عامان على الطوفان.. مصر فى مواجهة جرائم نتنياهو وأوهام ومزايدات خصومه

بعد شهر تكمل الحرب فى غزة عامها الثانى، وسط غموض كبير وغياب لأى أفق، فى ظل رئاسة وزراء بنيامين نتنياهو، أحد أكثر رؤساء حكومات الاحتلال تطرفا، ومعه تيار شديد العنصرية والتطرف، يعيد سيرة الإرهابيين الأوائل، الذين مارسوا أقصى درجات الإبادة والعنف والإجرام ضد الفلسطينيين قبل عشرات السنين، مقابل تيار ليس أقل تطرفا وغرورا فى الجهة الأخرى، وفى ظل انقسام فلسطينى تغيب وتختفى عنه السياسة لصالح الشعارات والأوهام، وغرور يعجز عن تفهم لعبة السياسة فى مواجهة مناورات نتنياهو وتياره المتطرف، الذى رفع رايات الانتقام فى أعقاب طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023.
لقد أطلق طوفان الأقصى حروبا وليست حربا واحدة، ومواجهة غير مسبوقة فى الوقت والمضمون، حيث يواصل الاحتلال شن حرب إبادة على غزة، انعكست على جبهات متعددة، سياسية واقتصادية، تجاوزت المكان إلى أطراف وزوايا إقليمية، وهو ما جعلها أكثر تعقيدا مما هو ظاهر، أو سوابق لا يمكن القياس عليها، فهى حرب إبادة من طرف واحد ورد فعل ضعيف وخافت، مع تحييد جبهات ظهرت خلف الطوفان، واختفت وسط دخان التطورات على جبهات لبنان وإيران وسوريا، فيما بدا أنه أرباح للاحتلال تمثلت فى تحييد جبهات ساخنة، وخسائر للأطراف الأخرى التى ظهرت خلف الطوفان.
ومن البديهيات أن العمليات والمعارك العسكرية هى طريق لأهداف سياسية، يسعى كل طرف لتحقيقها، ولا يمكن القول إن من خطط ونفذ 7 أكتوبر حقق أيا من أهدافه، بل وفى المقابل نفذ الاحتلال حرب إبادة، وهدم أغلب مبانى وأحياء قطاع غزة، بل وعناصر الحياة فيها بشكل أعادها ثلاثين عاما إلى الوراء، وفى المقابل وبالرغم من أن نتنياهو أعلن سعيه لاستعادة المحتجزين بالحرب، وهزيمة حماس، انتقاما من عملية طوفان الأقصى، فهو لم يحقق أيا من أهدافه، غير الدمار الكامل لغزة، وقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، وتجاوز الأزمات السياسية والملاحقات القضائية، وبدا الطوفان بالنسبة له أقرب لسفينة نجاة من ضغط سياسى واقتصادى، حصل نتنياهو على قبلة الحياة، ولم يحقق خصومه غير قبلات الموت بلا أفق.
الفصائل فى غزة تقول إنها حركة مقاومة، لكن يفترض أنها حكومة تحكم القطاع منذ 2007، ومن هنا يكون التناقض فى محاسبتهم، أو طرح أسئلة عن أهداف تحققت، مقابل كل هذا الدمار، وحتى التحليلات التى ترى أن الحرب أعادت القضية الفلسطينية للواجهة، تعلم أن الفصائل لم تستغل الفرصة للتوحد والقفز على صراعات أضعفت القضية، وكان يمكن استغلال الحرب للتقارب بين الجبهات والفصائل، خاصة أن مصر بذلت جهودا ضخمة لإنجاز هذه المصالحة، طوال سنوات، وآخرها فى يوليو 2023، بجانب أن مصر بخبرتها واجهت مخططات التهجير، وصمدت فى وجه مناورات الاحتلال، وتعرضت لحروب من الأكاذيب والمزايدات ليس فقط من نتنياهو والصهاينة، بل من داخل الفصائل، ومع هذا لم تتوقف عن بذل الجهد وخوض حروبها داخل الحرب.
ومن المفارقات أن الفصائل التى تتفاوض مع العدو، تمانع التقارب والتفاوض من الإخوة، حيث المزايدة تمثل مرضا متوطنا ومزمنا لدى بعض الفصائل، وتجعل من الصعب عليهم توظيف أدوات السياسة بجانب الأدوات العسكرية، وتجاوز التباهى بانتصارات افتراضية غير مؤكدة تنسف أى ادعاءات.
مصر تخوض حروبا ضد مخططات الاحتلال وأكاذيبه، ومزايدات وأكاذيب بعض المحسوبين على القضية، مثل موسى أو الحية وغيرهما، بل ويصل العبث لظهور تحالف إخوان بنيامين الذى يترك جرائم الاحتلال، ويزايد على دور مصرى هو الأقوى فى تاريخ القضية، والأكثر جذرية، فى مواجهة أكثر مخططات الاحتلال ضراوة وخبثا.
مصر الطرف الذى يعتبر فلسطين قضيته، ويقدم المبادرات لوقف الحرب، وتوحيد الفصائل، ومواجهة التهجير.


Trending Plus