حكومة فرنسا متوفاة إكلينيكيا وانهيارها اليوم.. ماكرون مُجبر للبحث عن خامس رئيس لحكومته خلال عامين.. وزعيمة اليمين المتطرف كلمة السر فى إعدام فرانسوا بايرو سياسيا وتتطلع لاستقالة الرئيس ورئيسة المفوضية الأوروبية

تواجه حكومة فرنسا المتوفية إكلينيكيا منذ ما يقرب من أسبوعين، ظهر اليوم، تصويتًا على الثقة بشأن مقترح خفض الميزانية بمقدار 43.8 مليار يورو، والذى من شبه المؤكد أنهم سيخسرونه، ما لم يحدث تغيير مفاجئ فى موقف كتلة كبيرة من نواب المعارضة.
ومن المرجح أيضًا أن تجبر الإطاحة بالحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون على البحث عن رئيس خامس للحكومة فى أقل من عامين، فى الوقت الذى تسعى فيه باريس جاهدة إلى طمأنة الأسواق المالية بأنها قادرة على كبح جماح الإنفاق العام الجامح بشكل كاف.
كما سيكون للأزمة السياسية تداعيات تتجاوز بكثير أروقة السلطة فى باريس إذا لم يتمكن المشرعون من التوصل إلى كيفية السيطرة على الإنفاق العام الجامح والعجز الهائل فى الميزانية.
ويبدو أن مصير بايرو قد حسم فى الساعات التى تلت كشفه عن خطته للتصويت على الثقة فى أواخر الشهر الماضى، عندما أعلن زعماء من حزب فرنسا المتمردة اليسارى المتطرف، وحزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف، والحزب الاشتراكى من يسار الوسط أنهم سيصوتون لإسقاط الحكومة.
كما لا يبدو أن حملة العلاقات العامة التى شنها بايرو ولا اجتماعاته مع الزعماء السياسيين الأسبوع الماضى قد نجحت فى تحريك الأمور.
إذن ماذا سيحدث اليوم، فى البداية، يلقى بايرو ما يعرف بـ "بيان السياسة العامة"، وهو خطاب يلقى عادةً فى بداية ولاية رئيس الوزراء لعرض برنامج الحكومة الجديدة وأولوياتها، ويستخدم هذا الخطاب لتبرير ميزانيته غير الشعبية لعام 2026.
وغالبًا ما يعقب رؤساء الوزراء خطاباتهم بتصويت على الثقة لضمان دعم برامجهم، مع أنهم غير ملزمين دستوريًا بذلك، كما لم يجر بايرو تصويتًا بعد تشكيل الحكومة الديمقراطية فى يناير، وكذلك أى من أسلافه خلال ولاية ماكرون الثانية.
من ناحية أخرى، يبدو أن مارين لوبان على أهبة الاستعداد للعب دور رئيسى فى الإطاحة برئيس الوزراء الفرنسى فرانسوا بايرو، ـ لكنه على الأقل سيترك منصبه دون أن يحاول التوصل إلى تسويات سياسية مع زعيم اليمين المتطرف، كما فعله سلفه السابق ميشيل برانيه.
وبايرو، الذى لا يزال يتطلع إلى الترشح للرئاسة، والذى يبدو أن فرصه ضئيلة، يخرج من المفاوضات بشروطه الخاصة، فى حين لا يزال بارنييه يشعر بالألم بسبب الإذلال الذى تعرض له على يد لوبان.
ورغم أن بايرو قد يغادر وهو رافع رأسه أعلى قليلا من بارنييه، فإنه يبدو أيضا أنه أخطأ فى حساباته عندما راهن على أن لوبان قد يكون من الأسهل السيطرة عليها بعد إدانتها بالاختلاس والتى أدت إلى منعها من الترشح لمنصب سياسى.
كما لا يتوقف حزب لوبان عند بايرو، إذ يدعو حزبها، التجمع الوطنى، الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الاستقالة، ويريد تصويتًا بسحب الثقة من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وكانت الانتخابات المفاجئة فى عام 2024 قد انتهت بحصول التجمع الوطنى على عدد قياسى من المقاعد، لذا كان تجاهلهم مستحيلًا خاصة بالنظر إلى أنه عند تسمية بارنييه رئيسًا للوزراء، رفض ماكرون التحالف اليسارى الذى فاز بأكبر عدد من المقاعد فى المنافسة، لكنه فشل فى الحصول على الأغلبية المطلقة.
ورغم أن بايرو قد يغادر وهو رافع رأسه أعلى قليلًا من بارنييه، إلا أنه يبدو أنه أخطأ فى حساباته أيضًا عندما راهن على أن السيطرة على لوبان ستكون أسهل بعد إدانتها بالاختلاس ومنعها من الترشح لمنصب سياسي.
وبدأ بارنييه ولايته بخطوة محفوفة بالمخاطر فقد أخبر البرلمان أنه سيحترم "جميع القوى السياسية" ويتعاون معها، متجاوزا بذلك جدار الحماية غير المرئى الذى شهد لسنوات تكاتف الأحزاب السياسية الرئيسية ضد أقصى اليمين.
ولفترة طويلة، ظن فريق بارنييه أن الاستراتيجية ناجحة. وظن كثيرون أن مسار لوبان سيتبع نفس المسار الذى سلكته رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلونى، انطلاقًا من أطراف اليمين ما بعد الفاشية الأقرب إلى التيار الرئيسى، لكن شهر العسل فى هذا الزواج المبنى على المصلحة لم يدم طويلًا، وسرعان ما نشبت خلافات حول التشريعات والمناصب العليا فى البرلمان، وفقًا لمصادر مطلعة، وشعر معسكر لوبان بأنه تعرض للتضليل.
وتغير كل شيء فى 13 نوفمبر، مع محاكمة لوبان بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبى، عندما طالب الادعاء الفرنسى القضاة بمنعها فورًا من الترشح لمنصب عام لمدة خمس سنوات فى حال إدانتها، وفى النهاية، أدينت وحكم عليها بالسجن.
وفى أوائل ديسمبر، حسمت لوبان أمر إعدام بارنييه سياسيًا خلال غداء إيطالى أنيق مع تلميذها التلفزيونى جوردان بارديلا، لكن بينما صرح بارنييه بأنه سيعامل التجمع الوطنى كأى حزب آخر، إلا أنه حافظ على مسافة بينهم، ولم يلتقِ بلوبان إلا مرتين خلال فترة رئاسته للوزراء.

Trending Plus