يمكن من خلالها فقط التواصل مع الآخرين بشكل صحيح خلال هذه الظروف، إما بسبب الجهل بلغة الإشارة أو الرغبة فى الفرار بشكل سريع التماسا وطلبا للنجاة.

خطر متزايد.. «سلمى» إحدى سكان قطاع غزة التى تعانى الصم منذ ولادتها، وإن كانت فى الماضى لم تشعر بهذه الإعاقة خاصة فى ظل وجودها وسط أسرتها وجيرانها، الذين كان يجمعهم حب كبير وسهولة فى التواصل ساعدها على تجاوز إعاقتها وعدم الشعور بأى معاناة، ولكن الحال تغير بعد السابع من أكتوبر، وتعرض قطاع غزة للحرب الصهيونية، مما أدى إلى فقدانها العديد من أسرتها وأصدقائها ما بين قتيل أو نازح، وتركها وحيدة تقاسى معاناة ويلات الحرب وصعوبة التواصل مع الغير، خاصة بعد فقدانها زوجها خلال إحدى الغارات وتركها بمفردها مع ثلاثة أطفال، منهم اثنان من الصم، بحسب قولها.

الكشف على الصم


تقول «سلمى»، الأم لثلاثة أطفال: أشعر بالخطر من حولى، فالغارات لا تنتهى ومشاهد القتل أمامى والضحايا تتزايد، وأنا هنا فى خيمتى أشعر بأنى معزولة عما يجرى حولى، سواء وقت الغارات والقذف، لذلك أبقى أولادى بجانبى دائما، أحتضنهم بشدة ولا أسمح لهم بالخروج من الخيمة، لأنى لا أستطيع النداء عليهم لاستدعائهم فى وقت الخطر، وكذلك فى الأوقات الأخرى فى حال طلب الحصول على المساعدات الغذائية، فلا أملك وسيلة للتواصل سوى الإشارة التى لا يعرفها الكثيرون.

عزلة جبرية.. زين ابن لأسرة مكونة من أبوين وثلاثة أشقاء، كان يدرس فى الصف الثالث الثانوى، وعلى وشك الانضمام إلى الجامعة قبل أن يحول إلى نازح يسكن فى إحدى الخيام، يجد صعوبة فى الحصول على المواد الغذائية، التى تصل كمساعدات بسبب عجزه عن التواصل مع من حوله.
قبل عدة أشهر فقط، كان يعيش عشرينى العمر حياته وسط أسرته، لا تختلف عن أقرانه داخل القطاع، يحلم بالعودة لاستئناف الدراسة وإنهائها والالتحاق بالجامعة، فبرغم إعاقته السمعية فإنه كان مصمما على مواصلة دراسته قبل أن يهدم منزله إثر إحدى الغارات الإسرائيلية، ووفاة جميع أفراد أسرته ونجاته وحيدا.

يقول: فى لحظة واحدة شاهدت سقف منزلنا يهوى على أسرتى، واستطعت الخروج من أسفل الركام بصعوبة كبرى وشاهدت العشرات من الأهالى ممن جاءوا للمساعدة، ولكنى لم أستطع التواصل معهم أو فهم ما حدث، فكل شىء حدث فى لحظة واحدة، كنت عاجزا عن إدراك أننى فى لحظة واحدة فقدت أسرتى، أبواى وأشقائى ومنزلى، وأصبحت وحيدا، أجد صعوبة فى التواصل مع من حولى، ففى أحيان كثيرة أرغب فى الحديث ولكن لا أجد من يفهمنى، لذلك أعانى من فقد الأهل والوحدة أو بمعنى أدق العزلة.
 

الأطفال صم


فقدان الأمان.. محمد أبوعدنان، أحد ضعاف السمع، يعرب عن فقدانه الأمان بقوله: نعيش أوقاتا قاسية وصعبة، فقبل هذه الحرب كنت أعيش حياة هادئة، وتزوجت وأنجبت بنتين، ولكن فجأة انقلب الحال رأسا على عقب بسبب الحرب على غزة، ففقدت منزلى وعملى، وقمت بالنزوح عدة مرات طلبا للنجاة والسلامة، نعيش فى خيمة بسيطة لا تحمى من الشمس ولا برد الشتاء بجانب العجز فى المواد الغذائية والصحية.

وتابع: أشد ما أخشاه هو السقوط قتيلا خلال ذهابى للحصول على المساعدات الغذائية لإطعام أسرتى، سواء باستهدافى مباشرة أو لعجزى عن توقع الخطر، فعند المعرفة بوجود هجمات لا أدرى كيف اتجه وإلى أين.

العجز عن التواصل.. عبدالله عبدالرحمن أحد سكان غزة من ضعاف السمع يقول: أعانى منذ الصغر من ضعف السمع، ولكن مع مرور السنوات استطعت تجاوز ذلك الأمر من خلال تركيب السماعات، التى مكنتنى من التواصل مع من حولى، سواء من أسرتى أو أصدقائى، ولم أشعر بأى صعوبات حتى تناسيت أننى من ذوى الإعاقة، وأعتمد فى الأساس على سماعة للتواصل مع من حولى، ولكن هذا ما كان فى السابق قبل عامين، فقد تغير كل شىء، وتحديدا بعد الـ7 من أكتوبر، حيث تهدمت المستشفيات والمراكز الطبية، وأصبح هناك عجز كبير فى الاستعدادات الطبية، سواء من التجهيزات والأدوية أو فى المستلزمات نفسها، ومنها السماعات، فضلا عن نقص حاد فى الأطباء أنفسهم.

وأوضح: خلال هذه الفترة أجد صعوبة فى التواصل مع من حولى بسبب تلف السماعات وحاجاتها للاستبدال، وهذا أمر صعب تحقيقه فى ظل هذه الظروف.
المعاناة سبب المنحة.. برغم تعدد القصص والمآسى التى يشهدها قطاع غزة، فكل شبر من هذه الأرض ينطق بعشرات الحكايات من القصص المأساوية إلا «رائدة نضال» تصبح من القصص التى يجب أن تروى فهى جمعت بين تحمل آلام الفقد وتحويل المحنة إلى منحة.

الشهيد هاشم غزال أحد رواد العمل التطوعي لذوى الإشارة فى غزة


«رائدة نضال» التى كانت أما لثلاثة الأطفال، رزقت بهم بعد زواج استمر أكثر من 20 عاما دون إنجاب قبل أن يهبها الله الثلاثة بشكل متتال من الصم وضعاف السمع، ولكنها كانت سعيدة وتأنس بهم وتسعى إلى تدريبهم على التواصل مع المحيطين بهم، ودمجهم بشكل إيجابى فى المجتمع، سواء من خلال سعيها لتعليمهم لغة الإشارة، لكى يتمكنوا من التواصل مع المحيطين بهم، والتعبير عن احتياجاتهم المختلفة، وكانوا بمثابة عائتلها وعزوتها ومصدر سعادتها قبل أن تفقدهم جميعا إثر غارة صهيونية استهدفت الحى الذى كانت تقطن به فى شمال غزة، بحسب قولها.


وتقول: رزقت بثلاثة أبناء كانوا هم السند لى فى هذه الحياة، خاصة بعد وفاة زوجى فى إحدى الغارات خلال حرب قوات الاحتلال على غزة فى العام الماضى، ولذلك كنت أعتبر أولادى هم إرثى وعزوتى فى الدنيا، فكانوا يشاركوننى كل أوقاتى ولا أطيق الابتعاد عنهم ولو للحظات، فبرغم أنهم كانوا من الصم ولكن ذلك لم ينتقص من محبتى لهم، بل كنت أسعد وأستأنس بهم رغم سنهم الصغير، حيث لم يتجاوز أكبرهم سن الخامسة عشر، إلا أن تصرفاتهم توحى بتحمل المسؤولية وحسن التصرف، فخلال الحرب كانوا يذهبون للحصول على المواد الغذائية والبحث عن المياه، فكنت أشعر بأننى ملكة مع أبنائى قبل أن أفقدهم مرة فى إحدى الغارات التى لم ينتبهوا لها أو يشعروا بأصوات القاذفات بسبب أنهم من الصم وفى لحظة فقدتهم جميعا.

وتابعت: شعرت بالوحدة ولم أصدق ما حدث، فرفضت تلقى العزاء فى أبنائى، كنت وقتها غير مدركة أننى لن أراهم ثانية، والخيمية البسيطة التى كنا نعيش بداخلها ستخلو من ضحكاتهم ولعبهم وسأبقى بها وحيدة، ظللت أبكى شهورا وانعزلت عن العالم الخارجى، وكنت رافضة الطعام حتى تدهورت صحتى، وكنت على وشك الموت، ولكن فى أشد لحظات ضعفى استطعت تجاوز هذه المحنة من خلال التفكير فى التدريب على لغة الإشارة، وكنت قد استطعت الإلمام ببعض الإشارات من خلال التعامل مع أولادى.

وأضافت: بالفعل اندمجت فى تعلم لغة الإشارة خلال العامين السابقين فى جمعيات الصم، واستطعت فى وقت قليل إجادتها وعملت متطوعة فى خدمة ومساعدة الصم وضعاف السمع، أشعر الآن بأنه إذا كنت قد فقدت ثلاثة من الأبناء، فلدى الآن عشرات الأبناء فى عمر أولادى.

 

الدكتورة هبة هجرس المقررة الأممية
 

أحد العاملين بإحدى الجمعيات العاملة فى مساعدة الصم وضعاف السمع فى قطاع غزة، الذى رفض ذكر اسمه قال: أعمل متطوعا فى إحدى الجمعيات العاملة فى مساعدة الصم وضعاف السمع، التى كانت تقوم بدور عظيم فى مساعدة هذه الفئة التى تحتاج للدعم بهدف العمل على دمجهم بشكل إيجابى داخل المجتمع، ويكونوا رقما فاعلا به عبر تنظيم العديد من الفعاليات التى نحرص على مشاركتهم بها، وبرغم الظروف القاسية التى نمر بها خلال هذه الفترة من حرب غير متكافئة ومجازر ومذابح يومية لأبناء غزة على يد العصابات الصهيونية المحتلة، وتهدم المقر الخاص بالجمعية كحال مبانى ومنشآت أغلب المؤسسات داخل قطاع غزة، ولكن نشاطنا لم يتوقف ونعمل بجد من أجل نشر ثقافة الإشارة للعمل على التواصل ومساعدة الصم وضعاف السمع خلال هذه الفترة بشكل خاص.
وأوضح: نعمل على تعليمهم بعض الإشارات المرتبطة بالحرب والأسلحة وطلب المساعدة والنجدة وكيفية تفادى المخاطر بقدر المستطاع.

طبقا لمدير جمعية «أطفالنا للصم» بغزة فى بيان لها، قال: أظهر المسح الميدانى، الذى قامت به الجمعية ما بين العامين 2023 و2025، أن 35 ألف طفل وبالغ معرضون لفقدان السمع ما بين شكل مؤقت ودائم بسبب الحرب نتيجة الانفجارات والحرب، مؤكدا على تضاعف معدل الإصابات بمشاكل السمع ثلاث مرات عما كان عليه قبل الحرب، إضافة إلى ارتفاع ملحوظ فى مشاكل السمع لدى الأطفال حديثى الولادة، الذين وُلدوا أثناء الحرب.

لافتا إلى تعطل كامل فى خدمات التأهيل والتعليم المقدمة للصم كاشف أن 83% من ذوى الإعاقة لا يستطيعون استبدال السماعات التالفة، كما أن العشرات من الصم الذين يعيشون فى مراكز الإيواء يعانون من نوبات فزع وهلع وبكاء مستمر، فضلا عن غياب الخصوصية وفقدان التواصل بسبب عدم وجود الأدوات من السماعات وغيرها.

ومن جانبها، نددت الدكتورة هبة هجرس، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة بالأمم المتحدة، بأسلوب استهداف الاحتلال لذوى الإعاقة فى قطاع غزة، داعية إلى ضرورة وقف العمليات العسكرية فى كل الأراضى المحتلة وقطاع غزة الآن وليس غدا بعد تحويل حياة الأشخاص ذوى الإعاقة إلى جحيم.

وفى تصريحات سابقة لـ«اليوم السابع»، قالت هبة هجرس:، إن العمليات العسكرية الوحشية فى قطاع غزة تجاوزت الـ300 يوميا، ولا يخفى على أحد تأثير هذه العمليات على سكان القطاع، خاصة ذوى الإعاقة، وتحويل حياتهم إلى جحيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ملف اليوم السابع عن الصم فى غزة
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

لجنة وزارية عربية تدين الإجراءات الإسرائيلية الهادفة لعزل مدينة القدس

ضبط شبكة بث فضائى غير مرخصة.. وأجهزة الأمن تكشف التفاصيل

هيئة الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وأعلى درجات حرارة متوقع تسجيلها

حبس أجنبى الجنسية يسرق السيارات بأكتوبر بطريقة كسر الزجاج 4 أيام

وزارة العمل تعلن وظائف جديدة برواتب تصل 12 ألف جنيه شهريًا.. التفاصيل


منحة مالية للمولد النبوى للعمالة غير المنتظمة من وزارة العمل.. اعرف التفاصيل

أجهزة معطلة وتزاحم.. "الصحة" تحيل استقبال مستشفى عين شمس العام للتحقيق

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 سبتمبر 1898 ..رفع العلم الإنجليزى على سراى الحاكم العام بالخرطوم بعد هزيمة «المهديين» وحكومة بريطانيا تعلن حقها فى حكم السودان.. والخديو عباس الثانى يشعر بخيبة الأمل

موعد وملعب مباراة مصر وإثيوبيا فى تصفيات كأس العالم

ميسي يودع الأرجنتين ضد فنزويلا في تصفيات كأس العالم 2026


الطقس اليوم الخميس 4-9-2025.. حار نهارا ورطب ليلا وتحذيرات من الشبورة

وزارة التعليم تستعد للعام الدراسى الجديد.. تجهيز قوائم الطلاب فى الصفوف الأولى بالمراحل المختلفة.. وتسليم الكتب للمدارس لتوزيعها على الطلاب مع بدء الدراسة.. وجار إعداد جداول الحصص والإشراف وتوزيعها على المعلمين

سيناريوهات تنتظر "أم شهد" شريكة سفاح التجمع على حبسها 10 سنوات.. اعرفها

سرعة وراحة.. مواعيد وأسعار تذاكر قطار تالجو الفاخر الخميس 4-9-2025

صفقات نارية بعد التألق في مونديال الأندية.. وسام أبو علي الأبرز

المصري يبدأ اليوم استعداداته لمواجهة الزمالك في الدوري بعد انتهاء الراحة

فيلم صوت هند رجب بمهرجان فينسيا.. تحية تجاوزت الـ20 دقيقة من التصفيق الحار (صور)

موعد مباراة منتخب مصر وإثيوبيا في تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم

آخر فرصة.. اليوم غلق باب التقدم على وظائف المونوريل 2025

حار رطب نهارًا.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس 4 سبتمبر 2025 فى مصر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى