ما وراء تصريحات نتنياهو.. والسيناريوهات المحتملة

لاشك أن بنيامين نتنياهو يتبع استراتيجيات عدة لتنفيذ مخططاته وأهدافه على كل المستويات، منها استراتيجية التضليل والكذب والخداع الاستراتيجي، ودائما ما يعتمد على التصريحات المتناقضة والمتضاربة في إطار الحروب النفسية، خاصة في ملف تهجير الفلسطينيين من معبر رفح.
وما يجب الانتباه إليه، أن هناك تصريحات يتم إطلاقه كـ"بالونة اختبار"، ولأهداف واعتبارات للتغطية عن فشله وتقليل الضغط عليه من قبل الداخل الإسرائيلى والرأى العام الدولى، ومن ضمن أدواته، مواصلة سياسة الضغط على مصر لموقفها الحاسم والواضح.
ونحن نتحدث الآن عن ما يحدث في غزة، فالوضع الميدانى، يؤكد أن إسرائيل تسيطر على ما يُقارب ثلاثة أرباع قطاع غزة، وتتحكم فى حركة السكان بين الشمال والجنوب، ورغم ذلك لم تتمكن من القضاء على حركة حماس أو تحييدها بشكل كامل، وأيضا المقاومة عاودت الظهور بعمليات نوعية أوقعت خسائر كبيرة فى صفوف الجيش الإسرائيلى، ومنها العملية الأخيرة (30 أغسطس) التى كشفت عن امتلاك المقاومة قدرات رصد ليلية مع وجود إمكانية لنشر احتياطى لتعزيز العملية.
أما الوضع العسكرى الإسرائيلى، فهناك خسائر شبه أسبوعية تؤثر سلبًا على الروح المعنوية، فضلا عن نقص ملحوظ فى القوى البشرية يشكل ضغطًا على المؤسسة العسكرية، أما الوضع السياسى الإسرائيلى، فإن هناك ضغوطا من أحزاب اليمين المتطرف (بن غفير – سموتريتش) على نتنياهو للمضى قدمًا فى احتلال غزة، مع التهديد بالانسحاب من الحكومة حال التراجع.، وبالتالي هذا يضع نتنياهو بين خيار تنفيذ المطالب أو انهيار حكومته، ليأتى الوضع الدولى، فهناك تنامى ضغوط دولية لرفض تهجير سكان غزة أو إعادة احتلالها بشكل دائم.
ولنفهم ما وراء تصريحات نتنياهو، هناك عدة عوامل تقف وراء هذه التصريحات، منها مستقبل حكومة نتنياهو الذى أصبح على المحك، والمواقف الدولية الرافضة للتهجير، وخسائر الجيش الإسرائيلى، وفعالية المقاومة، ونقص القوى البشرية، وبالتالي كل هذا يدفع إلى احتمالات نزوح جماعى نحو الحدود المصرية فى في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة داخل القطاع.
لذا، فإن هناك عدة سيناريوهات محتملة، الأول (اجتياح كامل ودفع السكان جنوبًا، من خلال إصدار أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلى، ثم تدفق سكانى ضخم نحو رفح واحتمال محاولة عبور الحدود، والسيناريو الثانى ( تجميد الوضع الميدانى) أي استمرار السيطرة الإسرائيلية على أجزاء من القطاع دون تقدم إضافى، مع استمرار عمليات المقاومة بوتيرة متقطعة واستنزاف الجيش الإسرائيلى، أما السيناريو الثالث (تهجير جزئى محدود) أي دفع عشرات الآلاف فقط نحو الجنوب دون عبور للحدود المصرية، من خلال إقامة مناطق عازلة أو مخيمات داخل غزة قرب الحدود تحت ضغط إنسانى كبير.
إذن، فإن الوضع فى غزة يتجه إلى مزيد من التعقيد، وبالتالي السيناريو الأكثر ترجيحًا هو محاولة إسرائيل دفع السكان جنوبًا، لكن قدرة المقاومة، وضغوط المجتمع الدولى، والرفض المصرى القوى، قد تؤدى إلى تجميد الموقف، والحل الأمثل لمصر هو إدارة إنسانية من داخل غزة، مع جاهزية عسكرية كاملة على الحدود.

Trending Plus