عصام عبد القادر يكتب: عن رفض التهجير وتصريحات ذوي المآرب: مصر القوية.. قيادتها السياسية مواقفها ثابتة وعقيدتها راسخة.. مؤسساتها الوطنية وشعبها خلف القائد وضد ممارسات الكيان المعتدي

ستظل مصر حجر عثرة أمام مآرب المغرضين، وستظل القضية الأم في قلوب شعب الحضارة والصمود، وستظل أوهام إسرائيل في مهب الريح، ولن تسمح جمهورية الصمود بتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم من بوابتها التي تمدهم بالحياة والأمل، ولن تتخلى القيادة السياسية، والدبلوماسية المصرية عن موقفها الثابت، منذ اللحظة الأولى للتصعيد، وما يصرح به رئيس وزراء الكيان، لا نلقى له بالًا، ونؤكد على أنه مسار للإفلاس السياسي بكل المقاييس.
وقد أعربت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، اليوم الجمعة، عن بالغ استهجانها للتصريحات المنسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم بما في ذلك عبر معبر رفح، في إطار محاولاته المستمرة لتمديد زمن التصعيد في المنطقة وتكريس عدم الاستقرار لتفادي مواجهة عواقب الانتهاكات الاسرائيلية في غزة داخليا وخارجياً، وجددت مصر تأكيدها على إدانة ورفض تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، سواء قسريا أو طوعيا، مؤكدة أن تلك الممارسات إنما تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وترقى لجرائم التطهير العرقي، مناشدةً المجتمع الدولي بتفعيل آليات المحاسبة على تلك الجرائم المعلنة والتي تتحول تدريجياً لتصبح أداة للدعاية السياسية في إسرائيل نتيجة لغياب العدالة الدولية.
ما تقوم به إسرائيل ميدانيًا، يدل على فشل ذريع في حربها على القطاع؛ حيث إن تمديد زمن التصعيد، لا يؤدي لنتائج ملموسة للطرفين؛ لكن يضير بالإنسانية، ويزيد من الكراهية، ويؤجج مشاعر الغضب العارم من البشرية قاطبة، ويسهم قطعًا في فقد مقومات، الأمن، والأمان، والطمأنينة، على المدى القصير والبعيد، ويفتح المجال لمزيد من الصراعات، بل، يمنح الرخصة لمواجهة صور الانتهاكات بالمواجهات الدامية، واعتقد أن العقلاء دون غيرهم يدركون أن الذاكرة لا تمحى، وأن سلسلة الاعتداء غير محمودة العواقب.
رغم ما يحيط بالدولة المصرية من تحديات، وما تمر به من أزمات، وما تواجهه من ضغوطات؛ إلا أن عقيدة شعبها، واستراتيجية مؤسساتها، ودبلوماسية قيادتها السياسية، لا تحيد البتة عن ثوابت، ومبادئ، وقيم، وخلق تربينا عليه، من جيل تلو الآخر؛ فلا مجال للمراوغة، ولا حيز للجدال، ولا مكان للفصال حول أم القضايا؛ ومن ثم نؤكد مرارًا وتكرارًا، دون ملل، على أن لا أمن، ولا أمان، ولا استقرار، منتظر في المنطقة بأسرها، بعيدًا عن حل الدولتين بناءً على حدود عام (1967)، للتمكن من إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدس الشرقية، طال الزمان أم قصر.
يصعب أن تمحى ذاكرة التاريخ لدى الإنسان، وأن يجبر على الترحال من أرض ترعرع فيها، واستقرت معايشه في ظلالها، وأن يدفع بأساليب الاضطهاد والعنف، خارج وطنه؛ ليبحث عن بديل يأويه، وملاذ يحتمى فيه، والرهان على شعب عتي، تشبع بالانتماء والولاء وعشق تراب عاش في عبقه، وتشكلت هويته على ذراته وغباره؛ فصارت كرامته من بقائه في بلده؛ لذا ليس في قاموس الإنسانية، ما يسمى بالتهجير الطوعي؛ لأنه يخالف الطبيعة البشرية، ويقوض ماهية العدالة، التي نوقن بأنها ستفرض لا محالة.
جمهورية مصر العربية، بلد عظيم كبير صامد وراسخ كالجبال، لا ينال منه كاره، أو حاقد، أو متآمر، أو خائن، ولا يقبل الظلم والعدوان، على الأشقاء العزل، الذين استهدفهم المحتل بتدمير بنيتهم التحتية وبنيان أجسادهم، وإراقة دمائهم، ومحاولاته المتكررة؛ من أجل إرغامهم على التهجير القسري؛ والضمير المجتمعي يدرك مليًا أن هذا ضد الدساتير والقوانين الدولية، التي من المفترض أنها تحمي حقوق الإنسان، وتصون كرامته؛ فقد أقر من يؤمن بماهية العدل على سطح المعمورة، أن ما تقوم به إسرائيل صراحة، نمط من جرائم التطهير العرقي البغيضة.
مصر القوية صاحبة الحضارة، والتاريخ، والجغرافيا، نوقن جميعًا أنها تتفرد بالثبات في مواقفها، والمثابرة في دبلوماسيتها؛ من أجل تحقيق غاياتها المشروعة، التي لا يختلف عليها أولى الألباب، والتحمل لصعاب وتحديات تنال من رفاهية شعبها، والصبر الجميل الذي يتلوه ردة فعل، تدحر مآرب العدو، وتقهر طغيانه، وتقضي على جموح وآمال واهية له، ويتمسك بقيمه النبيلة؛ فلا يتراجع مهما بلغت الذُّرى؛ لذا لن تكون بلادنا شريكًا في الظلم، ولن تكون بوابة لتحقيق طموح المعتدي الغاصب، ولن تسمح بالفوضى، التي يخطط لها أصحاب القلوب الضعيفة والضمائر الغائبة.
نثق في قيادتنا السياسية الرشيدة، ونثمن الجهود المضنية، التي تبذلها، ومؤسسات الدولة الوطنية؛ من أجل ترسيخ العدل في المنطقة، وإقرار السلام الدائم، الذي يضمن التعايش السلمي، ونؤكد لكل من يحاول أن يقلل من الدور المصري، أن الأيام، والشهور، والسنين، أثبتت نبل الموقف، وصحة المسار، وما يتخذ من إجراءات على أرض الواقع، يتسق مع ما يجيش في صدور المصريين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus