حرب غزة.. والخطر الاستراتيجى الأكبر

أخطر ما تتعرض له الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة، رغم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب التي يتم ارتكابها يوميا وقتل كل مقومات الحياة، هو اعتماد إسرائيل الحرب النفسية عبر ورقة المساعدات الإنسانية والإغاثية، على سكان قطاع غزة، فمن لا يستشهد بالقتل وبالرصاص يستشهد بالجوع، ومن لا يستشهد بأى منهما يستشهد قهرا وحسرة، نتيجة الضغوط النفسية في ظل فقدان الحياة والأمل والأحباب.
غير أن هناك مخططا آخر يسعى إليه الكيان، وهو العمل على خلق فجوة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، ودفع السكان للضغط على الفصائل للقبول بتسويات أو التخلي عن السلاح إلى جانب القصف المستمر على مناطق الميادين وإيقاع شهداء في صفوف المدنيين بشكل مستمر ويومي.
الأمر الآخر الذى يجب الانتباه إليه، مخططات العدو التوسعية، حيث لا يكتفى بالأراضى المحتلة، وإنما يسعى إلى التوسع، لأن ببساطة نجاح الكيان في احتلال غزة بشكل كامل لن يكون نهاية المطاف، بل بداية مرحلة توسعية جديدة، لذلك هو يسعى لتثبيت السيطرة على غزة، ثم تصعيد الجبهة مع سوريا، ثم الضغط على الأردن لتصفية القضية الفلسطينية عبر مشاريع التوطين، وصولا إلى استهداف الأمن القومي المصري عبر سيناء والحدود الشرقية.
وكل هذا الخطر ، وتلك المخططات، تتطلب موقفا عربيا موحدا وعدم الاكتفاء بمواقف دبلوماسية، مواقف تأتى في إطار محددات الأمن القومي العربي، الذي يُفترض أن يشمل حماية فلسطين باعتبارها خط الدفاع الأول في مواجهة التمدد الصهيوني.
وبالتالي تعلم إسرائيل جيدا أن الحسم الميداني تكلفته عالية، لكنها تسعى لتوظيف القوة العسكرية والنفسية كأداة ضغط سياسي نفسي لدفع المقاومة إلى القبول بتسويات مجحفة، تزامنا مع مراوغة نتنياهو في ملف الهدنة والتي تستهدف كسب الوقت، واستنزاف البيئة الداخلية الفلسطينية، وتحميل الأطراف العربية مسؤولية الحلول الانتقالية .
وأخيرا، فإن الخطر الاستراتيجي يتمثل في أن تتحول غزة إلى ساحة صراع دائم فيما يظل العدو المستفيد الأكبر، خارج إطار المسؤولية المباشرة كقوة احتلال، وذلك من خلال استمرار العمليات دون حسم نهائي، مع جولات تصعيد متقطعة، ما يعنى إنهاك القطاع، وإبقاء مصر تحت ضغط أمني - إنساني متواصل، وإبقاء زمام المبادرة بيد العدو.

Trending Plus