أرض الحضارة.. معبد الأوزوريون في سوهاج أسطورة فرعونية تحكي أسرار الخلود والعالم الآخر.. تم اكتشافه عام 1903.. يتكون من ممر طويل مائل طوله 60 مترًا وعرضه مترين ونصف.. وعلماء آثار: تصميم نادر.. صور

على أرض سوهاج، حيث يتنفس التاريخ بين المعابد والمقابر والمخطوطات، ويقف معبد الأوزوريون في "عرابة أبيدوس" كتحفة معمارية غامضة، يلفها السحر والرهبة، ويحيط بها الكثير من الأسئلة التي لم يجد لها العلماء إجابة حتى الآن إنه ليس مجرد معبد أثري، بل كتاب مفتوح عن عقيدة المصري القديم وفلسفته في الخلود، وقصيدة حجرية تحكي قصة أوزوريس، سيد العالم الآخر وحاكم مملكة الموتى في الميثولوجيا المصرية.
المعبد يقع خلف معبد الملك سيتي الأول، وتم اكتشافه عام 1903، لكنه ظل رغم مرور سنوات طويله مثيرًا للدهشة والجدل تصميمه المعماري الفريد جعل علماء الآثار يصفونه بـ "النادر"، إذ يتكون من ممر طويل مائل يبلغ طوله نحو 60 مترًا وعرضه قرابة مترين ونصف، يعلوه سقف نصف قبة منقوشة بأروع النصوص الجنائزية المصرية، وهو "كتاب البوابات"، الذي يشرح رحلة الروح بعد الموت، ومصيرها بين الجنة والنار، وكيفية الحساب أمام محكمة أوزوريس.
ومن الممر ينفتح المكان على قاعة فسيحة بأعمدة مربعة ضخمة، تتصل بحجرة دفن رمزية هذا التدرج في البناء يعكس فلسفة المصري القديم عن الرحلة الأبدية: من بداية الطريق، مرورًا بالاختبارات والعقبات، وصولًا إلى قاعة الحساب والخلود. كل نقش، كل عمود، وكل جدار داخل المعبد يروي قصة مختلفة عن نظرة الفراعنة إلى المصير والحياة الأخرى.
ورغم أن المعبد اكتُشف منذ أكثر من قرن، فإن أسراره لم تنكشف بالكامل حتى اليوم فهناك خلاف بين الباحثين حول زمن إنشائه هل بُني في عهد الملك سيتي الأول كجزء من معبده العظيم، أم أن تاريخه أقدم من ذلك بكثير هذه الحيرة جعلت الأوزوريون واحدًا من أكثر المعابد إثارة للأسئلة في تاريخ مصر القديم.
ما يميز المعبد أيضًا هو ندرة النقوش التي يحتويها إذ تعتبر بعض نصوصه غير موجودة في أي موقع آخر بالعالم، ما يجعله مرجعًا لا يقدّر بثمن لدراسة العقيدة المصرية القديمة. تلك النقوش لا تعكس فقط طقوسًا دينية، بل تُقدم فلسفة كاملة عن الروح، والموت، والحياة الأبدية.
ولحماية هذا الكنز النادر، وضعت وزارة الآثار ضوابط صارمة للزيارة، فلا يُسمح بالدخول إليه إلا بتصاريح خاصة، وبعدد لا يزيد عن 49 زائرًا في الجولة الواحدة، على أن تستمر الزيارة لساعتين فقط هذه الإجراءات قد تبدو متشددة، لكنها الضمان الوحيد للحفاظ على المعبد من التدهور، وحمايته من تأثير العوامل البيئية والزمنية.
زيارة الأوزوريون ليست مجرد جولة أثرية، بل رحلة روحية عبر الزمن يقف الزائر داخل المعبد محاطًا بجدران صامتة، لكنها تنطق بآلاف السنين من التاريخ كل حجر في المكان يوحي بقداسة ودهشة، وكأنك تسير في ممرات العالم الآخر كما تخيلها المصري القديم. إنها تجربة لا تنسى، تكشف عن جانب عميق من حضارة ما زالت تبهر الإنسانية بعلومها وفنونها وفلسفتها حتى اليوم.
إن الأوزوريون في سوهاج ليس مجرد أثر مدفون في كتب التاريخ، بل معلم حيّ يستحق أن يكون في صدارة برامج السياحة المصرية، ليجذب عشاق التاريخ من كل مكان فمن يقف أمامه يدرك أنه أمام إرث عظيم لا يقدّر بثمن، ورسالة خالدة من الفراعنة للعالم كله، بأن حضارتهم لم تكن فقط أهرامات وتماثيل، بل كانت فلسفة حياة وموت خلدت اسم مصر في وجدان البشرية.

الأعمدة الرئيسية للمتحف

المدخل الرئيسى للمتحف

معبد أبيدوس بالبلينا فى ابهى صورة

معبد الاوزريون

منظر عام للمعبد

Trending Plus