لماذا نحتاج إلى الثقافة (24) مشروع قومى للتعريف بأعلامنا

هيثم الحاج على
هيثم الحاج على
هيثم الحاج على

في أحد لقاءاته على التليفزيون الفرنسي وجه المذيع سؤالا ليوسف شاهين كان نصه: كيف تتواءم مع فكرة أنك من أبناء العالم الثالث، فأجاب يوسف شاهين باستهجان: نحن العالم الثالث؟؟ لا بل أنتم العالم الثالث ونحن العالم الأول، لقد كنا هنا منذ سبعة آلاف عام، وقد صنعنا الحضارة في الوقت الذي كانت فيه أوروبا مجرد قبائل مرتحلة متناحرة، فأنا إذن العالم الأول الذي أتى بعده باقي العوالم.. أنت العالم الثالث"، وتابع "الحضارة ليست في المباني والآلات، الحضارة الحقيقية هي أن تتعلم كيفية التواصل مع الآخرين، الحضارة هي أن تتعلم كيف تحب وكيف تهتم".

هذه الفكرة هي الأصل في تعريف القوى الناعمة التي يمكنها أن تخلق صورة ذهنية أقرب للحقيقة في ذهن المتلقي أو المستمع الاجنبي عن مجتمعك، وهي فكرة مقترنة دائما بالتركيز على ما فعلناه وما يمكن لنا أن نفعل، وعلى تلك الأسماء التي يمكن الاعتماد عليها في التعريف بأنفسنا للآخرين.

على مدار عام تقريبا كنت على موعد مع عدة مشروعات لها علاقة بتاريخ مصر الحديث لاحظت فيها مجموعة من الأسماء التي كان لها إسهام كبير على المستوى الثقافي والمعرفي عموما من الرجال والنساء في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين، كانت لهذه الأسماء إنجازات حقيقية ليس فقط على المستوى المحلي بل على مستوى العالم في كثير من الأحيان.

من هؤلاء مثلا محمود باشا الفلكي العالم الذي كلفته جمعيات الفلك العالمية برصد كسوف الشمس الذي حدث في عام 1860، وهو نفسه أول من اقترح حساب أوائل الشهور القمرية فلكيا، ومن هؤلاء الدكتور نجيب محفوظ أحد رواد طب النساء والولادة في العالم وصاحب جراحة باسمه للناسور المهبلي وهي الجراحة التي كانت رائدة في عشرينيات القرن العشرين لدرجة حضور الجراحين الأوربيين خصيصا من أوربا لحضورها معه والتعلم من خبرته فيها.

ومن هذه الأسماء الطيارة لطفية النادي ثاني امرأة تقود طائرة بصورة منفردة على مستوى العالم، والسفيرة عزيزة دحروج أول عربية تشارك في لجان الأمم المتحدة وهي أول من طرح فكرة تنظيم الأسرة في الستينيات ونجحت في إدراجها على برنامج أعمال الأمم المتحدة، وهي من أنشأت الاتحاد العالمي لتنظيم الأسرة وأول رئيس له في أواخر السبعينيات.

يمكن لنا أن نحصر مئات الأسماء التي كان لها إسهامات فريدة على المستوى الوطني والعالمي، إسهامات كان لها أثرها الكبير في سير الحضارة الحديثة عموما وهي قائمة من الأسماء لا تنتهي.

الغريب في الأمر هو أن معظم هذه الأسماء غير معروف بالنسبة إلى كثير من المثقفين والمهتمين، وأن معظمهم لا يعرفه سوى أبناء التخصص، وهو الأمر الذي يثير التساؤل الآن: لماذا لا نعرف إنجازاتنا وأسماء علمائنا وأعلامنا؟ هل الأمر مقصود أم أن كل هذه الأسماء قد سقطت سهوا؟ لماذا تهتم وزارة التربية والتعليم بالتاريخ السياسي فقط على الرغم من أن التاريخ الحضاري المكون من هذه الأسماء وإنجازاتها يحفل بالكثير الذي تبدو أهميته الآن واضحة في بناء هوية وطنية خاصة لأبنائنا، هوية واضحة المعالم قادرة على البقاء والنمو.

ثم في النهاية هل يمكن أن أحلم بمشروع قومي يركز على منجزات هؤلاء العظماء وتعريف الأجيال الجديدة بها ربما نجد فيهم من يكمل مسيرة أحدهم، وربما يكون لك توطئة لبناء ثقة قد نجدها مفتقدة الآن لهذه الأجيال، إن مثل هذا المشروع يجب أن يقوم على التعاون الكامل بين مجموعة جهات فالمؤسسة الثقافية تعمل على جمع المواد وتنظيمها وتحريرها على أن يتم ترويجها – في صورة مقررات أو أنشطة – في المؤسسة التعليمية والشبابية والإعلامية، وعلى أن يتم نسبة كل اسم إلى إقليمه الجغرافي الخاص، ليعرف أبناء كل قرية أسماء عظمائهم وإسهاماتهم.

مثل هذا المشروع يمكنه أن يكون بمثابة تثبيت الجذور على مستوى بعيد، وبدلا من مجرد الانبهار بما فعله الغرب على مستوى تلك العلوم والفنون سيكون لأبنائنا الحق في الفجر بأن لأبناء وطنهم دور كبير في بناء الحضارة الحديثة، دور يعرفه العالم كله ونحن نجهله عن غير قصد أو بتعمد غريب.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح يدعم منتخب مصر قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا 2025 فى المغرب.. فيديو

سيدة مُسنة تحاصرها مياه الفيضانات فى أسفى بالمغرب.. فيديو

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها


تقرير مغربى: بلعمرى فى الأهلى مقابل 500 ألف دولار

صور نادرة لـ إيمان شقيقة الزعيم عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متولى

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني


اليوم السابع: كيف اغتالت الحروب مستقبل عقول الأجيال العربية؟

وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى

أحمد السقا فى ندوة اليوم السابع: بلجأ لـ منى زكى وهند صبرى فى عز أزماتى.. صور

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة سيدة في العمرانية

ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

موعد مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية فى البروفة الأخيرة لأمم أفريقيا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى