مأزق حصر السلاح في لبنان.. جلسة حكومية لعرض خطة الجيش.. حزب الله يرفض ووزراؤه ينسحبون من الجلسة.. وآخرون يلوحون بالاستقالة.. موقف الحزب يُدخل لبنان فى أزمة.. واشنطن قلقة.. الداخلية: اتخذنا إجراءات لحفظ الأمن

تجددت أزمة "حصر السلاح" في لبنان، مع اللحظات الأولى لانعقاد جلسة مجلس الوزراء اللبناني برئاسة جوزاف عون، اليوم الجمعة، في قصر الرئاسة في بعبدا؛ لعرض خطة الجيش لتنفيذ قرار حصر السلاح، وهى الخطة التي تصطدم بمعارضة شديدة من حزب الله الذي دعا السلطات إلى التراجع عنها.
انسحب الوزراء الممثلين للثنائى الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، وهم ركان ناصر الدين ومحمد حيدر وتمارا الزين وياسين جابر، إضافة إلى الوزير فادي مكي الذي اختاره رئيس الجمهورية جوزاف عون.
ومن جانبه علق وزير العمل محمد حيدر قائلا: خرجنا من الجلسة ولن نعود اليوم وقد تم نقاش البنود الثلاثة الأولى قبل دخول قائد الجيش؛ مضيفاً أن أى خيار يتخذ بغياب الطائفة الشيعية هو غير ميثاقي، ولا يمكن الحديث عن خطوات لاحقة قبل انتهاء الجلسة.
فيما لوح بعض الوزراء بالاستقالة؛ حيث قال وزير التنمية الإدارية فادي مكي، قبل مغادرته قاعة جلسة مجلس الوزراء "إذا كانت الأمور ستكون ضاغطة عليّ، وإذا لم أستطع أن أجاري قرارات الحكومة بشأن حصرية السلاح، أضع استقالتي بتصرف رئيسي الجمهورية والحكومة".
وتحاط الجلسة بأجواء التوتر؛ حيث سبقها محاولات من حزب الله لدفع أنصاره للاحتشاد بالشوارع، تأييدا لموقفه؛ فيما انتشرت في شوارع بيروت صور إعلانية تظهر كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكتب عليها "كلنا معكم، جيش واحد، سلاح واحد، دولة واحدة، عهد جديد للبنان".
وفي محاولة لتخفيف حدة هذا التوتر، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي يرأس حركة أمل إلى مناقشة مصير السلاح في إطار حوار هادئ توافقي.
وكانت الحكومة اللبنانية قد كلفت الجيش، مطلع أغسطس، بإعداد خطة لنزع السلاح في المخيمات الفلسطينية وحزب الله، خلال مدة أقصاها نهاية العام الجاري، على وقع ضغوط أمريكية، وتخوف من أن تنفذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية جديدة بعد أشهر على انتهاء مواجهة دامية بينها وبين حزب الله استمرت قرابة السنة.
وتضع الحكومة قرارها التاريخى، في إطار تطبيق التزاماتها في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بوساطة أمريكية وأنهى الحرب بين حزب الله واسرائيل في 27 نوفمبر، ونص على حصر حمل السلاح بالأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية.
وأكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أن مسار حصرية السلاح وبسط سلطة الدولة واحتكارها قراري الحرب والسلم هو مسار انطلق، ولا عودة إلى الوراء فيه.
موقف حزب الله
وكان حزب الله قد جدد أمس الأول رفضه قرار الحكومة الخاص بحصر السلاح، ودعت كتلته البرلمانية في بيان السلطات إلى أن تتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة وتمتنع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد.
ودعت كتلته البرلمانية في بيان السلطات إلى أن تتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة وتمتنع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد.
وكان الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم اتهم الحكومة بعد قرار نزع سلاحه بـ”تسليم” لبنان إلى اسرائيل.
وهدد الحزب باندلاع حرب أهلية في حال أصرت الدولة على قرارها .
قلق أمريكى
وعلى صعيد الموقف الأمريكي، تضغط واشنطن على الحكومة اللبنانية للتصرف بحزم وعدم الرضوخ لتهديدات حزب الله بالتحريض على العنف.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، بأن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حذرت، قبيل اجتماع وزاري مهم في بيروت الجمعة، من أن الوقت ينفد أمام قادة لبنان لنزع سلاح جماعة حزب الله المسلحة قبل أن يخاطروا بفقدان الدعم المالي الأميركي والخليجي العربي، وحتى حملة عسكرية إسرائيلية متجددة.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين، "القلق الأمريكى" من احتمال تراجع الحكومة اللبنانية عن اتخاذ موقف حازم تجاه حزب الله.
ويأتي هذا التحذير في وقت يصفه مسؤولون أمريكيون بأنه لحظة حرجة في تاريخ لبنان، حيث تدرس حكومة البلاد خطة لإجبار الجماعة المدعومة من إيران منذ عقود على تسليم أسلحتها.
جذور أزمة السلاح فى لبنان
وتعد مسألة نزع سلاح حزب الله قضية شائكة في لبنان منذ سنوات، وتسببت في أزمات سياسية متتالية وعمقت الانقسامات الطائفية والسياسية.
وكان حزب الله المجموعة العسكرية الوحيدة خارج القوى الشرعية التي احتفظت بالسلاح بعد انتهاء الحرب (1975-1990)، بذريعة "مواجهة إسرائيل".
فأصبح حزب الله صاحب النفوذ الأوسع على الساحة السياسية اللبنانية قبل الحرب الأخيرة، وقادرا على فرض القرارات الحكومية أو تعطيل العمل الحكومي ويتهمه خصومه باستخدام سلاحه في الداخل لفرض إرادته وترهيب خصومه.
إلا أن الحزب المدعوم من طهران خرج منهكا من المواجهة التي خاضها مع إسرائيل العام الماضي، ونتج عنها مقتل أعددا كبيرة من كبار قياداته وعلى رألأسهم حسن نصرالله؛ كما ودُمر جزء كبير من ترسانته ما أدى إلى تراجع قوته ونفوذه المحلى والإقليمى.

Trending Plus