أكرم القصاص يكتب: مصر والدولة الفلسطينية والعالم.. جرائم نتنياهو ووحدة الفصائل

تتسارع الأحداث غزة، سواء من قبل الاحتلال، أو تطورات الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبينما يواصل نتنياهو الحرب على غزة، تتواصل جهود مصرية وعربية لمواجهة مخططات التهجير، ومضاعفة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، بينما يتنقل نتنياهو بين خيارات مختلفة، منها إعادة احتلال غزة، بعد حرب إبادة بدت مخططة ومتعمدة لجعل الحياة فى غزة مستحيلة، مع تضمين خطة الاحتلال عملية تهجير من الشمال للجنوب، وطرح التهجير بأكثر من طريقة، وهو ما تصدت له مصر وأعلنت خطوطا حمراء بمواجهته، وإن كان لا يزال قائما.
لا شك أن إعلان دول أوروبية بعضها كان داعما للتصور الصهيونى، أعلنت الاعتراف بالدولة الفلسطينية حال إعلانها، ليست فقط دولا مثل بلجيكا وسلوفينيا، بل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وحتى بريطانيا هناك تفكير فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما يمثل خطوات مهمة تصب فى صالح القضية الفلسطينية، وهو نتاج جهود مصر على مدى الشهور الماضية، لكننا أمام أمر ليس سهلا، والطريق للدولة الفلسطينية ليس واحدا بالنسبة لكل طرف، وهى معركة صعبة وطويلة وتتطلب يقظة وانتباها، وأن تتخلى بعض الأطراف عن أوهامها، وتعلم أن خطوات تقوم على بعضها هى التى تقود إلى الدولة.
من جهتها بذلت مصر ولا تزال جهودا كبيرة لإقناع دول أوروبية بدعم إقامة الدولة الفلسطينية ورفض مشاريع التهجير، فى مواجهة مراوغات ومناورات من قبل الاحتلال ونتنياهو وتياره الأكثر تطرفا على مدى التاريخ، واعتاد المراوغة حتى فى الاتفاقات التى تم التوصل إليها وانتهت مرحلتها الأولى حتى خرقها نتنياهو، وبدأ يردد أوهاما توراتية لمخاطبة المتطرفين فى الكيان، فى محاولة للتغطية على مأزق إطالة الحرب بلا أفق، بالرغم من أنه طوال 20 شهرا دمر غزة ومارس جرائم حرب وإبادة لكنه عجز عن تنفيذ أى خطوات نحو التهجير القسرى، واخترع مع عملاء التهجير الطوعى، فضلا عن أنه فشل فى تنفيذ تعهده بالقضاء على حماس، وإن كان نجح فى إضعاف التنظيم، واتخذ من عملية 7 أكتوبر ذريعة، لشن حرب إبادة .
ومع هذا عجز الاحتلال عن إقناع الرأى العام العالمى الذى انقلب عليه بفضل عملية الإقناع المصرية، وتصدى مصر بصلابة لمخططات التهجير والتصفية، بل إن دولا أوروبية بدأت تراجع علاقاتها مع الكيان، وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها الحليف الاستراتيجى هناك غضب وانقسام حتى داخل اللوبى اليهودى حول الموقف من نتنياهو وحرب الإبادة وصورة الكيان ومعها صورة الولايات المتحدة التى لطختها جرائم الحرب، خاصة أن الولايات المتحدة تستخدم الفيتو لعرقلة صدور قرارات من مجلس الأمن لوقف الحرب، وحتى القرار الذى صدر باقتراح أمريكى لم ينفذه الاحتلال بوقف الحرب، ووصل التواطؤ الأمريكية إلى حد منع الولايات المتحدة منح تأشيرات الدخول لوفد السلطة الفلسطينية، بما فى ذلك الرئيس محمود عباس، للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى واتفاقية المقر الخاصة بالأمم المتحدة.
وكل هذه المتغيرات تؤكد أن المعركة طويلة وتحتاج إلى جهود مكثفة ونفس طويل، مع ضرورة أن تضع الأطراف الفلسطينية الصالح الفلسطينى فى المقدمة، بعيدا عن أوهام وتداخلات مع أطراف إقليمية خرجت من السباق، فى مواجهة هى الأخطر على مدى المعارك فى سياقات الاحتلال، فيما يضاعف من تحركات ومناورات ومشروعات تمثل خطرا مستحدثا، وتحمل لأول مرة إغراءات بالتهجير القسرى، وهو ما يتطلب يقظة وتوحيدا، وأن تستمع الأطراف الفلسطينية إلى دعوة ومساعى مصر لتوحيد الفصائل الفلسطينية كأولوية للعمل فى مرحلة شديدة التعقيد، ومواجهة هى الأخطر على مدى 7 عقود، بجانب ظهور مخططات تهجير مسنودة بإغراءات مالية، تداخلت معها شركات أمريكية، هى غطاء لأجهزة الاستخبارات والأطراف الغامضة فى صفقات التهجير، بل وتم التواصل مع دول مختلفة لقبول أعداد من الفلسطينيين، وهذه المساعى ليست بعيدة عن الحملات التى تمت ضد الدولة المصرية وسفاراتها لتمرير التهجير، بتحالف تنظيم الإخوان مع نتنياهو والمتطرفين الصهاينة، وكل هذه المخططات تتزامن مع إعلان دول أوروبية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كل هذا يفرض الرؤية المصرية لتوحيد الفصائل الفلسطينية، والتخلى عن شعارات وأوهام، خاصة أن الدولة الفلسطينية قد لا تكون بنفس المواصفات والتفاصيل لدى كل طرف، فالحرب هذه المرة، تمثل تحولا مهما، وتتطلب بالفعل معالجات وتعاملا يختلف عما كان، ويستوعب التحولات فى الشكل والمضمون، ثم إنها تضع الطرف الفلسطينى بكل فصائله باتجاه ضرورة استعادة الوحدة والابتعاد عن صراعات ضاعفت - ولا تزال - من إضعاف القضية.
اقرأ أيضا..


Trending Plus